أوكرانيا بالعربية | لعـبـة الكـراسـي... بقلم حـسـن زايـد
30.06.2014 - 19:03
كان لدي يقيناً دائماً ، بأن الكراسي لا تصنع رجالاً ، وإنما الرجال هم الذين يصنعون الكراسي ، فكم من رجال اعتلوا كراسي فوضعوها علي علوها ، وكم من رجال اعتلوا كراسي فرفعوها علي وضاعتها . ومن هنا كان القول بأن الرجال هم صانعي الكراسي وليس العكس . وقد صدقت هذه المقولة في أعلي المناصب وأرفعها شأواً في الدولة ، وهو منصب رئيس الجمهورية ، فقد اعتلي مرسي كرسي الرئاسة ، وفي يده مقاليد السلطة كلها ، ومع ذلك لم يصنع الكرسي منه رئيساً ، بل إنه حط من قيمة الكرسي وهيبته ، وكان عبئاً ثقيلاً عليه ، فوضعه بعد رفعته ، وما نفعته السلطات المخولة له علي رحابتها . لم يستطع مرسي أن يعي معني منصب رئيس الجمهورية ، وأنه يمثل مصر ، وأنه حين يتحدث أو يسكت ، وحين يعبس أو يضحك ، وحين يتحرك أو يسكن ، وأنه حين يلتفت يمنة أو يسري ، أو يقدم أو يحجم ، فإن مصر هي من يفعل ذلك . كييف/أوكرانياب العربية/كان لدي يقيناً دائماً ، بأن الكراسي لا تصنع رجالاً ، وإنما الرجال هم الذين يصنعون الكراسي ، فكم من رجال اعتلوا كراسي فوضعوها علي علوها ، وكم من رجال اعتلوا كراسي فرفعوها علي وضاعتها . ومن هنا كان القول بأن الرجال هم صانعي الكراسي وليس العكس . وقد صدقت هذه المقولة في أعلي المناصب وأرفعها شأواً في الدولة ، وهو منصب رئيس الجمهورية ، فقد اعتلي مرسي كرسي الرئاسة ، وفي يده مقاليد السلطة كلها، ومع ذلك لم يصنع الكرسي منه رئيساً، بل إنه حط من قيمة الكرسي وهيبته، وكان عبئاً ثقيلاً عليه، فوضعه بعد رفعته ، وما نفعته السلطات المخولة له علي رحابتها . لم يستطع مرسي أن يعي معني منصب رئيس الجمهورية ، وأنه يمثل مصر ، وأنه حين يتحدث أو يسكت ، وحين يعبس أو يضحك ، وحين يتحرك أو يسكن ، وأنه حين يلتفت يمنة أو يسري ، أو يقدم أو يحجم ، فإن مصر هي من يفعل ذلك .
لم يستطع أن يقنع نفسه بنفسه أنه رئيس ، ليس لديه الثقة الكاملة في ذلك ، ولم يشعر أنه سيد المنصب ، ومهيمناً عليه . فليس هناك رئيس جمهورية ينتظر القرارات والأوامر والتعليمات من رئيس آخر يشعر معه بالدونية ، لقد كان مرسي يفعل ذلك وهو مغمور حتي أذنيه بهذا الشعور . ولذا لم يستطع ـ ولم يكن له أن يستطيع ـ أن يقنع غيره بأنه الرئيس ، لم يكن لديه الإحساس والشعور الذي يمكن أن ينتقل للأخرين من خلال ذلك الحبل السري بين الرئيس وشعبه .
