أوكرانيا بالعربية | مصر فوهة بركان.. والانفجار وشيك جدا... واقتحام الدبابات لرابعة العدوية عنوان الحرب الاهلية... بقلم عبد الباري عطوان

مصر تقف على حافة "بركان" ربما يكون الاخطر في تاريخها الحديث. فبعد دعوة الفريق الاول عبد الفتاح السيسي الشعب المصري للتظاهر يوم غد الجمعة لمنحه تفويضا مفتوحا للتصدي للارهاب باتت الحرب الاهلية الدموية على الابواب.

كييف/أوكرانيا بالعربية/مصر تقف على حافة "بركان" ربما يكون الاخطر في تاريخها الحديث. فبعد دعوة الفريق الاول عبد الفتاح السيسي الشعب المصري للتظاهر يوم الجمعة لمنحه تفويضا مفتوحا للتصدي للارهاب باتت الحرب الاهلية الدموية على الابواب.

الجيش المصري يريد "تصحيح" او "اكمال" الحلقة الاهم من انقلابه العسكري، فبعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، يريد الآن "اجتثاث" حركة الاخوان المسلمين من الحياة السياسية تماما، مستخدما الشرعية العسكرية، مغلفة بما يطلق عليه انصاره بالشرعية الثورية الشعبية، التي تتقدم في رأيهم على شرعية الانتخابات الديمقراطية الحرة والنزيهة، وحكم صناديق الاقتراع بالتالي.

من الواضح ان الجيش انحاز الى الليبراليين والعلمانيين، واستخدمهم كورقة قوية لاخفاء صفة الشعبية على انقلابه، مستدركا حاجتهم الملحة للاطاحة بالرئيس مرسي وحركة الاخوان التي ينتمي اليها، ومستغلاً الاخطاء الكبرى التي وقع فيها الجانبان في العام الاول من حكمهما، وهي الاخطاء التي احدثت حالة من السخط في اوساط قطاع عريض من ابناء مصر.

اطراف عديدة داخلية وخارجية وقفت في خندق الجيش المصري لتحقيق هذا الهدف، فعندما يرفض توني بلير منظر المحافظين الجدد وصف انقلاب الجيش المصري بالانقلاب، ويطلق عليه تسمية الثورة الشعبية، وعندما تسارع ثلاث دول عارضت الثورة المصرية للاطاحة بنظام الرئيس مبارك بتقديم 12 مليار دولار لدعم الفريق السيسي، وهي السعودية والكويت ودولة الامارات، فان هذا يعني ان هناك عمقا عربيا ودوليا داعما لتحرك الجيش، بالاضافة الى العمق الليبرالي الداخلي الممثل في جبهة الانقاذ المعارضة.

هناك تشابه كبير بين تحرك الجيش الجزائري لالغاء نتائج انتخابات عام 1991 البرلمانية التي فاز فيها التيار الاسلامي، وتحرك الجيش المصري للاطاحة برئيس منتخب واجتثاث حزبه تحت عنوان مكافحة الارهاب والعنف. ولا نعرف ما اذا كان الجيش المصري قد اقام معسكرات اعتقال مفتوحة لاستيعاب الآلاف من عناصر الاخوان مثلما فعل نظيره الجزائري.

لا نستبعد، بل لا نستغرب، اذا ما تجاوب ملايين المصريين لنداء الفريق السيسي للتظاهر دعما لانقلابه، ومنحه التفويض الذي يريده، ولا نستغرب او نستبعد ايضا ان يفعل انصار حركة الاخوان الشيء نفسه، وهم الذين دعوا انصارهم ايضا للنزول الى الشوارع مساء اليوم (الخميس) لتجنب الصدام والمواجهة في خطوة حكيمة من جانبهم حقناً للدماء، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن "اليوم التالي"، اي يوم ما بعد المظاهرات والمظاهرات المضادة، والسيناريو الذي لا بد ان قيادة الجيش اعدته للتعاطي مع حركة الاخوان التي اعلنت الحرب عليها؟

لا نملك اجابة واضحة، ولكن ما يمكن الجزم به هو ان الجيش المصري عندما يطلب دعما شعبيا لمواجهة الارهاب والعنف، فانه لا يقصد الارهاب في سيناء وانما "الارهاب" المتمثل في اعتصام ميدان رابعة العدوية، فبعد اعتقال الرؤوس الكبيرة لحركة الاخوان، لا بد من "تهشيم" قاعدتهم الشعبية وكسر ظهرها، ولذلك لن يكون مفاجئاً اذا رأينا دبابات الجيش تقتحم الميدان المذكور لفض اعتصام الاخوان بالقوة، مما قد ينجم عنه سقوط قتلى وجرحى بالمئات وبصورة اكبر من ضحايا مجزرة بوابة الحرس الجمهوري، التي كانت في نظر الكثيرين مجرد "بروفة" صغيرة، او عملية تدريب لمجزرة اكبر قادمة.


