أوكرانيا بالعربية | الرئيس الأوكراني زيلينسكي، تراجع في الشعبية وتحديات...بقلم د.خليل عزيمة

جرت العادة أن يحصل جميع الرؤساء الأوكرانيين على ارتفاع في معدلات التأييد خلال السنة الأولى من حكمهم، لكن وضع الرئيس الأوكراني الحالي فلاديمير زيلنسكي كان مختلفاً تماماً. فبعد أقل من عام بدأت شعبية الرئيس وحزبه بالتراجع، فما الذي حصل؟ وما أسباب هذا التراجع؟

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ جرت العادة أن يحصل جميع الرؤساء الأوكرانيين على ارتفاع في معدلات التأييد خلال السنة الأولى من حكمهم، لكن وضع الرئيس الأوكراني الحالي فلاديمير زيلنسكي كان مختلفاً تماماً. فبعد أقل من عام بدأت شعبية الرئيس وحزبه بالتراجع، فما الذي حصل؟ وما أسباب هذا التراجع؟

بينت دراستان منفصلتان حديثتان في أوكرانيا أجراهما معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع ومركز "رازومكوف"، بأن شعبية الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بدأت في الانخفاض في وقت مبكر. لقد أظهرت كلا الاستطلاعات وضعًا سيئًا للغاية لحزب "خادم الشعب" وحكومة هونتشاروك. فيما تزايد الموقف السلبي تجاههم عدة مرات، وفقد الحزب الحاكم في الشهر الماضي 9 % من التأييد الشعبي. ولقد كشف مركز رازومكوف قبل بضعة أيام أن الثقة في الحكومة انخفضت إلى 28 %، في حين أن نسبة عدم الثقة بلغت 64.5 %.

نشر معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع بياناته في 25 شباط/فبراير الجاري، وأجرى الاستطلاع من الثامن إلى الثامن عشر من هذا الشهر. وبينت النتائج أن زيلينسكي سيحصل على 44.2%، فيما لو أجريت انتخابات رئاسية في المستقبل القريب. أما مركز رازومكوف، المقرب من الفريق الرئاسي، فقد أجرى أستطلاعاً للرأي في الفترة ما بين 13-17 شباط/فبراير الجاري، أي قبل قضية فيروس كورونا الصيني وسانجارا الأوكرانية، وأصدر نتائجه في 24 شباط/فبراير. بينت نتائج الاستطلاع أن 51.5% من الاصوات يثقون بالرئيس زيلينسكي، في حين أن النسبة كانت 79% في أيلول/سبتمبر عام 2019. وبالتالي وفق بيانات مركز رازومكوف، فقد تبيّن أن الرئيس زيلينسكي فقد ما يقرب من نصف شعبيته في أقل من عام. في الوقت نفسه، تزداد شعبية المعارضة وزعيمها، يوري بويكو، والتي كانت ستدخل الجولة الثانية في انتخابات رئاسية افتراضية.

وحسب مركز رازومكوف، في استطلاعات الرأي هذه، لم يكن وضع رئيس الوزراء أليكسي هونتشاروك أفضل من وضع زيلينسكي. لقد تبين أن 63% من الاصوات لا يثقون برئيس الوزراء، و74% لا يثقون بوزير الداخلية أرسن أفاكوف. أما إذا تم انتخاب البرلمان اليوم، حسب بيانات معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع، لكان حزب "خادم الشعب" على رأس القائمة، لكنه كان سيحصل فقط على 39%. وفي الوقت نفسه، ستبقى منصة المعارضة ثاني أكبر كتلة وستحصل على 15.6%، فيما سيحصل "التضامن الأوروبي" لبوروشينكو على 10.8% وحزب "الوطن" على 9%. لكن بيانات مركز رازومكوف عن حزب الرئيس كانت الأسوأ. فقط 36.4% من المشاركين في الانتخابات سيقررون التصويت لصالح حزب "خادم الشعب"، و15.3% لمنصة المعارضة، و 12.6% - "التضامن الأوروبي" و10.3% - حزب "الوطن".

