أوكرانيا بالعربية | قـــرارات فــوق صــفـيـح ســـاخــن... بقلم حسن زايد

24.04.2014 - 03:00 #حسن زايد
فوجئت بإحدي زميلاتي في العمل غاضبة أشد الغضب من قرار رفع أسعار غاز المنازل ، لأن أسعاره ستلتهم ما زاد في مرتبها مصاحباً لقرار الحد الأدني للأجور ، وحاولت تهدئة روعها بأن ذلك في صالح البلد التي تتحمل المليارات لتغطية تكلفة الدعم . فقالت في أسي : أين الأغنياء الذين يأكلون الدعم أضعافاً مضاعفة من هذه التكلفة ؟ . فقلت لها أنهم قد قسموا الإستهلاك إلي شرائح ، وكلما زاد معدل الإستهلاك ، كلما انتقلت من شريحة إلي شريحة في الأسعار ، أي أن هناك علاقة طردية بين معدل الإستهلاك والسعر ، وبالتالي فإن الأغنياء سيتحملون العبء الأكبر . فقالت : أين الدعم هنا ؟ .

كييف/أوكرانيا بالعربية/فوجئت بإحدي زميلاتي في العمل غاضبة أشد الغضب من قرار رفع أسعار غاز المنازل ، لأن أسعاره ستلتهم ما زاد في مرتبها مصاحباً لقرار الحد الأدني للأجور ، وحاولت تهدئة روعها بأن ذلك في صالح البلد التي تتحمل المليارات لتغطية تكلفة الدعم . فقالت في أسي : أين الأغنياء الذين يأكلون الدعم أضعافاً مضاعفة من هذه التكلفة ؟ . فقلت لها أنهم قد قسموا الإستهلاك إلي شرائح ، وكلما زاد معدل الإستهلاك ، كلما انتقلت من شريحة إلي شريحة في الأسعار ، أي أن هناك علاقة طردية بين معدل الإستهلاك والسعر ، وبالتالي فإن الأغنياء سيتحملون العبء الأكبر . فقالت : أين الدعم هنا ؟ . 

فمعدلات الإستهلاك واحدة علي الجميع زادت أو نقصت ، وأن تقسيم معدلات الإستهلاك إلي شرائح سعرية لا علاقة له بالدعم  من قريب أو بعيد . بل إن رفع الأسعار قد يؤدي بالضرورة إلي الحد من القوة الشرائية المتوفرة لمحدودي الدخل ، بل قد تؤدي إلي تعجيزه ، في حين أن الأغنياء يملكون ترف الإختيار بين زيادة معدل الإستهلاك أو إنقاصه . فهل يعقل أن يقال بعد ذلك أن الدولة تراعي محدودي الدخل ، وأنها حريصة علي وصول الدعم إلي مستحقيه ؟ . فقلت لها : هناك وجه آخر قد غاب عنك . أن هذا الإجراء قد يحدث أحد أثرين . الأول : أن يستهلك الأغنياء بمعدلات الإستهلاك المعتادة ، وبالتالي سيتحملون الشرائح العليا من الأسعار ، بما يزيد من حصيلة واردات بيع الغاز التي تدخل الخزينة العامة للدولة .  

الثاني : أن يقلل الأغنياء من معدلات الإستهلاك تجنباً للتكلفة الأعلي ، وهذا يحقق وفورات في الكميات المستهلكة من الغاز يمكن توجيهها الوجهة التي تخدم مجال آخر من مجالات الإقتصاد القومي . قلت هذا وأنا أتصور أني أجبت الإجابة التي ستطفيء نار غضبها . فإذا بها تلقي في وجهي بسؤال محرج للغاية : تُري الحكومة ستتعامل مع اسرائيل والأردن بنفس الأسعار لنفس السلعة ؟ . فقلت لها لا أدري ، ولكن أتصور أنه يصعب عليها فعل ذلك ، لأن الإتفاقيات الموقعة بين مصر وهاتين الدولتين هي اتفاقيات دولية يصعب تجاوزها ، لأن تجاوزها يخضع مصر للتحكيم الدولي ، وأعتقد أن تكلفة التحكيم تفوق تكلفة إتمام الإتفاقيات إلي نهايتها . وهذا بالضرورة يدفع بأي حكومة رشيدة وفقاً للمعيار الإقتصادي أن تستوفي الإتفاقية إلي نهايتها . ومن هنا فإن السؤال لا محل له ، والقياس علي الدول قياس فاسد . 