لا شك ان مصر تعيش حالة من الانقسام غير مسبوقة، وان الجيش سيجد ملايين من المصريين المستائين من حرب المظاهرات وتعطيل الحياة العامة الى جانبه، ولكن هؤلاء ليسوا كل الشعب المصري وربما ليسوا نصفه وهنا تكمن المعضلة الكبرى. غياب شيخ الازهر، وبابا الاقباط، وعدد من زعماء الاحزاب المصرية مثل ايمن نور وعمر الحمزاوي، عن حوار المصالحة الذي دعا اليه الرئيس المؤقت عدلي منصور يؤشر الى ان الغطاء الديني الذي تمتع به الجيش في الفصل الاول من انقلاب في الثالث من يوليو الحالي قد جرى سحبه، وهذا تطور خطير لا يمكن التقليل منه او من دوافعه.

الفريق السيسي، ورغم احترامنا له، لا يمكن مقارنته وانقلابه مع ثورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والا لما دعمته المملكة العربية السعودية التي عادت الاخير وجرته الى حرب دموية في اليمن، فالرئيس عبد الناصر، ورغم تسليمنا ببعض الاخطاء التي شابت ثورته، كان يملك مشروعا مصريا داخليا وعربيا ودوليا، يهدف الى تحرير المنطقة باسرها من الاستعمار الغربي، والتصدي للمشروع الاسرائيلي وتعميق العلاقات مع افريقيا ودول العالم الثالث، والدوائر الثلاث التي رسمها في اليوم الاول لثورته، كانت واضحة للعيان، ولعل تصديه للاقطاع، وتطبيقه للاصلاح الزراعي من العلامات الفارقة التي اعترف بها، واهميتها، اعداؤه قبل اصدقائه.


الفريق السيسي لا يملك اي مشروع عربي او اسلامي، وكل ما تحدث عنه في خطابه الاخير هو التصدي للارهاب، وهو مشروع غامض، واذا كانت لديه اهداف اخرى فعليه ان يعلنها، فلم يأت على ذكر اسرائيل على الاطلاق، واغلق جميع الانفاق، شرايين الحياة لمليوني فلسطيني، وفرض تأشيرات دخول على السوريين واطلق العنان لاجهزة الاعلام المصرية لشيطنة الطرفين، اي الفلسطينيين والسوريين، رغم معارضتنا الشديدة لقرار الرئيس مرسي اغلاق السفارة السورية وليس الاسرائيلية في القاهرة.

نتمنى ان لا يذهب الجيش المصري بعيداً في التصدي لاعتصام رابعة العدوية، وان تكون خشيتنا في وقوع مجازر في غير محلها، فهؤلاء ابناء مصر ايضاً، وان اختلفنا معهم عقائدياً، ولا بد من حقن دمائهم وعدم اقصاء حركتهم من الحياة السياسية اذا كنا نريد لمصر الامن والاستقرار.


نضع ايدينا على قلوبنا، ونحن نعد الدقائق والساعات في انتظار خطوة الجيش التالية، فبعد مظاهرات الثلاثين من حزيران (يونيو) الماضي تدخل الجيش واطاح بالرئيس مرسي واعتقله في مكان مجهول، فكم من الآلاف سيعتقل من انصاره يوم السبت او الاحد المقبلين بعد مظاهرات الغد (الجمعة)؟

نحن مع الجيش المصري في حفظه للامن القومي المصري، والحفاظ على قوته وتماسكه، لانه جيش ليس لمصر فقط وانما للامة العربية باسرها، واحد الركائز الاساسية بل والوحيدة، للدولة المصرية ووحدة ترابها الوطني، ولكننا لسنا مع انحيازه لطرف ضد آخر في المعادلة السياسية، واطاحة رئيس منتخب وصل الى الحكم بارادة شعبية، فهو جيش لكل المصريين دون اي استثناء.

نصلي من اجل مصر ووحدتها الوطنية، وشعبها الطيب، لان اليومين القادمين هما الاخطر، نصلي من اجل حقن الدماء، وبما يؤدي الى المصالحة الوطنية الحقة وتصفية النفوس من اي احقاد او نزعات ثأرية.


عبد الباري عطوان

رئيس تحرير القدس العربي سابقا

محلل سياسي وكاتب عربي



Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.