أوكرانيا بالعربية | العمود الفقري للانتقال الديمقراطي... بقلم د. عادل عامر

21.03.2014 - 19:00 #د. عادل عامر
الإصلاحات بعيدة المدى التي ستُنشِّط نمو القطاع الخاص وتنشر الفرص الاقتصادية ستكون العمود الفقري للانتقال الديمقراطي الناجح في مصر. لكن، حتى الآن تجاوب الأسرة الدولية، وعلى الأخص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كان متواضعاً للغاية إذا ما قسناه بأهمية مصر وبحجم التغيير الجاري على قدم وساق في المنطقة. وفي حين أن التقديمات الصغيرة نسبياً من المساعدات النقدية لدعم الحكومة المصرية مفهومة، نظراً إلى القيود الحالية على الموازنة، إلا أنه يتعيّن على الأسرة الدولية أن تغتنم فرصة هذه اللحظة الفريدة لترقية الإصلاحات. لنخب السياسية هم بالأساس أول المتسبّبين في الأزمة في تونس.

كييف/أوكرانيا بالعربية/الإصلاحات بعيدة المدى  التي ستُنشِّط نمو القطاع الخاص وتنشر الفرص الاقتصادية ستكون العمود الفقري للانتقال الديمقراطي الناجح في مصر. لكن، حتى الآن تجاوب الأسرة الدولية، وعلى الأخص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كان متواضعاً للغاية إذا ما قسناه بأهمية مصر وبحجم التغيير الجاري على قدم وساق في المنطقة. وفي حين أن التقديمات الصغيرة نسبياً من المساعدات النقدية لدعم الحكومة المصرية مفهومة، نظراً إلى القيود الحالية على الموازنة، إلا أنه يتعيّن على الأسرة الدولية أن تغتنم فرصة هذه اللحظة الفريدة لترقية الإصلاحات. لنخب السياسية هم بالأساس أول المتسبّبين في الأزمة في تونس.

فالمزايدات واللهفة والركوض الدائم وراء المناصب ولّدت حربا أخلاقية ومعنوية في البلاد. وعدم التفاف السياسيين والمثقفين والفاعلين في الحياة السياسية حول المشروع والأهداف التي انبنت عليها الثورة، تسبب في نشأة أزمة سياسية تليها أزمة اقتصادية وضعف للدولة ثم ظهور الإرهاب. وأنا شخصيا أحمّل المسؤولية الكاملة لما يحدث في تونس للمعارضة والحكومة والنخب السياسية.. تونس كان بالإمكان أن تكون بخير إذا سعت الحكومة والمعارضة إلى إصلاح وتطوير البلاد بعيدا عن المزايدات. لكن للأسف أنانية وانتهازية هؤلاء السياسيين الذين فقدوا الصفة الأخلاقية والوطنية هو ما تسبب في الأزمات والتراجعات التي تعيشها الدولة والصراعات أفضل طريقة للولايات المتحدة وأوروبا لتفعلا ذلك ستكون عرض آفاق التجارة المتوسّعة. إذ لطالما سعت مصر إلى إبرام اتفاقية تجارة حرّة مع الولايات المتحدة. وعلى رغم أن لديها اتفاقية ارتباط مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه لاتزال ثمة عقبات  كبيرة وهامة تعترض سبيل صادرات المنتجات المصرية إلى أوروبا، وأمام المداخل للعمال المهرة.

وعلى رغم التعب الراهن من الاتفاقات التجارية في واشنطن، إلا أن اتفاقية تجارة حرة مع مصر ستكون أفضل وسيلة لإبداء اهتمام عميق ومتواصل من قِبَل الولايات المتحدة بنجاح عملية الانتقال المصرية، بشكل مترادف مع اتفاقية موازية أعمق وأكثر شمولية يعرضها الاتحاد الأوروبي. ثم أن التطويرات الإضافية لتأهيل المناطق الصناعية برعاية الولايات المتحدة – خاصة في المناطق المتأخرة في مصر العليا- سيساعد أيضاً، بيد أن هذا ثاني أفضل خيار واضح للاتفاقيات التجارية الشاملة المطلوبة والتي تساعد على دعم الإصلاحات بعيدة المدى داخل مصر.

يتعيّن أن تكون اتفاقات التجارة المستقبلية مع مصر مُصمّمة لزيادة  ولوج الزراعة المصرية والصناعات التحويلية كثيفة العمالة إلى الأسواق الأميركية والأوروبية، ولتسهيل شروط قواعد المنشأ. مثل هذه الاتفاقات يجب أيضاً أن تُشدد على السياسات التي تزيد من حراك العمال داخل مصر، وتُحرِّر صناعاتها التحويلية والخدماتية، وتحسِّن تنافسية السوق في البلاد.  وقد تشمل الاتفاقات الشاملة إصلاحات في مصر لتسهيل التنافس في الخدمات وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما قد تشمل أيضاً  دعم التسهيلات التجارية في مصر، بما في ذلك الاستثمارات في التجارة والبنى التحتية للنقل.

