الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ إن أقذر وأقسى ما قد يحدث في الحروب والنزاعات المسلحة بعد قتل الأبرياء هو اختطاف الأطفال في أعمار مختلفة ثم استغلالهم جسدياً وجنسياً والزج بهم في ساحات القتال!

في بداية العدوان الروسي على أوكرانيا الذي كان في 24 فبراير 2022 قام الروس باختطاف الكثير من الأطفال الأوكرانيين من مناطق محتلة في جنوب وشرق أوكرانيا، ومعظم أُولئك الأطفال المُختطفين هم من منطقة خيرسون، وخاركيف، وزابوريجيا، ودونيتسك، ولوغانسك، ومن منطقة صغيرة من ميكولايف!

وهذا الاختطاف الروسي المُتعمد والمُمنهج للأطفال الأوكرانيين يؤكد أن الحكومة الروسية قد خططت مُسبقاً لهذا المشروع الإجرامي الغير الإنساني قبل عدوانها على أوكرانيا، الأمر الذي يعكس بشاعة الدناءة في منظومة الأخلاق الروسية الحربية.

وتشير آخر الإحصائيات الأوكرانية أن عدد الأطفال الأوكرانيين الذين اختطفتهم روسيا بلغوا 20 ألف طفل تقريباً، حيث قامت روسيا بوضع ما يقارب من 600 طفل أوكراني في دور الأيتام ، وجمعت روسيا ما يقارب من 7000 طفل أوكراني في 43 معسكرا بمناطق مختلفة في روسيا، بما في ذلك في شبه جزيرة القرم وسيبيريا، وتلك المعسكرات هي معسكرات أيديولوجية من أجل تربية الأطفال المُختطفين تربية وطنية روسية وإعادة تشكيل ثقافة الطاعة والولاء عندهم لصالح الدولة الروسية، وبعض أولئك الأطفال المختطفين هُم في سِن الفتيان  القادرين على حمل السلاح حيث زجت بهم روسيا نحو جبهات القتال ضد أوكرانيا وأعدادهم تصل تقريباً إلى 300 طفل، وأما بعض أولئك الأطفال المختطفين فإنه يتم بيع الآلاف منهم في السوق السوداء الروسية من قِبل تٌجار البشر لاستغلالهم جسدياً وجنسياً وتشغليهم في المهن المُذِلة والشاقة والصعبة في البيوت والمصانع والمزارع الروسية!

ومما يؤكد ضلوع روسيا في هذا الجُرم الإنساني العظيم في اختطافها للأطفال الأوكرانيين ما نشرته وكالة الأخبار العالمية (رويترز) في 16 أكتوبر2023، وهو أن مسؤولاً قطرياً صرّح لروتيرز "أن قطر نجحت وساطتها مع روسيا لاستعادة أطفال أوكرانيين نقلتهم روسيا إلى أراضيها دون موافقة ذويهم، وذلك بموجب آلية أنشأتها الدوحة بالتعاون مع الجانبين. وذكرت قطر إنها تسعى لاستعادة المزيد من الأطفال الأوكرانيين".

وفي 18 يوليو 2023 ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز "أن السعودية وتركيا تحاولان التوسط في اتفاق لإعادة الأطفال الأوكرانيين إلى وطنهم بعدما جرى نقلهم إلى روسيا وإيداعهم في دور للرعاية أو برفقة أسر روسية. وقالت إن مسؤولين من كييف وموسكو يعكفون في إطار تلك الجهود على إعداد قوائم بأسماء الأطفال الذين انتقلوا إلى روسيا منذ غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022".

ومما يزيد الموضوع وضوحاً وخطورة هو موقف المحكمة الجنائية تجاه ما قامت به روسيا من خطف للأطفال الأوكرانيين، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 17 مارس 2023 مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جريمة حرب بسبب ترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا بشكل غير قانوني. وأصدرت أيضا المحكمة مذكرة توقيف مماثلة في حق المفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الطفل ماريا لفوفا بيلوفا.

