أوكرانيا بالعربية | سراب الأفكار الجديدة... بقلم د. فوزي الأسمر

كثرت التحليلات والتسريبات والتخمينات حول أهداف زيارة الرئيس الأمريكي ، باراك أوباما ، لإسرائيل وللدولة الفلسطينية ، وحول الأفكار التي يحملها . كما زادت التصريحات المتناقضة الصادرة عن وزير خارجيته الجديد ، جون كيري البلبلة في فهم التحركات الأمريكية الجديدة .

كييف/أوكرانيا بالعربية/كثرت التحليلات والتسريبات والتخمينات حول أهداف زيارة الرئيس الأمريكي ، باراك أوباما ، لإسرائيل وللدولة الفلسطينية ، وحول الأفكار التي يحملها . كما زادت التصريحات المتناقضة الصادرة عن وزير خارجيته الجديد ، جون كيري البلبلة في فهم التحركات الأمريكية الجديدة .

ففي تصريح لكاري يقول أن على الرئيس السوري بشّار الأسد أن يذهب ، ومن ثم تصريح آخر يقول أن كيري يحمل أفكارا طازجة بالنسبة لسوريا .وظهرت هذه الأفكار الطازجة والتي تتضمن قيام الولايات المتحدة بمساعدة المعارضة السورية ولأول مرة بشكل مباشر ، بدلا من الدول الوسيطة التي كانت عبارة عن حلقة إتصال تقوم بتقديم الخدمات للولايات المتحدة .

ولكن هذا الخبر، والذي تصدر صحيفة " واشنطن بوست "بتاريخ 27 شباط/فبراير 2013 لم يكشف القناع عن نوع المساعدات التي ستقدم أمريكا للمعارضة السورية ،وهل سيكون ضمنها أسلحة ثقيلة أم لا ؟ فقد سبق لكيري تصريح يرفض فيه قيام الولايات المتحدة بتزويد المعارضة السورية "بالأسلحة الثقيلة " تمشيا مع سياسة الإدارة الأمريكية الحالية . وجاء في المقال أن أمريكا ستقدم للمعارضة أسلحة خفيفة وإحتمال تقديم التدريبات العسكرية بالإضافة إلى مساعدات انسانية ، كلها بشكل مباشر وبدون وسيط .

وقد إعتبر بعض المحللين السياسيين الأمريكيين هذه الخطوة التي تجيء بعد سنتين من إندلاع القتال في سورية ، بمثابة تحول في الموقف الأمريكي، الذي حاول أن لا يكون مشاركا فعليا في الصراع الدائر ، كما أن هذا الموقف نزع الرصيد من دول خليجية كانت تقوم بهذه الخدمة .

هذه البلبلة ليست ناتجة من فراغ إن لم تكن متعمدة لغرض في نفس يعقوب . هناك عدة نقاط فيها ملفتة للنظر رغم عدم التطرق لها من جانب المراقبين للأمور. فتزويد المعارضة بالأسلحة الخفيفة معناه أن الولايات المتحدة معنية باستمرار الصراع المسلح ، بدون حسم لأي طرف من الأطراف المتصارعة.

ويقول مصدر أمريكي رفيع المستوى ،أن الرئيس أوباما آت إلى المنطقة ليصغي ويراقب ما يدور . ولكن إذا صدق ما بثّ بأنه سيقوم بزيارة لرام الله فهذا معناه إعتراف منه بالدولة الفلسطينية غير الكاملة التي صوتت إدارته ضدّ قيامها في الإجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة . وهذا التحرك سيغضب بلا شك إسرائيل ، التي ليس فقط تعارض قيام مثل هذه الدولة ، بل إنها ألحقت بالفلسطينيين العقاب لتجرأهم التقدم بهذا المشروع للأمم المتحدة .

وزيارة أوباما للدولة الفلسطينية قد تفهم أيضا على أنها تأكيد لما أشيع في حينه ، أن الولايات المتحدة ، ورغم تصويتها ضدّ مشروع الدولة الفلسطينية غير المتكاملة ، إلا أنها لم تقم كعادتها ، عندما تكون إسرائيل واقعة في ورطة دبلوماسية ، بمطالبة حليفاتها ، والدول الواقعة تحت نفوذها بعدم التصويت لصالح المشروع أو على الإمتناع عنه . وهو موقف غير عادي .

ورغم أن الرئيس أوباما يريد أن يصغي ويراقب ، فالمفهوم من هذا الإصطلاح هو تأكيد على موقف الرئيس ، بانه يتطلع إلى حلول سياسية وليس مواجهة عسكرية أو حلا قصريا ،فهل هذا يعني إلى أننا ندخل الآن في حقبة المفاوضات الجدية ؟ وهل تعيين كيري وتشاك هيغل في منصبين كبيرين يعني أن أوباما جاد في مساعيه ؟ تاريخ الولايات المتحدة خلال الستين سنة الأخيرة تشير إلى عكس ذلك .

فحسب ما سربت بعض المصادر الأمريكية، فليس أمام أوباما لحل المشكلة الفلسطينية ، التي تشكل أساسا لإستمرار التوتر في المنطقة ، سوى إمكانيتين : إما العمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مع حل لقضية اللاجئين ، وإما قيام دولة واحدة للشعبين . والحلان مرفوضان من جانب إسرائيل ، على الرغم من تشدق بنيامين نتنياهو أنه موافق على إقامة دولة فلسطينية ، تضع إسرائيل أسسها .

وإقامة الدولة الواحدة مرفوض أمريكيا ، وإسرائيليا ، على الرغم من زيادة نسبة الذين يرون أن هذا الحل هو الحل الذي يمكن أن يستمر دون صراع متواصل . أما حل الدولتين فقد غرس بعض التفاؤل عند الكثيرين خصوصا بعد التوقيع على إتفاقية أسلوا عام 1993في حديقة البيت الأبيض . بل إن هذا الحل قبل دوليا ، وقبلته الكثير من الدول العربية والإسلامية ، ولكن سرعان ما قررت مجموعة معارضة لهذا المشروع ، وضع حد له ، فقامت بإغتيال أب الفكرة الإسرائيلي إسحاق رابين .

ولكن الكثير من الدول العربية والإسلامية ، والتي كانت ترى بالمشكلة الفلسطينية عبء عليها ، وجدت أنه من المهم بمكان الإستمرار في هذا الإتجاه ، خصوصا وأن القيادة الفلسطينية موافقة عليه ،فهو يشكل الصيغة التصفوية للقضية برمتها . ولكن إنتفاضة الحجارة التي اجتاحت الأراضي الفلسطينية المحتلة أثبتت أن الشعب الفلسطيني غير راض عن هذا الحل، وأن حل الدولتين لا يعطيه حقوقه التي قدم مئات الشهداء من أجل الحصول عليه .

إذن فأمام أوباما أن يستعمل ضغطا حقيقيا لتنفيذ أي من الحلين ، إذا أراد تنفيذ السلام في الشرق الأوسط. فهل بمقدوره القيام بهذه المهمة ، والتي فشل في تحقيقها كل الرؤساء الذين سبقوه ؟

هل في إستطاعة أوباما تحويل السراب الأمريكي إلى واقع ملموس بالنسبة للشرق الأوسط ؟ لغاية الآن كل الخطوات التي اتخذت باءت بالفشل لأنه لم يكن هناك ضغط حقيقي وراء التحرك



د. فوزي الأسمر

كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن.



المصدر : أوكرانيا بالعربية


Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.