باعنا الأميركيون واشترانا الروس.. لماذا يقاتل الضباط الأفغان في أوكرانيا؟

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ بعد استيلاء حركة "طالبان" الأفغانية على السلطة منتصف أغسطس/آب 2021، كان الجندي "متين" ضمن مجموعة من جنود الجيش الأفغاني الذين لاذوا بالفرار وحطوا رحالهم في أوكرانيا. لقد قاتل متين سابقا حركة طالبان طيلة سنوات قبل الانسحاب الأميركي، وخاض معارك طاحنة في مقاطعات أفغانية عديدة، حتى وجد نفسه مُجرَّدا من مهامه القتالية قبل عام ونصف، ونازحا في أوكرانيا، التي أمل أن تكون محطة مؤقتة ينتقل منها للاستقرار في الولايات المتحدة أو بريطانيا أسوة بغالبية رفاقه من أبناء الجيش. وبينما مكث متين في انتظار انتهاء أوراق لجوئه، شنَّت روسيا حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، فأُوقِفَت كل المعاملات في البلاد، ومن ضمنها إجراءات سفره للخارج.

مع مرور الشهر الأول على الحرب، لم يتردَّد متين في أن يصبح واحدا من جماعة قليلة من الأفغان تطوَّعت للقتال مع 20 ألف مقاتل أجنبي استعانت بهم كييف من أجل مقاومة الغزو الروسي. ولأن الحرب جزء من الحياة اليومية لمعظم الأفغان، وبالأخص إذا كانوا مقاتلين سابقين، لم يكن قرار متين مُستغربا، لا سيما وهو يعرف أن القوات الروسية غَزَت بلاده في يوم من الأيام وشنَّت حربا دموية فيها لعشرة أعوام تقريبا راح ضحيتها أكثر من مليون أفغاني. بيد أن ما يثير الاستغراب بالفعل معرفة أن العدد الأكبر من الجنود والضباط الأفغان السابقين، الذين تركتهم القوات الأميركية لمصيرهم بعد انسحابها من أفغانستان عام 2021، وبعد عقدين من إغداق الموارد عليهم وتدريبهم للقتال؛ قرروا الانضمام للقتال إلى جانب روسيا في الحرب الأوكرانية الجارية.

الأفغان في المعركة الروسية

على مدار عشرين عاما منذ غزوها أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، عكفت الولايات المتحدة على بناء وتجهيز وتدريب قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية. ومن أجل تمكين هذه القوات من محاربة حركة طالبان، التي تحالفت مع تنظيم القاعدة آنذاك، أنفقت واشنطن ما يقارب 90 مليار دولار، حتى بات هناك ما بين 20-30 ألفا من القوات الخاصة الأفغانية بمنزلة نخبة عسكرية تباهت الحكومة الأفغانية بتدريبها على يد القوات الخاصة للبحرية الأميركية، المعروفة باسم "سيل" (SEAL)، والقوات الخاصة لسلاح الجو البريطاني.

ومع بدء تنفيذ قرارها بالانسحاب من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، حاولت واشنطن نقل هؤلاء الجنود والضباط إلى خارج البلاد على اعتبار أنهم مُعرَّضون للخطر من قِبَل حركة طالبان، التي تولت زمام الحكم. ومن أجل ذلك، أنشأت الولايات المتحدة جِسرا جويا ضخما وُصِف بأنه أكبر عملية من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، وتمكَّنت واشنطن عن طريقه من إجلاء نحو 130 ألف أفغاني وأجنبي من البلاد. بيد أن الجسر الجوي الأميركي لم ينقل سوى بضع مئات من كبار ضباط القوات الخاصة الأفغانية، تاركا السواد الأعظم من أفراد هذه القوات وجها لوجه في مواجهة زحف طالبان. فقد تم إجلاء نحو ألف من القوات الخاصة الأفغانية إلى الولايات المتحدة، بينما تمكَّن عدد قليل آخر من الوصول إلى أوروبا وتركيا، فيما تُرِك نحو 20 ألفا منهم داخل أفغانستان.

سرعان ما غيَّر هؤلاء ولاءاتهم، فقاتل بعضهم في صفوف جماعات المعارضة، مثل جبهة المقاومة الوطنية، التحالف السياسي والعسكري المناهض لطالبان الذي يقوده أحمد شاه مسعود واتخذ من وادي بانجشير مركزا لعملياته، بل ولجأ عدد قليل منهم إلى القتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية بولاية خراسان، فيما فرَّ عدد كبير منهم إلى الدول المجاورة، وبالأخص إيران وباكستان، حيث يقيمون في انتظار الحصول على لجوء في إحدى الدول الغربية بحُكم علاقاتهم الوثيقة السابقة بالتحالف الأميركي.

