أوكرانيا بالعربية | بوتين يتعاون مع الغرب في سوريا منطلقاً لحل نهائي في أوكرانيا... بقلم نزار عبدالقادر

أثبت لقاء موسكو بين فلاديمير بوتين وجون كيري في 15 كانون الأول/ديسمبر، الجاري وجود نيّة لدى الطرفين للتفاهم حول سوريا، وهوالأمر الذي تأكّد لاحقاً من خلال القرار الدولي 2254 بالإجماع في 18 من الشهر نفسه، ويرسم القرار خريطة الطريق ويحدد روزنامة زمنية لحل سياسي في سوريا. هذا التطور المتسارع يُعتبر مفاجأة بحجم المفاجأة التي أحدثها التدخُّل العسكري الروسي في سوريا.

كييف/أوكرانيا بالعربية/أثبت لقاء موسكو بين فلاديمير بوتين وجون كيري في 15 كانون الأول/ديسمبر، الجاري وجود نيّة لدى الطرفين للتفاهم حول سوريا، وهوالأمر الذي تأكّد لاحقاً من خلال القرار الدولي 2254 بالإجماع في 18 من الشهر نفسه، ويرسم القرار خريطة الطريق ويحدد روزنامة زمنية لحل سياسي في سوريا. هذا التطور المتسارع يُعتبر مفاجأة بحجم المفاجأة التي أحدثها التدخُّل العسكري الروسي في سوريا.

من المفيد القيام بمراجعة شاملة للتدخُّل العسكري الروسي بغية استطلاع «الاستراتيجية الكبرى» التي يعتمدها بوتين على المستويين الدولي والإقليمي.

في أواخر أيلول/سبتمبر 2015 بدأت روسيا عملياتها الجوية ضد المعارضة السورية تحت شعار الحرب على الإرهاب. كان التدخل الروسي مفاجئاً، كما أنه حوّل الصراع في سوريا الى حرب بالوكالة، وفتح احتمال حصول مواجهة في الجو مع طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وهذا ما أدى لاحقاً الى إسقاط تركيا قاذفة روسية.

تحولت روسيا منذ بدء عملياتها الجوية الى لاعب كبير في الأزمة السورية، وبات من الضروري أن تتعامل معها الولايات المتحدة وشركاؤها بحذر وجدية.

لقد فاجأت روسيا الولايات المتحدة وأوروبا مرة جديدة بعد مفاجأة تدخُّلها في أوكرانيا في آذار/مارس 2014، ويبدو أن موسكو "نجحت" من خلال ذلك في التغطية على نشاطاتها المهددة للإستقرار في أوكرانيا.

وأرادت روســـيا على رغم ما تواجهه من مشكلات داخلية ومن تراجـــع اقتصادي أن تثبت للغرب بأنها لـــن ترضى أن تكون قوة متوسطة أو إقليمية ينحصر نشاطها ونفوذها في الدول المجاورة لها، بل تطمح لإستعادة دورها كقوة «عظمى» تشارك في صنع القرارات الدولية المهمة.

كان على الولايات المتحدة أن تُدرك مضمون التحذيرات التي كان يطلقها بوتين، والتي بدأت في شباط/فبراير 2007 في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث اتهم واشنطن بلعب دور ضاغط على الصعيد العالمي بما يؤثر سلباً على مصالح موسكو.

وجاءت الإشارة الأقوى في "دفاع" موسكو عن دورها في التدخل العسكري الروسي في جورجيا عام 2008 من أجل منع إلتحاقها بحلف الناتو وعاد بوتين وكرر المشهد في أوكرانيا عام 2014.

وأكد بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 أهمية دور بلده في أزمتي أوكرانيا وسوريا، كما أشار الى الخلافات الجوهرية مع أميركا، خصوصاً في ما يعود لمستقبل الرئيس بشار الأسد، لكن هذه الخلافات لم تمنع بوتين بعد اجتماعه مع الوزير جون كيري من الموافقة على المشاركة في محادثات نيويورك والعمل على استصدار قرار دولي من مجلس الأمن حول سورية.

تتركز العقبة الأساسية الأخرى في التعاون في الحرب على الإرهاب بين موسكو وواشنطن حول تصنيف المنظمات الإرهابية. وظهر هذا الأمر بقوة في إنتقادات موسكو قرارات مؤتمر المعارضة السورية في الرياض بعد مشاركة عدد من التنظيمات العسكرية المعارضة، وتمثيلها في الوفد المفاوض.