من خلال تحليل كل هذه الأرقام، يمكننا استخلاص استنتاجات حول أسباب الانخفاض في شعبية زيلينسكي وحزبه "خادم الشعب" والحكومة التي شكلوها. هناك العديد من هذه الأسباب.

1-لقد اختار زيلينسكي فريق غير مهني للغاية، ونظرًا للمستوى المنخفض لمؤهلاتهم، فهم غير قادرين على إدراك أخطائهم وهم واثقون من أنهم يفعلون كل شيء بشكل صحيح وممتاز. في غضون ذلك، تتراكم الأخطاء بشكل كبير وسيواجهون المزيد والمزيد من الصدمات. ويفرض انقسام الفريق الرئاسي داخل أسوار البرلمان أو الحكومة قيود اضافية على زيلينسكي. إن فريق زيلينسكي مجرد فريق من الرواد غير الأكفاء الذين خدعوا المجتمع، وهذا هو ما يتحدث عنه الأوكرانيون أكثر وأكثر. لقد سئم المواطنون من الفضائح التي طالت فريق زيلينسكي، حيث يتم رؤية مجموعة من الشخصيات السلبية. يمكن للمرء أن يتوقع أن يقوم الفريق بالتنظيف الذاتي. كما لا ننسى هنا فضيحة الرواتب في الحكومة.

2-لم يُحقق زيلينسكي وفريقه، على المدى القصير توقعات المواطنين التي تشكلت خلال الحملة الانتخابية. توقعات لعالم سريع، ونهاية عصر الفقر، وبناء نظام بدون فساد، ورفع المعايير الاجتماعية. فلم يقوم بمعالجة القضايا الرئيسية للسكان، لقد كان لزيلينسكي تأثيرًا كبيرًا، فقد وعد مباشرة بتخفيض التعريفة الجمركية بنسبة واحد بالمائة، لكن الناس لم يشعروا بهذا الانخفاض فقط، بل على العكس، واجهوا حقيقة أن الوضع أصبح أسوأ مما كان عليه. لا يوجد على الأقل تحسن ملحوظ في الحياة، وهو أمر مهم بشكل خاص. بدلاً من ذلك، هناك تدهور متزايد باستمرار، وهو ما يلاحظ بشكل خاص في المراكز الصناعية الكبيرة في المناطق الشرقية. لقد انتقلت بالفعل موجة كبيرة من الهجرة بحثًا عن حياة أفضل وبالتالي الفقدان المستمرللخبرات والطاقات الشابة. هذا هروب من ارتفاع معدل البطالة وخنق روح المبادرة. لا يرى الناس في فريق زيلينسكي القدرة ولا الرغبة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية.

3-عدم إحراز تقدم في قضية السلام في دونباس. يدرك الناس أن زيلينسكي يتلاعب به كل من بوتين وماكرون وميركل وترامب. ويخشى الناس أكثر فأكثر من أن زيلينسكي سوف يعطي بوتين كل ما يستطيع ولن يحصل في المقابل على شيء. وأدى هذا إلى التآكل العام للسياسة الخارجية الاوكرانية، وشكل أيضًا تحولًا تدريجيًا إلى موقف أكثر ولاء تجاه روسيا، وبالتالي، إضعاف العقوبات ضد روسيا، بالاضافة لتحول سياسة بعض الدول وتغير موقفها بالنسبة لأوكرانيا.

4-سوق الأراضي. هذا قرار مهم وضروري للغاية، حيث يعيش جزء كبير من المجتمع في قصص رهيبة، سيأتيها الأجانب ويأخذون الاراضي الأوكرانية منهم، في كلمة واحدة، نهاية العالم. يلعب المستأجرون بنشاط على مثل هذه المخاوف - أولئك الذين يستأجرون الاراضي بسعر رخيص، ويكسبون المال، ولا يفكرون في استصلاح الأراضي،... إلخ. حتى الآن، تتخذ السلطات خطوات لإطلاق سوق الأراضي والمعارضة تعمل حول هذا الموضوع. لقد تضرر زيلينسكي بشدة من قانون إصلاح الأراضي، الذي قدمه شخصيا إلى البرلمان.