وفي الخميس 1 يونيو 2023 بمناسبة اليوم العالمي للطفل، صدر من العاصمة كييف بيان مُشترك لعدة سفارات: بريطانيا وأستراليا والنمسا وهولندا وكندا والدنمارك وإستونيا واليونان ولاتفيا وسويسرا وجمهورية التشيك وبولندا وسلوفينيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ونيوزيلندا والنرويج ورومانيا وإسبانيا والسويد، وكذلك وفد الاتحاد الأوروبي لدى أوكرانيا، حيث طالب البيان روسيا بإعادة الأطفال الأوكرانيين المرحلين قسرا لبلادهم وإنهاء الحرب على أوكرانيا.

ومن أجل الوصول والتعرف على الأطفال الأوكرانيين المختطفين إلى روسيا، ومن أجل تيسير حركة البحث عنهم قامت وزارة الداخلية الأوكرانية في شهر إبريل 2023 بإطلاق تطبيق (Reunite Ukraine) على الهواتف المحمولة للمساعدة في العثور على الأطفال الذين اختفوا منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي شهر فبراير 2023 جاء في دراسة شاملة أصدرها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، أنه "تم الكشف عن أن أكثر من 2400 طفل أوكراني، تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عامًا، تم نقلهم قسراً إلى بيلاروسيا من أربع مناطق في أوكرانيا تحتلها القوات الروسية". "وكسفت الدراسة، التي تمولها وزارة الخارجية الأمريكية، عن جهد منهجي منسق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو لتحديد أماكن الأطفال الأوكرانيين وجمعهم ونقلهم إلى روسيا". وجاء في التقرير أبضاً الذي استند على صور بالأقمار الصناعية وتقارير الرصد المُدوّنة، "أن 6 آلاف طفل على الأقل أُرسلوا إلى معسكرات مختلفة، وتلقوا أولئك الأطفال تدريبات على استخدام الأسلحة النارية، وأن مساعدين قريبين بوتين انخرطوا عن قرب في العملية، وخصوصا ماريا لفوفا بيلوفا، المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل.

ونقل عنها قولها "إن 350 طفلاً تبنّتهم عائلات روسية، وأكثر من ألف ينتظرون التبنّي".

وفي شهر فبراير 2023 عبر رسالة في تطبيق تلغرام كتب مفوض حقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني (دميترو لوبينتس)، أن بعض الحسابات على تطبيق تيلغرام كشفت أن الروس خطفوا أطفالا أوكرانيين وصوروا معهم مقاطع فيديو جنسية. ونشر لوبينتس مقطعاُ تم تداوله على الإنترنت بين شخصين روسيين يناقشان إشراك فتى أوكراني في تصوير فيلم إباحي للأطفال!

في نهاية سطور هذا المقال إني أُبدي اندهاشي وتعجبي الشديدين من هذه السياسة الروسية القذرة جداً في حق الطفولة والإنسانية! وإني لم أقرأ ولم أسمع من ذي قبل بتاريخ البشرية بمثل ما يفعله الروس الآن بأطفال أوكرانيا في حربهم العدوانية ضد الشعب الأوكراني!

إن الروس يريدون من هذه العمليات السافلة في اختطافهم للأطفال الأوكرانيين أن يصنعون أجيالاً موالية لهم وطنيناً وفكرياً، ويريدون زيادة نسبة الشباب في المجتمع الروسي الذي معظمه من الكهول وكبار السِن، ويُريد الروس أيضاً إضعاف الهوية الأوكرانية، والقضاء على الثقافة الأوكرانية، من أجل أن يصبح المجتمع الأوكراني مسخاً تابعاً لروسيا في تاريخه وثقافته وكنائسه ومدارسه وبرلمانه.

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

 

Поділитися публікацією:
Читайте також
سياسة
وزير أوكراني: مقتل ألفي مدني منذ بداية العام
سياسة
وزارة الدفاع الأوكرانية تعلن زيادة الإنتاج العسكري بشكل ملحوظ العام المقبل
سياسة
المجر تعارض بدء المفاوضات بشأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي
سياسة
الوفد الأوكراني يغادر اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أثناء خطاب لافروف
Головні новини
Близький Схід
Число жертв геноциду Ізраїлю в секторі Газа досягло 44 056
Політика
МКС видав ордер на арешт Нетаньяху
Політика
Хезболла та Ліван схвалили проєкт угоди про припинення вогню з Ізраїлем
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.