علاوة على ذلك، يمكن للمانحين أن يساعدوا عملية الانتقال من خلال مشاريع تُطوِّر المؤسسات الديمقراطية، وتبني قدرات صنع السياسات، وتدعم القطاع الخاص، وتولّد الوظائف. بالطبع، لايستطيع المجتمع الدولي أن يساعد مصر إلا في المناطق التي يريد المصريخاصاً لتزويدويطلبون المساعدة فيها.

وفي ما يلي أمثلة عن المبادرات التي قد يدعمها المصريون:

المصريون قد يفيدون من المساعدة التقنية المضاعفة، خاصة في المجالات التي تُحسِّن بيئة العمل وتُعزِّز قدرة مصر على جذب كلٍ من الاستثمارات المحلية والأجنبية. هذه المجالات تشمل الهيئة القضائية، القانون التجاري، إجراءات الإفلاس، أسواق العمل، وإصلاح الإعلام.

لأن إصلاح نظام دعم الأسعار هام للغاية، يجب على المجتمع الدولي أن يبذل جهداً خاصاً  لتزويد المصريين بخبرة أجزاء أخرى من العالم النامي في مجال استطلاع الموارد وفي مختلف الوسائل التي تستخدم لاستهداف أولئك الذين هم الأكثر حاجة إلى المساعدة الاجتماعية.

الاستثمارات الخاصة- العامة المُصمّمة لإعادة بناء وتطوير المناطق التي تحتلها حالياً  أحزمة البؤس المدينية، هي مبادرة واعدة أخرى لها فوائد أساسية بعيدة المدى للتنمية، خاصة حيث هذه الأحزمة موجودة في مناطق مرغوب بها تجاريا. ويمكن للقروض المُقدَّمة إلى مشاريع إعادة تنمية أحزمة الفقر أن تكون استثمارات آمنة نسبياً وعالية المردود، هذا مع فوائد اجتماعية أخرى تعود لصالح الفقراء المصريين.

