أوكرانيا بالعربية | الإســتراتيجية الإيرانية تجاه الشرق الأوسط... بقلم حسن زايد

05.03.2014 - 02:00 #حسن زايد
تعرف منطقة الشرق الأوسط بأنها المنطقة الجغرافية التي تشمل بلدان غرب آسيا وشمال أفريقيا . وترجع أهمية المنطقة إلي ثلاثة أسباب هي : الأول ـ أنها الجسر الرابط بين قارات العالم ودوله . الثاني ـ أنها ذات أهمية إقتصادية لمواردها الطبيعية وعلي رأسها البترول . الثالث ـ أنها تتحكم في الممرات المائية الرئيسية في العالم . وتعد إيران إحدي الدول الإقليمية التي يصعب التغافل عن أهميتها، فهي ذات إرث حضاري وثقل إقتصادي

كييف/أوكرانيا بالعربية/تعرف منطقة الشرق الأوسط بأنها المنطقة الجغرافية التي تشمل بلدان غرب آسيا وشمال أفريقيا .

وترجع أهمية المنطقة إلي ثلاثة أسباب هي : الأول ـ أنها الجسر الرابط بين قارات العالم ودوله .

الثاني ـ أنها ذات أهمية إقتصادية لمواردها الطبيعية وعلي رأسها البترول .

الثالث ـ أنها تتحكم في الممرات المائية الرئيسية في العالم . وتعد إيران إحدي الدول الإقليمية التي يصعب التغافل عن أهميتها، فهي ذات إرث حضاري وثقل إقتصادي وعسكري وبشري له تأثيراته وأبعاده، لعبت من خلاله أدوار متباينة في صياغة ترتيبات المنطقة خلال مراحل تاريخية مختلفة ،وبالأخص في فترة المواجهة بين المعسكرين الشرقي والغربي .

وقد كان دورها مكملاً للدور الأمريكي والبريطاني في منطقة الخليج العربي إبان الحكم الشاهنشاهي . وقد برزت التطلعات الإيرانية إلي دول الجوار في محاولة من قبل الشاه لتجاوز الإضطرابات والمشاكل الداخلية التي تواجه نظامه بشغل الداخل بنزاعات خارجية تدفع الشعب إلي الإلتفاف حول قيادته ، ومن هنا كانت مطالبته بالبحرين والجزر الإماراتية باعتبار الحق التاريخي في هذه المناطق . وقد برز المشروع الإيراني في المنطقة العربية من الشرق الأوسط ـ بعد الثورة ـ بإطلاق شعار : " تصدير الثورة " ، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من العلاقات الصعبة تجاوزت مرحلة الإملاءات الشاهنشاهيه ، أو تحريك النوازع القومية إلي مرحلة مزج الديني بالقومي والرغبة في السيادة والمكانة الإقليمية والدولية بفرض إرادة السيطرة والإستحواذ بالقوة والإرغام .

وقد قامت توجهات الإستراتيجية الإيرانية تجاه الشرق الأوسط علي محورين هما : المشروع الإيراني تجاه الشرق الأوسط ، والمنظور الإيراني لأمن الخليج . المحور الأول: المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وقد قام علي ثلاث مرتكزات . ألأول ـ المرتكز الجغرافي : إذ تتمتع إيران بموقع جغرافي يحقق لها مزايا جيواستراتيجية ، فهي الجسر الرابط بين وسط قارة آسيا ومنطقة الشرق الأوسط ، وكلتاهما تعانيان من الضعف العسكري الذي يحول بينهما وبين التصدي للتأثير الإقتصادي والسياسي والثقافي الإيراني .

الثاني ـ المرتكز الأيديولوجي : الذي يقوم علي اعتبار ان الرسالة التي تحملها الثورة الإسلامية هي ما يحتاجه عالم اليوم ، ومن هنا جاءت فكرة تصدير الثورة باعتبارها واجباً دينياً إلزامياً .

