أوكرانيا بالعربية | أوكرانيا ... صراعات خارجية وتوترات داخلية... بقلم د. مولود عبدالله رقيبات

تلقي الازمة القائمة في اوكرانيا منذ اكثر من شهر بظلالها على السياسة الاقليمية والدولية بشكل ملحوظ وكبير خاصة بعد لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو الاسبوع الماضي فيما يتعلق بدول الاتحاد السوفياتي السابق والتي تعتبر روسيا الوريث الاول لهذا الاتحاد.تعيش اوكرانيا اليوم مرحلة صعبة ومعقدة وسط تجاذبات دولية غربية وامريكية من جهة وروسية من جهة اخرى .

كييف/أوكرانيا بالعربية/تلقي الازمة القائمة في اوكرانيا منذ اكثر من شهر بظلالها على السياسة الاقليمية والدولية بشكل ملحوظ وكبير خاصة بعد لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو الاسبوع الماضي فيما يتعلق بدول الاتحاد السوفياتي السابق والتي تعتبر روسيا الوريث الاول لهذا الاتحاد.تعيش اوكرانيا اليوم مرحلة صعبة ومعقدة وسط تجاذبات دولية غربية وامريكية من جهة وروسية من جهة اخرى . 

هذه الازمة بدأت فعليا بعد قرار الحكومة الاوكرانية تجميد مساعي الشراكة مع اوروبا والدخول الى حلبة الاتحاد الاوروبي الذي تعتبره المعارضة خطوة عملية من اجل التكامل الاقتصادي مع اوروبا و بدء مرحلة جديدة لاوكرانيا   مرحلة العيش بالمعايير الاوروبية وقوانينها  ، وسرعان ما اتخذت الازمة بعدا سياسيا على المستوى الخارجي ، حيث بدأت الاحلاف الخارجية دعمها سواء للنظام الشرعي القائم او للمعارضة في الساحات والشوارع الى ان وصل الامر بالمعارضة الى المطالبة باسقاط الحكومة والرئيس والدعوات لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة . 

المشهد السياسي والواقع في الساحات يشير بشكل لا يقبل الشك ان المعارضة تحذو نفس النهج الذي اختطته ما سمي الثورة البرتقالية في العام 2004 ولعل لرئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو والمسجونة حاليا في اوكرانيا الدور الابرز في تغذية هذه الاحتجاجات والدعوات ظنا منها بامكانية عودتها وعودة البرتقاليين الى الحكم وهو ما لن يحدث في ظل التطورات السياسية العالمية ومركز روسيا القوي في المحافل الدولية وشعور الاوكران انفسهم بعدم جدية تيموشينكو التي انشقت مباشرة عن حليفها فيكتور يوشينكو حال وصول البرتقاليين الى الحكم 2005 وتقربها من روسيا والرئيس بوتين . 

اذا لا يثق الشعب وخاصة المعارضة اليوم بيوليا تيموشينكو . في المقابل نرى روسيا الجارة لاوكرانيا لا تقف اليوم كما في العام 2005 و2004 موقف المراقب للمشهد والصراع الدائر في اوكرانيا ، فهي اليوم تتخذ الاجراءات كافة وبمختلف السبل للحيلولة بان لا يكون للغرب اي نفوذ سياسي او اقتصادي في اوكرانيا التي تعتبرها  الحديقة الخلفية  لها لان روسيا ترى بمثل هذا النفوذ تهديدا لمصالحها وامنها القومي الذي لن تسمح ولا باي حال من الاحوال لاحد المساس به، فلذا نجد الرئيس الروسي بوتين والذي تحظى بلاده بمركز اقتصادي وسياسي قوي يسارع الى لقاء الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو  الاسبوع الماضي لاعادة ترتيب العلاقات الثنائية والتي تستند على اسس المنفعة المشتركة والمصالح القومية للبلدين والشعبين ، هذا اللقاء اثمرتوقيع عددا من الاتفاقيات لعل اهمها الدعم المالي الروسي البالغ 15مليار دولار للاقتصاد الاوكراني وتخفيض اسعار الغاز الروسي المسلم لاوكرانيا بمعدل الثلث اضافة الى رفع القيود المفروضة على التجارة البينية وهو ما اعتبرته الحكومة الاوكرانية خطة روسية قوية لانقاذ الاقتصاد الاوكراني الذي عانى  من المصاعب بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة التي ورثتها هذه الحكومة من النظام البرتقالي السابق. فالصراع هنا كما نرى ليس مجرد توترات داخلية ومظاهرات احتجاجية بقدر ما هو صراع نفوذ روسي غربي اميركي وهذا الصراع له ابعاده التاريخية والجغرافية وتضارب المصالح الروسية والغربية في اوكرانيا الغنية بمواردها الطبيعية وخاصة الفحم والزراعة اذ كانت اوكرانيا ابان الحقبة السوفياتية تشكل سلة الغذاء السوفياتي كاملا ويسجل التاريخ كيف كانت القوات الالمانية ابان الحرب العالمية الثانية تنقل التربة الاوكرانية بالقطارات الى المانيا لخصوبتها واستثمارها وهو ما يؤكد المصالح الروسية في هذه الدولة القريبة من حدودها وتقطنها نسبة عالية ربما تفوق الاوكران من الروس خاصة في المناطق الشرقية من اوكرانيا حيث تتركز الصناعات والانتاج الحربي الاوكراني وهو ما يدفع روسيا للتدخل وبشكل سريع لحماية مصالحها الحيوية وملايين الروس هناك ، اذ ترتبط روسيا بعلاقات وطيدة مع اوكرانيا تاريخيا سواء في الصناعات المشتركة او تواجد الاسطول الروسي في البحر الاسود على شواطئ اوكرانيا والذي تم التمديد له حتى العام 2042. لقد نجحت روسيا والرئيس بوتين في الحيلولة دون وصول البرتقاليين للحكم في اوكرانيا والابقاء على اوكرانيا ضمن اطار مصالحها التاريخية والجغرافية الاستراتيجية والنأي بها عن ابتلاع الغرب لها من خلال الاتحاد الاوروبي الذي ترى فيه روسيا منظمة ضعيفة ورجلا مريضا يبحث عن العلاج في الخارج. 