المساعدات التي تستهدف مصر العليا، حيث معدلات الفقر هي الأخطر، يمكن أن تكون لها تأثيرات عميقة. فالأموال يمكن أن تُستعمل لتطوير البنى التحتية الضرورية ولربط المُنتجين الزراعيين المحليين بكل من المراكز المدينية الرئيسة والأسواق الدولية. كما قد تستفيد التنمية الريفية في مصر العليا إلى حد كبير من تخفيف القيود التجارية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الواردات من الفاكهة الطازجة والخضروات من مصر. إن التحرير التجاري قد يجعل  تأثيرات فوائد مساعدات التنمية متطابقة مع نمو المشاريع التجارية القابلة للحياة والتطور في منطقة مصر العليا. اليوم وبعد ثورة الحرية والكرامة والديمقراطية أصبح السياسيون والمثقفون والفاعلون في الحياة السياسية هم المصدر الأساسي في تنفير المواطن التونسي عن الإقبال والانخراط في الشأن العام. فتصرفاتهم التي لا تتصف بالأخلاقية هي التي عكست ما يحدث اليوم في تونس من نزاعات ومشاكل وأزمات وهذا من شأنه أن يأثر سلبا خاصة في سير الانتخابات ويجعل المواطن التونسي يرفض ويتراجع على التصويت والمشاركة في الانتخابات. كما أنّ صفات السياسيين اليوم تمثل خطرا يهدد البلاد والثورة، والسياسي اليوم هو الذي بإمكانه أن يحدد مصيره من خلال قيمه وأخلاقه وطريقة تعامله خاصة في المنابر الحوارية والاجتماعات العامة. أن الاستبداد يحمل في طياتها بالضرورة تراكماً لسياسات فاشلة على مختلف الأصعدة وهي التي تؤدي إلى انهياره، فإن القوى التي ستدفع بها الثورات إلى تحمل مسؤولية الحكم والقيادة ستجد نفسها مدعوة إلى معالجة الأوضاع المترتبة عن المرحلة السابقة، إلى جانب التصدي للمشكلات المترتبة عن تفاعلات المرحلة الجديدة. وبالتالي كلما كانت التركة أثقل كلما كانت المواجهة أصعب وأكثر تعقيداً. وهو ما تجلى بوضوح في كل هذه الثورات، التي اختلط فيها القديم بالجديد، ووجدت نفسها – بشكل يتفاوت من تجربة إلى أخرى – تعاني من عوائق مزدوجة لا يمكنها القفز عليها، كما أنها ليست مسئولة مباشرة عن نشأتها وتشكل الكثير منها. فالبنية السياسية والاقتصادية التي لا تزال ، ويتجلىمستمرة في كل التجارب لم تولد بعد الثورة، وإنما تأسست قبل ذلك بوقت طويل، وسيصعب تغييرها بشكل جوهري في فترات قصيرة.استضعاف الدولة التحدي الثاني سياسي بامتيا، ويتجلىى في ظاهرة استضعاف الدولة. وتبرز هذه الظاهرة بالأخص في البلدان التي كانت تحكمها أنظمة قوية وشرسة، فخلقت بذلك نمطاً من الاستقرار المغلوط قائم على فرض هيبة الدولة عن طريق القمع الواسع، وهو ما ولد حالة تطابق في الذهنية العامة بين الحاكم والدولة. فينتج عن ذلك إحساس عام بأنه كلما ضعف الحاكم وتآكلت سلطته إلا وتراجعت قيمة الدولة ومؤسساتها في عيون المواطنين. ولهذا عندما سقط حكام المرحلة السابقة في دول الربيع العربي، تعالت الجرأة لدى السكان على مختلف رموز الدولة،بمن في ذلك الرؤساء الجدد والوزراء ورجال الأمن، وتولدت عن ذلك حالة اجتماعية وسياسية جديدة غير معهودة في تاريخ هذه المنطقة بين الحاكم والمحكوم. لا شك في أن السقف العالي للحريات قد يفسر جزءاً من هذه الظاهرة، لكن ذلك ليس سوى وجه من وجوه الوضعية الجديدة.فالخطر الذي من شأنه أن يتحول إلى تهديد لمقومات الاستقرار يكمن عندما يفقد المحكومون القدرة على التمييز بين الحرية والفوضى، وبين الشخص والمؤسسة، ويصبح السلوك المهيمن معادياً لتطبيق القانون ومناهضاً لإعلاء قيم العمل والمساواة ومخرب الثقافة المواطنة. ثورات اجتماعية بامتياز التحدي الثالث اقتصادي بامتياز، لأنه خلافاً لما راج في بعض الأوساط فإن الثورات التي انفجرت فجأة كانت اجتماعية بدرجة أساسية، ولم تكن لأسباب دينية أو لها علاقة وثيقة بإشكالية الهوية. لا شك في أن الأوضاع السابقة كانت معقدة ومتعددة الأزمات، لكن عمق الفوارق الطبقية وسوء التصرف في الثروات الوطنية وشعور قسم واسع من المواطنين بالحرمان والتمييز هو الذي قاد إلى تصاعد حركات الاحتجاج التي بلغت ذروتها بإبعاد القيادات السياسية السابقة عن أجهزة الحكم. المشكلة التي تواجهها حالياً هذه الثورات أن المسئولين الذين تعاقبوا طيلة المرحلة التي توالت بعد الإطاحة بأنظمة الحكم المنهارة لم يتمكنوا حتى الآن من وضع حد لتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، وهو ما انعكس سلبياً على الأوضاع الاجتماعية لمختلف الأوساط والفئات التي راهنت كثيراً على الثورات حتى تتمكن من تحسين قدراتها الشرائية. أي أنه بدل أن تشعر هذه الأوساط ببداية حصول نقلة نوعية ولو بسيطة في مستوى الأسعار ونوعية الحياة حصل العكس، حيث انتكس النظام الاجتماعي إلى الخلف، واندفع الكثيرون نحو المقارنة بين ما كان عليه مستوىا لمعيشة ودرجات الشعور بالأمن قبل الثورات وبعدها، مما ولد إحساساً غريباً لدى الأطراف الأكثر تضرراً بالحنين إلى الماضي، مفضلين الأمن والنظام الاجتماعي السابق وغير العادل على حساب الحريات والرغبة في التغيير. وهو شعور انتاب عديد الشعوب التي مرتب ظروف مشابهة. لم يكن ذلك ناتجاً فقط عن غياب الخبرة والقدرة والبديل لدى الحكام الجدد، وإنما إلى جانب ذلك يوجد عاملان آخران لا يقلان أهمية. يتمثل الأول في التركة الثقيلة الموروثة عن المرحلة السابقة،والتي كانت تدار بطريقة تقليدية تقوم على التلفيق والمناورة وحل المشكلات الظرفية والمزمنة عبر إجراءات مؤقتة ومحدودة الأثر، ولهذا عندما حصل فراغ في داخل السلطة انفجرت عشرات الملفات المزمنة فازدادت الأوضاع سوءاً.

أما العامل الثاني، فهو إقليمي ودولي، حيث كانت الأنظمة السابقة تعتمد كثيراً على الدعم الخارجي لتأمين حاجياتها وحماية توازناتها الداخلية. في حين أن القوى السياسية التي صعدت بعد الثورات، وبالأخص الحركات الإسلامية،  لم تكن تملك علاقات قوية بدول الخليج بشكل خاص باستثناء دولة قطر، وذلك لاعتبارات أيديولوجية وأخرى سياسية، وهو ما أفقدها مصدر دعم كان فاعلاً في مراحل سابقة. إذ من المفارقات التي عرفتها هذه المرحلة أن تعم لقوى تريد أن تغير المنطقة بوسائل ثورية إقناع أنظمة أخرى بضرورة تقديم الدعم المالي لها، في حين أن هذه الأنظمة ترى فيما يجري قد يشكل تهديداً مباشراً لها ولوجودها، إضافة إلى كونها لم تجد من يطمئنها ويشعرها بأن ما يحدث على الأرض قد لا يشكل تهديداً مباشراً لأمنها واستقرارها.


د. عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

 رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

 عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية

 والسياسية بجامعة الدول العربية


المصدر: أوكرانيا بالعربية

Поділитися публікацією:
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.