الثالث ـ المرتكز الأمني : فالأمن القومي الإيراني تعرض لتحديات عديدة بعد تعاظم الوجود الأمريكي في المنطقة .  ولذا فإنها تسعي لانتزاع دور إقليمي لها من أمريكا باستغلال غياب المشروع القومي العربي من ناحية ، وتخبط السياسة الأمريكية في المنطقة من ناحية أخري . والواقع أنها تقدم نموذجاً في كيفية انتزاع دور القوة ألإقليمية دون غطاء من قوة عظمي . يقوم هذا النموذج علي اعتبار كونها القوة المركزية المجابهة للتهديدات والتدخلات الخارجية في المنطقة عن طريق عسكرة بعض المجتمعات العربية بفرض مليشيات داخلها، مع ربط استقرار هذه المجتمعات بقبول الدور الإقليمي لإيران . وبذلك تكون قد تجنبت المجابهة المباشرة مع أمريكا من ناحية ، مع تطوير علاقتها مع دول الخليج  والعديد من الدول العربية من ناحية أخري . تزامناً مع محاولة تحويل صراعات المنطقة من صراعات قومية إلي صراعات دينية / حضارية حتي يكون لها الدور الرئيسي فيها ، والإسراع نحو انجاز برنامجها النووي . أما علاقة إيران بالدول العربية ألأخري فهي لم تعرف مساراً واحداً منذ قيام الثورة الإسلامية فيها ، فعلاقاتها بمصر والسعودية تفاوتت بين التوتر والتراجع ، وعلاقاتها مع بعض الدول الخليجية فمتراوحة بين الدفء والبرودة ، والتوتر والقلق .أما علاقاتها بسوريا ولبنان وفلسطين فمستقرة ، وهذا يعني أن العلاقات الإيرانية لا تزال متقلبة ولم تستقر بعد . وقد تقلص مشروع تصدير الثورة نتيجة لظروف دولية وإقليمية ، وكذا ظروف داخلية . أما الظروف الدولية والإقليمية فتتمثل في الحرب العراقية الإيرانية ، انهيار الكتلة الشرقية المجاورة ، وبروز خمس دول سنية إلي الوجود مقابل دولة شيعية واحدة في الجوار .مروراً بحرب الخليج الثانية ، وأحداث سبتمبر في أمريكا وما اعقبها من سقوط نظام طالبان في أفغانستان ، وسقوط نظام صدام واحتلال العراق . والظروف الداخلية وتتمثل في اضطراب الوضع الإقتصادي وعجزه عن الوفاء بمتطلبات المشروع من ناحية ، وفقد القدرة علي الحشد الداخلي لتأييده من ناحية أخري . فضلاً عن الأزمات المتتالية بين النظام والمعارضة علي نحو يجعل تنفيذه مغامرة سياسية . ورغم ذلك ما زالت إيران تضطلع بدور إقليمي من خلال مجموعة من الأدوات والآليات منها : القوي العربية كحزب الله ، وحماس ، والفاعليات السياسية الشيعية في العراق ،والسعي نحو امتلاك التكنولوجيا النووية بما يؤسس لإعادة طرح إيران كقوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط . المحور الثاني  ـ المنظورالإيراني لأمن الخليج : والواقع أن السياسة الإيرانية في المنطقة تمثل تهديداً حقيقياً للأمن القومي العربي ، وستظل كذلك بحكم بقاء العلاقات العربية الإيرانية تسير في واقع تصارعي مفتوح . ومع غياب مفهوم الأمن القومي العربي ، وحلول مفاهيم التجزئة والتشظي محله ، واقتصار التفكير علي الأمن القومي الفردي لكل دولة علي حده ، بل واقتصار مفهوم الأمن القومي علي أمن الأنظمة الحاكمة حتي ولو جاء علي حساب أمن الوطن ، ستبقي العلاقة الإيرانية الخليجية محل جدل سياسي واسع . وفي المقابل تسعي إيران إلي التحول إلي قوة إقليمية سياسية وعسكرية مهيمنة علي المنطقة ، خاصة في ظل غياب التوازن العسكري بخروج العراق من معادلة القوة من ناحية ، وهشاشة الدور المصري المباركي في هذا الإطار من ناحية أخري . الأمر الذي دفع بدول الخليج طواعية أو قهراً إلي الإرتماء في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية التي وجدت نفسها محاصرة لإيران بتواجد قواتها في العراق ودول مجلس التعاون الخليجي ، ووجود قوات غربية في أفغانستان .