فهزت رأسها هزة غير المقتنع . والواقع أن إجاباتي كانت إجابات من وقع علي رأسه حجر رفع الأسعار ، ومع ذلك يحاول إيجاد مخرج للحكومة . وعندما توجهت إلي البيت ، وفتحت جرائد اليوم ، فوجئت بتصريحات المصادر المطلعة ، التي ألقت بكرة اللهب في وجهي ، باعتزام الحكومة تطبيق قرار رئيس الوزراء برفع أسعار الغاز والكهرباء علي فواتير الإستهلاك . وقبل أن أفيق عاجلتني تصريحات مصدر مسئول هذه المرة ، ولكن من وزارة البترول ، بزيادة سعر البنزين ، حيث يتم رفع البنزين 80 من 85 قرشاً إلي 185 قرشاً مع رفع كفاءته إلي 85 ، ومبرر الزيادة يدعو إلي العجب ، حيث ذهب المصدر إلي القول بأن زيادة سعر بنزين 92 وحده سيؤدي حتماً إلي خلل كبير بزيادة الطلب علي بنزين 80 ، وربما تظهر سوق سوداء لبيعه . إذن الدافع لرفع بنزين 80 هو في الأساس اعتزام الحكومة رفع بنزين 92 من 185 قرشاً إلي 285 قرشاً . كلام مقنع في الحقيقة يدفعنا إلي التساؤل عن الدافع وراء رفع أسعار بنزين 92  أصلاً . 

هل لأنه البنزين الذي يستخدمه الأغنياء ؟ . لا أدري . ومع أنني لا أنتمي لشريحة الأغنياء فإنني أُمون سيارتي ببنزين 92 لأن ابني وصف بنزين 80 عندما رغبت في الإستفادة من رخص سعره بأنه " مية طرشي " . ولا أدري ما قيمة الكارت الذكي فيما يتعلق بمسألة الدعم ؟ . زد علي ذلك تصريح نفس المصدر المسئول بأنه من بين المقترحات زيادة سعر السولار من 110 قرش إلي 200 قرش ، لماذا ؟ . لمحاولة تخفيف الضغط عليه من ناحية ، ولأنه يستحوذ علي 50% من مخصصات الدعم سنوياً من ناحية أخري . وعندما تحدثت مع زوجتي في هذا الأمر ،قالت لي : " انتظر اشتعال أسعار كل شيء ، لأن تكلفة النقل تضاف حتماً إلي سعر السلعة ، وأخطر أنواع السلع التي ستتعرض للفح لهيب الأسعار المواد الغذائية ، وعلي الأخص الخضروات ، فكل السلع يجري نقلها من مقر تصنيعها إلي تاجر الجملة ، ومن تاجر الجملة إلي تاجر التجزئة ، والنقل يتم بسيارات تستهلك البنزين والسولار ، فكيف سيكون الوضع ؟ " . 

فقلت في نفسي هل تم اتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة علي الوضع في حال حدوث انفلات مجتمعي نتيجة انفلات الأسعار في ظل مستوي الأجور المتدني الذي تعاني منه الطبقتين الوسطي والدنيا ، وعجز الحكومة عن هيكلة الأجور علي نحو عادل ؟ . وهل تفجير الدمامل في الجسد المصري سيغطي علي اشتعال الأسعار؟ . فالنشر عن قضايا اغتصاب الأطفال ، وفضيحة بلدية المحلة ، وفيلم حلاوة روح ، وترك الإخوان يعيثون في الأرض فساداً ، والإعلان عن جيش مصر الحر ،هي نفس أدوات مبارك لتمرير السياسات والقرارت الكارثية التي كان يرغب في تمريرها في ظل انشغال الشعب ولحظات غفلته . 

فهل عاد ذات المنطق ليحكم منظومة العمل الحكومي ؟ . وهل من المناسب حالياً اتخاذ إجراءات جراحية لمعالجة الإختلالات الهيكلية للإقتصاد المصري ؟ وهل ستمر سياسة الصدمات دون آثار جانبية في الوقت الراهن ؟ . وإن كانت الدولة تملك القدرة علي انتهاج سياسة الصدمات والتدخل الجراحي لمعالجة الإختلالات ، فلما لا تفعل ذلك حيال الطبقة الكادحة ومشاكلها المزمنة ؟ . بالمناسبة ، نفي مصدر حكومي ما صرح به المصدر المسئول . علي نفس طريقة مبارك في بالونات الإختبار .


حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

Share post:
Main news
Europe
Russia Violates the Geneva Conventions. Executions and Torture of Ukrainian Prisoners of War
Ukraine
MAIN POSITIONS OF INFORMATION RESPONSE EXPLAINING COMPLEX THINGS IN SIMPLE WORDS
Ukraine
Finnish businesses to join Ukraine’s reconstruction efforts
Finnish businesses to join Ukraine’s reconstruction efforts
Look for us on Facebook
Look for us on Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.