أوكرانيا بالعربية | أوكرانيا ستبقى مفتاح الأزمة والحل... بقلم رشا عبد الوهاب

,, وجه حلف شمال الأطلنطي «الناتو» خلال قمته التي عقدت في العاصمة البولندية وارسو رسائل متضاربة حيال الأزمة الأوكرانية والعلاقات مع روسيا. رسالة تصعيد ضد موسكو تمثلت في إعلانه نشر قوات عسكرية في البلطيق وشرق بولندا للمرة الأولى لوقف التدخلات الروسية في هذه المناطق التي تحتمي بأوروبا، كما حملت في الوقت ذاته رسائل تهدف إلى تأكيد ضرورة الحوار مع موسكو.

كييف/أوكرانيا بالعربية/وجه حلف شمال الأطلنطي «الناتو» خلال قمته التي عقدت في العاصمة البولندية وارسو رسائل متضاربة حيال الأزمة الأوكرانية والعلاقات مع روسيا. رسالة تصعيد ضد موسكو تمثلت في إعلانه نشر قوات عسكرية في البلطيق وشرق بولندا للمرة الأولى لوقف التدخلات الروسية في هذه المناطق التي تحتمي بأوروبا، كما حملت في الوقت ذاته رسائل تهدف إلى تأكيد ضرورة الحوار مع موسكو.

وعلى الرغم من أن أوكرانيا كانت «نقطة الارتكاز» الأساسية في هذه الرسائل، إلا أن الناتو استخدم أيضا السياسة ذاتها مع أوكرانيا، وعلى الرغم من التاريخ الطويل لمطالب كييف للانضمام للحلف الأطلنطي التي بدأت عام 1993، إلا أن الحلف اشترط تحقيق إصلاحات ومكافحة الفساد من أجل تحقيق هذا المطلب على الرغم من تأكيد وقوفه إلى جوارها ماديا ومعنويا حتى يتحقق السلام بين الشرق الانفصالي وكييف.

وعلى مدى أكثر من عامين على أحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم تعرضت روسيا لعقوبات غربية حيث اعتبر الغرب أن مسألة الضم انتهاك لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. وبدأت تلوح في الأفق رياح «حرب باردة» جديدة ضد روسيا، وانهالت التهديدات والتحذيرات والعقوبات الأمريكية، وحذا حذوها الاتحاد الأوروبي، كما تم فرض عقوبات على أوكرانيا بسبب استخدام العنف ضد المتظاهرين وقمع الاحتجاجات.
الناتو وأوكرانيا يتهمان روسيا بشن صراعات باردة في دول شرق أوروبا، وبعد تنفيذ اتفاق مينسك للسلام في أوكرانيا، وخلال العامين الماضيين حاولت روسيا الوقوف على قدميها في مواجهة التهديدات الغربية والحشد العسكري على حدودها ونشر الدرع الصاروخية من قبل الناتو، وفي مواجهة العقوبات وتأثيراتها الاقتصادية. وخلال قمة الناتو الأخيرة في وارسو قدمت دول الحلف وعودا بالدعم المستمر لأوكرانيا لكن ظل حلم الانضمام للحلف بعيد المنال في ظل محاولات الغرب التقارب مع روسيا، خصوصا أن الحلف يدفع باتجاه موقف أكثر ليونة تجاه موسكو وسط نفاد صبر متزايد باتجاه ما يرونه تقدما بطيئا في تحديث الاقتصاد ومحاربة الفساد في أوكرانيا.

(سياسات العصا والجزرة) يتبعها الحلف مع روسيا.
ففي الوقت الذي يهدد فيه في قمة وارسو يعقد قمة «روسيا- الناتو» لأول مرة منذ عامين، والتي اعترف خلالها ينس ستولتنبرغ الأمين العام للحلف أن الناتو سيظل على خلاف مع روسيا حول أوكرانيا لكنه يدرس اقتراح الكرملين بتقليل مخاطر الحوادث الجوية فوق بحر البلطيق.

