أوكرانيا بالعربية | الـتـعـــلـيـم والأمـــن الــقــــومـي... بقلم حسن زايد
09.08.2014 - 00:00
التعليم لغةً هو مهنة المُعَلِّم والأستاذ . والتعليم هو مراحل تَلْقِين ، وَتدريسِ المعارِف والمهارات . وعلَّم العلم فهمه إياه . ووزارة التربية والتعليم هي الوزارة المسئولة عَنْ تَلْقِينِ أَبْناء الشعب الْمعارِف ومبادئ العلوم في المدارِس الابْتدَائية والإعدادية والثّانوية .
كييف/أوكرانيا بالعربية/التعليم لغةً هو مهنة المُعَلِّم والأستاذ . والتعليم هو مراحل تَلْقِين ، وَتدريسِ المعارِف والمهارات . وعلَّم العلم فهمه إياه . ووزارة التربية والتعليم هي الوزارة المسئولة عَنْ تَلْقِينِ أَبْناء الشعب الْمعارِف ومبادئ العلوم في المدارِس الابْتدَائية والإعدادية والثّانوية .
ولبيان أهمية التعليم في حياة الإنسان يكفي أن نتذكر ، ونذكر مقولة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حين قال : أن التعليم كالماء والهواء ، وذلك بالنسبة للفرد ، ويصح ذات القول بالنسبة للأمم والشعوب . ومعني ذلك أن لا حياة للأفراد أو الشعوب بغير تعليم ، وأن التعليم ليس ترفاً تمارسه الجماعات والأفراد وإنما هو ضرورة وجود ، ومقتضي حياة . ومن هنا كان الرابط الموضوعي بين التعليم والأمن القومي . وعندما تتدني أهمية التعليم في بلد ما إلي حد عدم إدراك علاقته بالأمن القومي ، أو إدراك العلاقة مع عدم الإكتراث بأن الأمن القومي مرتبط بالتعليم وجوداً وعدماً ، فلا ريب أن هذا البلد مهدد بالفناء .
وآفة مصر في تعليمها أن بعضنا لا يدرك علاقة التعليم بالأمن القومي ، أو أنه يدرك تلك العلاقة إلا أنه لا يكترث . ورغم أن مصطلح الأمن القومي من المصطلحات المراوغة التي لايكاد يُتَّفق علي معني واحد لها في القاموس السياسي العربي ، إلا أنه يمكن تعريفه ببساطة بأن ثمة مخاطر تحدق بالأمة ، هذه المخاطر قد تكون داخلية ، وقد تكون خارجية ، وقد تكون داخلية / خارجية ، وأن ما يراد بالأمن القومي هو وضع السياج الذي يحمي مصالح الأمة من تلك المخاطر . ومن هنا عُدَّ انحطاط مستوي التعليم خطراً داخلياً محدقاً يستوجب المجابهة ، خاصة وأنه من المخاطر التي لها بعداً خارجياً متمثلاً في التخلف عن الركب الحضاري ، والتبعية بكل صورها وجوانبها . وقد كانت هناك ثلاث آفات شكلت دوائر جهنمية التفت تاريخياً حول عنق المجتمع المصري ،علي نحو يعيق انطلاقه للحاق بالركب الحضاري ، وهي الفقر والجهل والمرض ، ولذا عندما جاءت ثورة يوليو 1952 م اعتمدت مجانية التعليم كمنهج للتغيير ، وعلاج قضية الجهل ، ورغم ما قد يؤخذ علي نظام مجانية التعليم من مآخذ باعتباره مؤثراً سلبياً علي كفاءة العملية التعليمية ، إلا أنه كان خطوة للأمام .