ومع ذلك فإن النفوذ الإيراني في المنطقة يتعزز بنفوذها في العراق ، وتحالفها مع بعض الأطراف العربية في المحيط الإقليمي ، ونفوذها في منطقة الخليج العربي ، ورؤيتها للأمن الإقليمي الخليجي ، وتأثير توجهها النووي في هذه الرؤية . ومن محددات الإستراتيجية الإيرانية تجاه الشرق الأوسط  السياسة الخارجية لها ، وموقفها من ثورات الربيع العربي . فالسياسة الخارجية الإيرانية تأسست علي مخططات كبري سعت إلي كسب تأييد المسلمين في العالم ،وقسمت العالم إلي معسكرين ، معسكر المستضعفين ، ومعسكر المستكبرين ، ثم وضعت الأنظمة القائمة في الدول الإسلامية في مصاف الحليف الإستراتيجي لقوي الإستكبار العالمي في تحدي سافر لشرعية هذه الأنظمة . وقد كان ذلك بسبب بروز الدين كمكون رئيسي في رسم السياسة الخارجية للدولة الإيرانية نتيجة هيمنة صقور المتشددين علي مقاليد الأمور في البلاد بعد الثورة ، وإقصاء الإصلاحيين من رجال الدين المعتدلين . وقد سيطر الفكر الأيديولوجي القائم علي مبدأ تصدير الثورة علي الثقافة الإيرانية السائدة . ومن هنا جاء تحدي النظام الإيراني للأنظمة في الدول الإسلامية  ، وتجاهل إيران لمصالح الدول الكبري في المنطقة ، هذا بخلاف ما تفرضه أحكام الجغرافية الإيرانية من جوار غير مريح .

هذه الضغوط فرضت نفسها علي محددات السياسة الخارجية الإيرانية ، وعلاقتها بمحيطها الإقليمي . أما الموقف الإيراني من ثورات الربيع العربي التي خلقت حالة من التنافس الجيوبوليتيكي بين القوي الإقليمية ومن بينها إيران فقد تحدد علي ضوء رؤيتها لهذه الثورات  ، ففي البداية كان الموقف الإيراني منها أنها من تدبير الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين في حركة استباقية لأي احتمالات لثورة داخلية لديها ، فتكون بذلك مطعوناً في شرعيتها باعتبارها نوعاً من العمالة . حتي جاءت الثورة السورية فدفعت بإيران إلي تأكيد مفهوم المؤامرة باعتبار أن سورية حليف استراتيجي لها . فلما تبين لها أن القوي الإسلامية في هذه الثورات قد تزايد نفوذها في الحراك الجماهيري ضد الأنظمة القائمة ، وأنها قد شاركت في الحكم علي نحو أو آخر بعد زوال هذه الأنظمة ، انقلب موقفها رأساً علي عقب من هذه الثورات ، فقد أصبحت مستلهمة من الثورة الإيرانية ، محاولة بذلك خلق امتدادت لها بالتودد لهذه الثورات ، خاصة أنها جاءت متلائمة مع السياسة الخارجية الإيرانية بما يخدم الإستراتيجية الكبري لها بوصفها قيادة اسلامية شرق أوسطية قائمة . ورغم أن هذه الثورات قد أزاحت أنظمة عربية كانت لها علاقات متأزمة بإيران ، إلا أنها في ذات الوقت لم تأت بأنظمة حليفة لها . وقد يفسر هذا الموقف الإيراني والتركي من الثورة المصرية الثانية التي أزاحت نظام الإخوان من سدة الحكم . ولعل الثورات العربية تمثل مدخلاً استراتيجياً لإعادة تقييم السياسة الدولية والعلاقات الخارجية بالدول العربية بما يؤسس لقوي عربية إقليمية وليدة يكون لها تأثيرها علي الساحة الدولية .


حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.