مع توافد الآلاف من الجنود والضباط الأفغان السابقين على إيران، أُثيرت مخاوف أميركية عديدة من نقل ما يملكه هؤلاء من معرفة فريدة بتكتيكات وتدريبات الجيش الأميركي إلى خصمه اللدود إيران، ما يُشكِّل خطرا أمنيا كبيرا على الولايات المتحدة. فمن السهل على هؤلاء أن ينقلوا معرفتهم المؤسسية بالجيش الأميركي، بما في ذلك آليات جمع المعلومات الاستخباراتية الحساسة، إلى إيران أو غيرها من أعداء الولايات المتحدة إذا ما تواصلوا معهم. وكما جاء في تقرير للنائب "مايكل ماكول"، العضو الجمهوري بلجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، فإن كارثة إجلاء الأفغان قبل عام ونصف عرَّضت الأصول الاستخباراتية الأميركية للخطر، بما فيها القوات الخاصة الأفغانية، إذ "يمكن أن يُشكِّل (هؤلاء) خطرا على الأمن الأميركي إذا أُكرِهوا أو جُنِّدوا للعمل مع أحد خصوم واشنطن، بما في ذلك الجماعات الإرهابية الدولية مثل الدولة الإسلامية (بخراسان) أو دول مثل الصين وروسيا وإيران".

سرعان ما أثبتت الأحداث أن تخوُّفات المسؤولين الأميركيين كانت في محلها، حيث بدأ يتَضِح في الأشهر القليلة الماضية أن القوات الخاصة الأفغانية، التي نفذت سابقا غارات متطورة على طالبان وحملت العبء الأكبر في الحرب الأميركية على الحركة الإسلامية، انتقل بعض رجالها للقتال إلى جانب روسيا، العدو اللدود للأميركيين والغرب كله هذه الأيام، بعد أن تلقى المئات منهم عروضا سخية شملت ضمان حياة آمنة لهم ولذويهم، وكذلك حصولهم على الجنسية الروسية.

أحد هؤلاء المقاتلين هو "يادغار"، وهو من قادة الفِرَق العسكرية بالجيش الوطني الأفغاني سابقا، وقد بذل محاولات مضنية لضمان أجر مقبول نظير انضمامه إلى ما يسميه هو ومتطوعون آخرون "الجيش الروسي الحر"، حيث استطاع الوصول إلى اتفاق مع ضابط الارتباط الروسي كي يتقاضى 7000 دولار أميركي شهريا نظير خدمته وبعض رجال وحدته في ساحة المعركة الأوكرانية، بحسب التصريحات التي أدلى بها لموقع "ستار"، وهو راتب ضخم مقارنة بما يحصل عليه الجنود والضباط النظاميون الذين تمنحهم موسكو رواتب لا تزيد عادة على 2500 دولار. ويعود ذلك إلى طبيعة المهام التي أُوكِلَت إلى يادغار، حيث يقود الآن 400 ضابط سابق من القوات الخاصة الأفغانية، كما أنه يتمتع بعلاقات قوية مع الجنود الأفغان السابقين تساعده في عملية التجنيد. هذا وبات عشرات النازحين من الضباط الأفغان السابقين يصطفون أمام السفارة الروسية بطهران هذه الأيام لطلب المعلومات حول إجراءات التجنيد للمشاركة في الحرب الأوكرانية.

لا تُعَدُّ إغراءات الحرب الأوكرانية الحافز الوحيد لعودة هؤلاء إلى ساحات المعارك التي لم يألفوا غيرها، بل وهناك أيضا الحياة البائسة في إيران التي فرَّ إليها الآلاف من القوات الأفغانية، لا سيما وهي تعاني جراء أزمتها الاقتصادية العنيفة واحتجاجاتها غير المسبوقة. ففي العاصمة الإيرانية، وفي مدينة مَشهَد القريبة من الحدود الأفغانية، عاش هؤلاء لاجئين غير نظاميين بعد أن دخلوا إيران مع عائلاتهم إبَّان سقوط حكومتهم دون تأشيرة دخول. ومن ثمَّ فهم مُهدَّدون في كل دقيقة بالترحيل، ولا يسعهم عيش حياة طبيعية في إيران، وأطفالهم مثلا لا يُمكِن تسجيلهم بالمدارس الإيرانية.