والمفارقة أنه لم يتم خلال الاجتماع مناقشة الأزمة الأوكرانية نهائيا، وقال ستولتنبرغ: إنه بعد نحو ثلاث ساعات من المباحثات بين سفراء دول الحلف الـ28 ونظيرهم الروسي ألكسندر غروشكو لم يسجل تطابق في وجهات النظر»، وهو ما أقر به غروشكو أيضا، فلا اتفاق حول أوكرانيا. وفي الوقت ذاته كثفت الدول الأوروبية من «دبلوماسية الهاتف» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أعقاب القمة حيث أجرى الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والفرنسي فرانسوا أولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتصالات هاتفية مع بوتين حول الوضع في أوكرانيا.
المحادثات الهاتفية التي استمرت 45 دقيقة بين الرئيس الروسي من جهة وميركل وأولاند من جهة أخرى ركزت على السلام في أوكرانيا، ووضعت شروطا أمنية للوصول إلى هذا الهدف، بينما دعا بوتين إلى تعزيز الجهود الرامية لإجراء محادثات حول المسألة الأوكرانية.

وفي مواجهة تهديدات الناتو الذي يضم فرنسا وألمانيا، وقفت مجموعة النورماندي التي تضم كلا من روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا لتقلل من حدة التصعيد الكلامي وتؤكد ضرورة الحوار من أجل حل الأزمة الأوكرانية وتنفيذ اتفاقات مينسك للسلام، وطلب بوتين من ميركل وأولاند استخدام نفوذهما لنزع فتيل التوتر في المنطقة، مشيرا إلى هشاشة الهدنة بين القوات الحكومية والانفصاليين في الشرق. وذلك في الوقت الذي طار فيه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي في زيارة استمرت يومين في محاولة لتخفيف حدة التهديدات في قمة الناتو ولبحث الأزمة الأوكرانية.
أوكرانيا ربما تكون نموذجا مصغرا للصراع بين الناتو وروسيا، صراع بارد تبحث فيه كييف عن حليف منذ عشرات السنين، تارة يكون الحليف روسيا، وتارة أخرى تحاول الارتماء في أحضان الغرب لحمايتها من موسكو. الناتو يرى أن أوكرانيا تمتلك أهمية «جيو- سياسية»، فهي تقع بين الغرب والشرق، وعلى تخوم أوروبا وعلى حدود روسيا شهدت ثورتين خلال أقل من 10 أعوام الأولى (الثورة البرتقالية) في 2004، والتي شهدت يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء السابقة، والثانية (ثورة الميدان) ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المدعوم من موسكو. وطوال تاريخ العلاقات بين الناتو وأوكرانيا، لم يبدأ الحلف خطوات حقيقية لضم أوكرانيا في الوقت الذي أبدى فيه القادة الأوكرانيون رغبة حقيقية للانضمام وسط رفض المعارضة ومطالبات بالدعوة لاستفتاء على العضوية.
وبدأت العلاقات رسميا بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلنطي «الناتو» عندما أصبحت أول دولة في كومنولث الدول المستقلة تطلب الانضمام إلى برنامج الشراكة من أجل السلام في فبراير عام 1994. وفي صيف 1995 تحرك الناتو لمساعدة أوكرانيا في التخفيف من ملابسات كارثة تلوث مياه الشرب في مدينة خاركيف. وفي 7 مايو 1997 تم افتتاح أول مركز رسمي للتوثيق والمعلومات في كييف، والذي يهدف إلى دعم شفافية التعامل مع الحلف، وفي 9 يوليو 1997 تم افتتاح مفوضية الناتو- أوكرانيا. وفي 2002 تدهورت العلاقات بين كييف والحكومة الأمريكية وحلف الناتو بعد تسريب تسجيل صوتي يعرف باسم «فضيحة الكاسيت» التي كشفت عن نقل نظام دفاعي