صحيح أن التدخُّل الروسي في سوريا جاء بهدف إنقاذ نظام الأسد بعدما واجه مجموعة من هزائمه المتلاحقة خلال عام 2015. وكان بوتين أشار في تشرين الأول/اكتوبر 2015 الى هواجسه من أن يؤدي سقوط النظام السوري الى سيطرة المنظمات الإرهابية على كامل سوريا وهو الأمر الذي يتعارض مع نظرة موسكو بضرورة الحفاظ على الدول القائمة في المنطقة.

لا بد من الإشارة الى أن ربط بوتين التدخل الروسي بمستقبل الدول في المنطقة هو بمثابة انتقاد مباشر للموقف الأميركي، وإشارة إلى تخلّي واشنطن عن حليفها حسني مبارك وتدخُّل قوات الأطلسي في ليبيا لقلب نظام القذافي. وفي نظر بوتين إن ما تشهده سورية والعراق وشمال أفريقيا هو نتيجة مباشرة لسوء السياسات الغربية في التعامل مع الأنظمة في المنطقة.

ولا يقتصر هدف تدخُّل موسكو في سوريا على الحفاظ على مصالحها في هذا البلد الذي ترتبط معه بعلاقات استراتيجية منذ عام 1970، بل تسعى موسكو لأن تكون لها كلمتها في تقرير مصير النظام المقبل، والحفاظ على نفوذها معه.

والرسالة الإستراتيجية التي أرادت موسكو أن ترسلها الى العواصم العربية تتركز على أنها تدعم استقرار الأنظمة ومنع حصول مزيد من الانهيارات والفوضى.

ويبدو بأن الرسالة وصلت الى العواصم العربية وإلى اسرائيل، وهذا ما تفسّره الزيارات التي قام بها قادة مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والكويت ودولة الإمارات وإسرائيل الى موسكو لتوقيع اتفاقيات اقتصادية أو عقود شراء السلاح.

أما بالنسبة لإسرائيل فإنها ترى بأن التدخل الروسي في سوريا سيصب في نهاية المطاف في مصلحة أمنها سواء بقي الأسد أو رحل.

ادعت روسيا في بداية تدخلها في سوريا بأنها تحارب الإرهاب، لكن استهدافها الكثيف للتنظيمات المعتدلة والمدعومة من الغرب، كشف بما لا يقبل الشك بأن هدفها الحقيقي مساعدة النظام لاستعادة المواقع الاستراتيجية التي خسرها، ولكن على رغم كثافة القصف لم تحقق قوات النظام وحلفاؤها أي اختراق فعلي في عملياتها البرية.

ولا يمكن لموسكو تجاهل مفاعيل التساقطات السامة لعملياتها على المستويين الداخلي والدولي، خصوصاً بعد أن تسبّبت الغارات في تهجير عشرات آلاف المدنيين وزيادة ضغوط الهجرة باتجاه أوروبا. تأخذ العمليات الروسية طابع مساعدة الأقلية العلوية ضد الأكثرية السنّية، وسيترتّب على ذلك ارتدادات على الداخل الروسي وقد يدفع مزيداً من المقاتلين من روسيا ومن آسيا الوسطى للإلتحاق بصفوف «داعش».

السؤال الذي لا بد من طرحه: هل فكّر بوتين بعمق قبل إطلاق العملية العسكرية بكيفية إنهائها وتجنب الإنزلاق الى حرب باهظة الأثمان؟

يبدو من العمل الديبلوماسي بعد اجتماعات فيينا وزيارة كيري الأخيرة الى موسكو واجتماع نيويورك وصدور قرار مجلس الأمن، بأن استراتيجية بوتين باتت تهدف الى البحث عن حل سياسي للأزمة السورية، كمنطلق لشراكة جديدة مع الولايات المتحدة وأوروبا، بحيث يمكن استثمارها في حل مختلف القضايا العالقة بدءاً من الأزمة الأوكرانية.

لكن التحديات والعقبات للتوصل الى حل ما زالت قائمة، ويبدو أن الطرفين مقتنعان بضرورة العمل على تضييق الفجوة بين موقفيهما، خصوصاً بالنسبة إلى مستقبل الدولة السورية وطبيعة نظامها الجديد.

نزار عبدالقادر

باحث لبناني في الشؤون الاستراتيجية

المصدر: الحياة

 

Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.