وقد قادت هذه الجهود جماعة "فاغنر" القتالية الخاصة المقربة من الكرملين والمكوَّنة من مُرتزقة يقاتلون لصالح روسيا، التي تلعب دورا بارزا في الحرب على أوكرانيا. وتأمل موسكو أن تستعين بخبرات الضباط الأفغان السابقين بعد أن أظهرت المعارك طيلة العام الماضي أن الضباط الروس لم يبلوا بلاء حسنا على أرض المعركة أمام المقاومة الأوكرانية المدعومة غربيا. وقد أكدت مصادر إعلامية أن نحو ثلث أفراد القوات الخاصة الأفغانية السابقة باتوا يقاتلون لصالح روسيا بالفعل.

طهران قاعدة لتجنيد الأفغان

بالنظر لتاريخها الطويل في استخدام غير الإيرانيين في حروبها بالوكالة، بما في ذلك في سوريا والعراق واليمن، لم تكُن المشاركة في تجنيد الأفغان لمجهود حربي آخر أمرا جديدا بالنسبة لطهران. فقد أجبر الإيرانيون اللاجئين الأفغان على القتال معهم في حربهم مع العراق في الثمانينيات، وفي الحرب السورية الحالية، اضطلع فيلق القدس الإيراني بتدريب وتجنيد ما يسمى بفرقة "فاطميون"، وهي ميليشيا قوامها من الشيعة الأفغان وعددهم يقارب 20 ألف مقاتل اليوم. ولذا، امتلكت إيران على مرِّ السنين معرفة مُمنهجة في هذا المضمار، بل وشكَّلت شبكات وعلاقات أتاحت لها تعبئة أعداد كبيرة من المقاتلين الأفغان في وقت قصير.

واليوم، هناك العديد من الدوافع التي ربما تحفز إيران لمواصلة هذا النهج، لا سيما صراعها مع الولايات المتحدة، وتعثُّر مفاوضاتها مع الدول الغربية لإحياء البرنامج النووي والعقوبات الخانقة على البلاد، وكلها عوامل تدفع القادة في طهران لتكريس تحالفهم مع موسكو في اللحظة الراهنة للضغط على الدول الغربية، ونتيجة لذلك فإنهم لم يدخروا جهدا مثلا في تزويد الروس بطائرات "شاهد" المُسيَّرة محلية الصنع، وهي مُسيَّرات "انتحارية" تنفجر عند اصطدامها بالهدف، وساعدت القوات الروسية في قصف أهداف عديدة داخل أوكرانيا.

بالمثل، ومن أجل مساعدة موسكو على تغطية نقص الجنود الروس المقاتلين في أوكرانيا، غضت طهران الطرف عن جهود تجنيد الجنود والضباط الأفغان الموجودين على أراضيها للمجهود الحربي الروسي، بل ويُعتقد أنها لعبت دورا نشطا في دعمها. كانت جهات في طهران تنقل معلومات الجنود، مثل أرقامهم الهاتفية وتفاصيل خبراتهم العسكرية السابقة، إلى القادة الروس، حتى يتسنى لهم انتقاء مَن أرادوا منهم. وعلاوة على ذلك، تشير مصادر غربية إلى افتتاح مكاتبَ للتجنيد في طهران وفي مدينة مشهد القريبة من أفغانستان لاستقطاب المهتمين بالخدمة العسكرية لصالح روسيا، وهي مكاتب تحدَّث عنها صراحة بعض الجنود والضباط الأفغان ممن جُنِّدوا بالفعل، وحملتهم الطائرات الروسية جوًّا إلى أوكرانيا.

باعنا الأميركيون.. واشترانا الروس

قبل عدة أشهر، تمكَّن جندي سابق في الجيش الوطني الأفغاني من الفرار إلى إيران لتجنُّب احتمالية إعدامه أو تعذيبه من قِبَل طالبان. وبينما مكث الرجل بدون تصريح إقامة في إيران وتوالت على مسامعه أخبار بأن عناصر الحركة أخذوا يفتشون منزله في أفغانستان، عُرِض عليه الانضمام للقتال إلى جانب الروس في أوكرانيا، فلم يتردد بقبول العرض.

تحدَّث الجندي الذي أخفى هويته إلى صحيفة "ستار" الكندية عن الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية للجنود الأفغان السابقين في إيران وباكستان وطاجيكستان، حيث يعمل الفارُّون من أفغانستان مقابل ثلاثة أو أربعة دولارات في اليوم الواحد، ومن ثمَّ جاءهم العرض الروسي بمزايا لا يمكن رفضها، لا سيما وعناصر طالبان لم تكفَّ عن ملاحقة عناصر الجيش والشرطة الأفغانية السابقة داخل البلاد. وبحسب ما قالته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، قُتل أكثر من 100 جندي أفغاني أو اختفوا قسريا بعد ثلاثة أشهر فقط من تولي طالبان زمام الحكم. ورغم وعود العفو من الحركة، وثَّقت الأمم المتحدة في تقرير لها 160 عملية قتل خارج نطاق القانون، و178 حالة اعتقال لمسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد أقل من ثلاثة أشهر على وصول الحركة إلى الحُكم.