أوكراني معقد للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وفي قمة موسعة للناتو في نوفمبر 2002 تبنت مفوضية أوكرانيا- الناتو خطة عمل (أوكرانيا- الناتو)، كما قرر الرئيس الأوكراني وقتها ليونيد كوتشما إرسال قوات إلى العراق لم تصلح العلاقات مع الناتو. وبعد اندلاع أحداث الثورة البرتقالية، تولى الرئيس فيكتور يوشينكو مقاليد الحكم بدلا كوتشما الذي كان داعما لعضوية أوكرانيا في الحلف الأطلنطى. وفي يناير 2008 رفضت المعارضة طلب يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء حينها الانضمام إلى خطة عمل حلف الأطلنطي، حيث تم توقيع التماس من قبل مليوني أوكراني لإجراء استفتاء على عضوية الناتو.
وفي يناير 2008 أعلن السيناتور الأمريكي ريتشارد لوجار أن الرئيس يوشينكو وتيموشينكو ورئيس البرلمان أرسيني ياتسينك وقعوا بيانا يطالب ببحث مسألة انضمام أوكرانيا للأطلنطي خلال قمة بوخارست. ولم يتمكن البرلمان الأوكراني من عقد جلساته بسبب قرار المعارضة منع الجلسات احتجاجا على طلب الانضمام للناتو في الفترة من 25 يناير 2008 حتى 4 مارس 2008. وفي 14 فبراير 2010 قال الرئيس المنتخب لأوكرانيا وقتها فيكتور يانوكوفيتش: إن علاقات بلاده مع الناتو جيدة، وإن مسألة انضمامها للحلف غير ملحة. وفي 27 مايو 2010 أشار يانوكوفيتش إلى أنه يعتبر العلاقات بين أوكرانيا والناتو «شراكة». وفي 3 يونيو 2010 مرر البرلمان الأوكراني مشروع قانون اقترحه الرئيس لإبعاد هدف الاندماج في أمن أورو- أطلنطي، والانضمام إلى الناتو من الاستراتيجية الأمنية للبلاد، حيث استبعد القانون انضمام أوكرانيا إلى أي كتلة عسكرية، لكنه يسمح بالتعاون مع تحالفات مثل الناتو، ومازال الاندماج الأوروبي جزءا من الاستراتيجية الأمنية الوطنية الأوكرانية. وفي فبراير 2014 هرب يانوكوفيتش من البلاد بعد اندلاع الثورة التي طالبت برحيله، وجاءت حكومة أرسيني ياتسينيوك التي أعلنت في البداية أنها لا تنوي الانضمام إلى الناتو.
وبعد تقارير عن التدخل الروسي في البلاد عاد ياتسينيوك وطلب من البرلمان وضع أوكرانيا على طريق الانضمام. وفي 23 ديسمبر 2014 أدان البرلمان وضع عدم الانحياز، وهي الخطوة التي أدانتها روسيا، وأشار القانون الجديد إلى أن سياسة عدم الانحياز أثبتت أنها غير فاعلة في ضمان أمن أوكرانيا وحماية البلاد من الاعتداء الخارجي والضغوط، كما استهدف تعميق التعاون مع الناتو من أجل إنجاز المعايير المطلوبة لعضوية الحلف.

وفي 29 ديسمبر 2014 ألمح الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إلى عقد استفتاء على الانضمام للحلف. المعروف أن روسيا تعارض بشدة أي توسع للحلف تجاه الشرق، وفي فبراير 2008 هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوجيه الصواريخ الروسية إلى أوكرانيا إذا وافقت على الانضمام إلى الناتو ونشرت الدرع الدفاع الصاروخي الأمريكي على أراضيها. وهكذا تظل أوكرانيا «رمانة ميزان» في الصراع بين روسيا والناتو، وساحة للتصعيد تارة وللحوار تارة أخرى بين الأعداء التاريخيين، فيما تظل هي تواجه العنف ومحاولات التفكك من الداخل دون مساعدة حقيقية من أحد سوى في اللحظات الأخيرة.

رشا عبدالوهاب

المصدر: عُمان ديلي

Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.