ومع أن المنطق كان يقتضي أن تتبع هذه الخطوة خطوات إلا أننا فوجئنا بظهور بوادر التعليم غير الرسمي الموازي ، ففضلاً عن تخلف المناهج الموضوعة ، واعتماد أسلوب الإختبار في تحصيلها علي الأسئلة التي تقوم علي الحفظ والتلقين دون إدراك أو وعي أو فهم ، أو تأثير في بناء الشخصية المتعلمة القادرة علي الأخذ والرد والمناقشة ، فضلا عن ذلك ظهرت الكتب الخارجية " الملخصات " ، فهي رغم تفوقها من حيث الإخراج علي الكتاب الرسمي ، إلا أنها ساهمت إلي حد كبير في تسطيح المناهج وتتفيها ، واعتمادها علي الحفظ . وقد ظهر الكتاب الخارجي في البداية علي استحياء ، ثم أغرق الأسواق في مراحل تالية ، إلي حد ذهاب واضعي الكتب الخارجية إلي تخريب الكتاب الرسمي حتي لا تقوم له قائمة في مواجهة الكتاب الخارجي ، ويصبح المكان اللائق به محلات البقالة حيث يستخدم في صناعة القراطيس . ومواكبة لهذه المرحلة بدأت تلوح في الأفق بوادر الدروس الخصوصية ، والتي بدأت أول ما بدأت كمجموعات تقوية مجانية للتلاميذ ضعاف التحصيل ، ثم تطورت حتي أصبحت مافيا حاكمة لسوق التعليم في مصر ، ولم تعد تقتصر علي الطلاب ضعاف التحصيل فحسب ، بل إنها امتدت حتي أصبحت بديلاً عن المدرسة ، وأصبح الشغل الشاغل للمعلم والمتعلم الخروج بالعملية التعليمية عن إطارها الرسمي . وقد استفحل هذا الأمر وبلغ حداً لم تعد الدولة قادرة علي مواجهته ، أو إيقافه عند حده ، حتي أنك تستشعر كولي أمر أنك تتعرض لمؤامرة من أطراف خفية .
والمحصلة أن العملية التعليمية أصبحت عملية تعذيب ممنهجة للطالب ولولي أمره طوال سنوات التعليم . وحتي تكتمل الدائرة أفضت الزيادة السكانية إلي حدوث انفجار سكاني داخل الفصول علي نحو يتعذر معه بحال إتمام عملية تعليمية ناجحة ، فضلاً عن الإفتقار للوسائل التعليمية أو انعدامها . ناهيك عن السياسة التعليمية المتخبطة التي بدأت بجعل التعليم الإلزامي حتي الشهادة الإبتدائية ، وهذا الإلزام كان يقتضي أن يستمر الطفل في التعلم رغم أنفه ، حتي ولو لم يكن يجيد القراءة والكتابة ، ثم تقرر إلغاء السنة السادسة ثم إعادتها دون أن يدرك أحد سبب الإلغاء أو سبب الإعادة .
ثم امتد الإلزام إلي الشهادة الإعدادية لتمتد معه ذات المشكلة ، في حالة نادرة من الغش التجاري غير المسبوق في العملية التعليمية ، حيث تتفاجأ في المرحلة الثانوية بنوعيها العام والفني بطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة ، ويحملون شهادات تفيد بغير ذلك . ثم امتد العبث إلي المرحلة الثانوية بتقسيم الثانوية إلي مرحلتين تستغرقان عامين دراسيين كاملين ، وتستغرقان معهما دخل الأسرة كاملاً ، فضلاً عن حالة التعذيب المفرط التي تقع علي كاهل التلاميذ . ولعل ما حدث في امتحانات الثانوية العامة لهذا العام يمثل أمثولة يتحاكي بها القاصي والداني ، سواء من حيث مستوي الأسئلة الإنتقامية الذي تم وضعه ، أو من حيث حالات الغش العلني ، وتسريب أسئلة الإمتحانات عبر مواقع التواصل الإجتماعي . ولعل في دخول القطاع الخاص منافساً للدولة في مجال التعليم سواء الجامعي أو قبل الجامعي قد أفسد العملية التعليمية علي فسادها ، إلي حد أن التلاميذ يتداولون فيما بينهم أن السر وراء الروح الإنتقامية السائدة في إمتحانات الثانوية العامة يكمن وراءها خدمة الجامعات الخاصة .
فهل تدرك الدولة بعد كل هذا العلاقة بين العملية التعليمية والأمن القومي ؟ . لو أن الدولة أدركت ذلك لبادرت من توها بإعادة النظر في العملية برمتها . وللنهوض بالتعليم لابد من الإهتمام بعناصر العملية التعليمية وهي : المعلم ، والمتعلم ، والرسالة التعليمية ، ولكي تتم العملية التعليمية لابد من الإهتمام بالوسائل التعليمية . وإعادة النظر في أسلوب إختبار التحصيل القائم علي الامتحان حتي تعفينا من ذلك الصداع المزمن الذي يصيب مصر كل عام بسبب الإمتحانات .
حسن زايد
Читати всі новини
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية
Головні новини
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Facebook
Шукайте нас на Twitter
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.