فالعلاقة الاوكرانية الروسية تاريخية وابعد واعمق بكثير من العلاقة مع الغرب الحديث فبالاضافة الى السكان الروس الذين يشكلون الغالبية العظمى في الجزء الشرقي لاوكرانيا والذي يعتبر القوة الاقتصادية الاكبر في البلاد ، هذا الجزء تاريخيا كان يتبع روسيا القيصرية في حين كان الغرب الاوكراني الفقير بموارده خاضع للملكة البولندية وهو ما يدفع بالقيادة الاوكرانية للتعقل وترى مصالحها مع الروس لا مع الاتحاد الاوروبي والغرب الذي يرى في اوكرانيا مصدرا للثروات والايدي العاملة الرخيصة التي يجب استغلالها لمصالح الغرب والشعوب الاوروبية اولا، في حين ترى روسيا في اوكرانيا الدولة المستقلة والقوية بتحالفها مع روسيا ودول المنظمة الاورواسيوية ( بيلاروسيا وكازاخستان وروسيا). فالازمة كما سبق وقلنا ليست توترات داخلية بل هي صراعات دولية وصراع مصالح دفعت ببعض السياسيين الحالمين من بقايا نظام يوشينكو وفساد يوليا تيموشينكو للاعتقاد بانه وعن طريق تغذية هذه التوترات يمكن العودة الى الوراء وتحقيق احلام الغرب بعودة حلفائهم الى سدة الحكم وبالتالي توجيه التهديد المباشر لروسيا والضغط عليه لتوريد الغاز الى اوروبا بالاسعار التفضيلية الرخيصة وسحب الامتيازات الروسية من اوكرانيا لصالحها والتحكم بها كليا او جزئيا وهو ما عملت روسيا على احباطه وتفتيته بالتعاون مع القيادة الاوكرانية ووقوف روسيا بصلابة بوجه المخططات الغربية الخبيثة ليتكلل موقفها بالانتصار وعودة الحياة الى طبيعتها في العاصمة الاوكرانية كييف بالتدريج وباقي مناطق اوكرانيا وسحب السجادة من تحت الاقدام الغربية التي تسعى الى تمزيق اوكرانيا وتحويلها الى مشاريع تقسيم غرب وشرق اوكرانيا وربما دولة القرم ..هذا الحلم لن ولن يتحقق ما دام هناك روسيا ورجل اسمه فلاديمير بوتين.


د. مولود عبدالله رقيبات

المصدر: السوسنة


Share post:
Main news
Europe
Russia Violates the Geneva Conventions. Executions and Torture of Ukrainian Prisoners of War
Ukraine
MAIN POSITIONS OF INFORMATION RESPONSE EXPLAINING COMPLEX THINGS IN SIMPLE WORDS
Ukraine
Finnish businesses to join Ukraine’s reconstruction efforts
Finnish businesses to join Ukraine’s reconstruction efforts
Look for us on Facebook
Look for us on Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.