ليس هذا علي المستوي المحلي فحسب ، وإنما لمسناه حتي علي المستوي الدولي ، فلو رجعنا بالذاكرة إلي الوراء ، ونظرنا في استقباله في موسكو ، أو في ألمانيا ، أو في أثيوبيا ، أوحتي في مؤتمر القمة العربية ، لأدركنا علي الفور أنه فشل في نقل الإنطباع إلي الغير بأنه الرئيس ، لسبب بسيط أنه فاقد لهذا الإحساس أو الشعور ، وفاقد الشيء لا يعطيه . ولا يعني هذا الحط من قيمة الرجل كأستاذ جامعي ، وإنما فقط بيان لإمكانياته وقدراته التي تقف عند هذا الحد . ولعل مقارنة بسيطة بين مرسي والمستشار عدلي منصور تكشف علي نحو فاضح الفرق الهائل بين الرجلين ، فعدلي منصور قَبِل منصب رئيس الجمهورية علي نحو مؤقت في أصعب ظرف تاريخي تمر به مصر في العصر الحديث محلياً ودولياً ، ولو عُرض الأمر علي مرسي في ظل نفس الظروف لفر هارباً . أعاد عدلي منصور لخطابات رئيس الجمهورية وقارها وهيبتها ومعناها ، حيث كان يزن كلماته بميزان من يعي الهدف ،أين تصيب الكلمة ؟ ومن تصيب ؟ ولماذا ؟ لا تزيغ كلمة عن الهدف أو تنحرف عنه ، لأن مصر هي من يتكلم . كانت حركات الرجل وسكناته ، كلماته وسكتاته ، نظراته ولفتاته ، كل أولئك كان بالمسطرة والقلم ، لأنه يدرك أنه رئيس مصر ، وأنه في النهاية هو المسئول ـ محلياً ودولياً ـ بصفته رئيساً للدولة المصرية .
لم يخف ولم يرتعش ولم يفقد تماسكه ، وإنما تصرف بثقة من يهيمن علي الأمر ، ونقل هذا الإنطباع إلي الآخرين . وأظن أن الرجل قد ترك أثراً هائلاً في تاريخ مصر ،علي قصر مدته . لقد شعر معه المصريون بأن لهم رئيساً ، تفاعلوا معه وتفاعل معهم ، وانفعلوا به ، وانفعل بهم . ومن هنا قيل أن الرجل أعاد للمنصب هيبته ووقاره ، رجل صنعه كرسي الرئاسة ، لأن الكرسي صادف رجلاً من الذين يصنعون الكراسي . ولما غادر الرئاسة علي نحو غير مسبوق في تاريخ مصر لم تسلبه المغادرة المكانة والقيمة كشأن آخرين . لعلنا بذلك ندرك الفرق بين الرجلين ، وهو فارق يستعصي علي القياس بالمقاييس التقليدية . أما الرئيس السيسي فحدث ولا حرج ـ ليس تزلفاً أو نفاقاً ـ لأنه في الأصل خريج المدرسة الوطنية ، مصنع الرجال .
وحين نطلق علي القوات المسلحة عبارة مصنع الرجال ، فليس ذلك من قبيل المبالغة ـ أو التحيز ـ وإنما تقرير لواقع معلوم ومشاهد ، وليس في حاجة إلي إقامة الدليل علي صحته . فهؤلاء الرجال يتعلمون فنون القيادة في المدارس العسكرية والمعاهد والكليات العسكرية ،ليس تعليماً نظرياً ، وإنما تدريباً عملياً وممارسة فعلية . ويتدرجون في مستويات القيادة طوال مدة خدمتهم . إنها مدارس تعيد صياغة وبناء الشخصية المصرية من جديد . فالرجل العسكري رجل مصنوع وفقاً للمعايير العلمية المتعارف عليها . ولا معني للمقارنة بين رجل تربي في أحضان جماعة مناهضة للدولة تمارس عملاً سرياً في الظلام ، ورجل تربي في أحضان مؤسسة وطنية من مؤسسات الدولة .
رجل قضّي حياته في العمل خارج إطار القانون ، ورجل قضّي حياته في العمل في إطار القانون . رجل يسعي إلي تخريب مؤسسات الدولة لإحلال مؤسساته محلها ، ورجل يعمل علي حماية مؤسسات الدولة وصيانتها . والفرق بين التربيتين واضح وضوح الشمس ، لأن الفرق بين الجماعة والدولة في التربية ، كالفرق بين مؤسسة الأحداث والمدرسة النموذجية ، لا شك أن المنتج سيكون مختلفاً كل الإختلاف . ومن هنا فإن المقارنة لاريب أنها ستكون ظالمة ، لأنها ليست بين متماثلين ، وإنما بين عالمين مختلفين .
حسن زايد
Читати всі новини
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية
Головні новини
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Facebook
Шукайте нас на Twitter
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.