5-إيغور كولومويسكي وتأثيره على السلطة، الأوليغارشية ليست سلسة للغاية في التأثير على فريق زيلينسكي. لقد حاول التدخل في قضية سوق الأراضي، لكنه فشل. لكن النشاط الإعلامي من قبله يعمل بشكل جميل وبصوت عالٍ ومؤلِّم في كل الأماكن. أجرى زيلينسكي بضع عمليات تسريح، وبضعة قرارات للتوظيف للتقليل من تأثير كولومويسكي. رغم أن القرار النهائي بشأن تعيين بوغدان في المنصب، تزامن بشكل مفاجئ مع عودة كولومويسكي إلى وطنه، وقد يكون مجرد صدفة.

6-التلفزيون والمعارضون. إذا نظرنا إلى مالكي القنوات، فإننا نلاحظ إجماعًا مذهلاً. بشكل أو بآخر، قام جميعهم تقريبًا بانتقاد زيلينسكي. قناة كولومويسكي تعطي بانتظام المنصة بالمعنى الحرفي ليوليا تيموشينكو، التي تربطه بها علاقة جيدة.

7-عدم الرغبة في التعلم. بدلاً من اكتساب تأييد السياسيين، فإن صلابة الموقف هي رهان على النتائج السريعة والعلاقات العامة، وبالتالي، التكتيكات بدلا من الاستراتيجية. لكن في بعض الأحيان تفشل التكتيكات، على وجه الخصوص، في حل مهام محددة (على سبيل المثال، عودة المواطنين الأوكرانيين الذين تم إجلاؤهم من الصين أو الموقف غير المنسق لأوكرانيا بشأن قضية الطائرة التي تم إسقاطها في إيران).

الحقيقة هي أن الشعب الأوكراني صوت لصالح تغييرات جذرية، من أجل قوة ستعمل بطريقة تختلف اختلافًا جذريًا عن سابقتها. واجه زيلينسكي تحديات أساسية، منها: حل قضية الحرب، لكن كان عليه أن يفهم أن الجماهير المستهدفة مختلفة ولها حلول مختلفة، مسؤولية الرئيس هي على الأقل تحديد المسار، لأن حالة الحرب تشكل ضغطًا كبيرًا على المجتمع؛ الأزمة الاقتصادية، أوكرانيا بلد غني، لكن فيه أدنى مستوى معيشة ولم تقم أي من الحكومات بإجراء تغييرات كبيرة في هذا المجال؛ مسألة العدالة، فهيكلة الدولة غير عادل للغاية؛ الفشل في الوفاء بالوعود وسياسات الموظفين غير الناجحة.

إن الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لزيلينسكي هو إعادة بناء فريقه. لأن معظم المشاكل هي عدم وجود عمل جماعي وآليات لتطوير الإجراءات السياسية والخوارزميات لموازنة التأثيرات الخارجية. لا ينبغي إمالة السلطة في أي اتجاه. إنشاء حزب عادي هو واجبات الرئيس لمدة 3-4 أشهر القادمة. هذا أمر مهم، لأن أوكرانيا تواجه أزمة سياسية خطيرة بحلول الربيع والصيف، عندما يهاجم العديد السلطات على الفور في محاولة للدفاع عن مواقعهم أو الحصول على "شيء آخر". بطبيعة الحال، هذا يعني تنشيط الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام. باختصار، إذا لم يكمل زيلنسكي إلى ذلك الوقت تشكيل فريق مستقر، فقد تصبح مواقفه غير مستقرة للغاية.

الدكتور خليل عزيمة – باحث وأكاديمي

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.