إلى جانب الظروف الأمنية الخطرة والأحوال الاقتصادية الصعبة، يبدو أن هناك دافعا آخر لقبول التجنيد لصالح روسيا، وهو الشعور بالخيانة والخذلان في صفوف جنود وضباط القوات الخاصة الأفغانية، إذ يشعر هؤلاء بالسخط الشديد على الحكومة الأفغانية السابقة التي قاتلوا من أجلها ثم سرقت ما طالته أيديها من أموال خُصِّصَت للجيش قبل فرارها. ويثبت ذلك تقرير حديث صادر لـ"بيزنس إنسايدر" يوثق ما فعله المسؤولون الأفغان السابقون، حيث هرَّبوا ما يقرب من مليار دولار من الذهب والنقد إلى خارج البلاد مع قُرب انهيار حكومتهم، تاركين الجنود والضباط وجها لوجه مع حركة طالبان دون ترتيب سياسي يُحصِّنهم، ودون قاعدة دعم مالي تُبقيهم على قيد الحياة حال اختاروا الفرار مثل مسؤوليهم.

أما الجزء الأكبر من الغضب والسخط في صفوف الجنود والضباط الأفغان فهو من نصيب الولايات المتحدة التي تركتهم وراءها وانسحبت غير عابئة بمصيرهم. ففي وقت قصير، عزمت الولايات المتحدة على الانسحاب الكامل، ونفذت قرارها بسرعة غير متوقعة وبطريقة غير مدروسة بعناية، ومن ثمَّ وجد الجيش الأفغاني السابق نفسه عاجزا عن العمل على أرضه، وغير قادر على صيانة أنظمة الأسلحة المعقدة التي تم تزويده بها، وهو ما تسبب في انهياره سريعا. وقد قال أحد ضباط القوات الخاصة في حوار مع موقع "بزنس إنسايدر": "إن الأميركيين والأوروبيين هم الذين سلَّمونا إلى طالبان. صدقوني، أحد أسباب ذهابي للقتال ضد أوكرانيا هو أنني أفهم أن الأميركيين والدول الأوروبية متورطون في الحرب، وأنا أقاتل ضد أوكرانيا انتقاما منهم، لأخبر الأميركيين والأوروبيين أن تدريباتكم العسكرية (التي حصلت عليها في أفغانستان) ستؤدي إلى فشلكم في حرب أوكرانيا".

في ضوء ذلك، يتساءل الخبراء العسكريون إذا ما كانت مشاركة القوات الخاصة الأفغانية ستؤدي إلى تغيير ملموس في ساحة المعركة الأوكرانية، وإذا ما كان اختلاط التكنولوجيا الروسية بتجربة القوات التي درَّبتها واشنطن بنفسها على مدى 20 عاما سيكون كفيلا بتعزيز فرص روسيا في قلب موازين الحرب. في النهاية، علينا القول إن الشهادات المتعددة التي نُقِلَت عن الجنود وضباط القوات الخاصة الأفغان تُظهِر أنهم مستعدون للعمل لصالح روسيا في أي مكان، وليس في أوكرانيا فقط، ما يعني أنهم عازمون على الاستمرار في وظيفتهم العسكرية التي لا يتقنون سواها، وسيقاتلون لصالح البلد الأكثر اهتماما بهذه النوعية من المقاتلين، والأقدر على منح الرواتب والحوافز. وكما قال يادغار في حواره: "أنا أحب أن أرتدي الزي العسكري.. أريد بندقية وفِرقة مقاتلة وقيادة عسكرية وقتالا، ولا يهمني أين يكون ذلك القتال".

بقلم ميرفت عوف.

نقلاً عن الجزيرة.

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

 

Поділитися публікацією:
Читайте також
سياسة
قديروف يطلق تصريحات جديدة معادية لأوكرانيا ورئيسها
سياسة
صحيفة: مئات الآلاف من الروس غادروا بلادهم منذ بدء حرب أوكرانيا
سياسة
شميهال يعلن بيع الأصول الروسية المصادرة في أوكرانيا
سياسة
برلسكوني يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا مجدداً
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.