أفريقيا والقمح المجاني هي خدعة بوتين الجديدة للخروج من العزلة.. بقلم د. محمد فرج الله

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مع قادة أفارقة في سان بطرسبرج إن روسيا قادرة على استبدال صادرات الحبوب الأوكرانية إلى أفريقيا، وستكون مستعدة لبدء توريد الحبوب مجانا إلى ست دول بالقارة في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر على حد تعبيره .

وذكر بوتين أن هذه الدول هي بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا، مضيفًا أنها ستحصل على ما يتراوح بين 25 و50 ألف طن لكل منها.

اذ يعتبر ملف الحبوب من الملفاتٍ شديدةِ الأهمية، إذ تأتي القمةُ الروسيةُ الأفريقية في سانت بطرسبورغ، الأمر الذي يذكرنا كثيرا بما فعله سابقا الرئيس الليبي معمر القذافي والسوداني عمر البشير وما تفعله الآن إيران، فكلها تجمعها نقطة وهي "أفريقيا" وهذه النشاطات تهدف لمحاولة للخروج من العزلة التي فرضتها القوى الغربية على روسيا بسبب عدوانها على أوكرانيا، وبالرغم من اختلاف الملفات والواقع ومرور الزمن إلا أن أفريقيا تظل الوجهة الأمثل للأنظمة الديكتاتورية للخروج من العزلة.

فالقمةِ الأفريقيةِ-الروسية في سانت بطرسبورغ تأتي في هذا السياق في محاولة لإحداث فوارق بينها وبين قمةِ سوتشي قبلَ أربعةِ أعوام.

ومع العلم بتراجعَ عددِ الحضورِ بين الرؤساءِ الأفارقة الذي يزعجُ روسيا، فالدول الأفريقية التي تغيبت إما بسبب قناعتها بالموقف الدولي الداعي لضرورة عزل روسيا طالما هي مستمرة في عدوانها على أوكرانيا وإما بسبب الضغوطِ الغربية على الدولِ الأفريقية لإفشالِ هذا الحدث.

إلا أن روسيا تمكنت من إرسال رسالةَ من القمةِ مفادها أنَ اهتمامَها بالقارةِ الأفريقية لم يتغير، برغمِ الظروف. وأنها صديقةٌ وستبقى كذلك. حسب ما تدعي روسيا .

وتأتي القمةِ في سياقِ المواجهةِ مع الغرب. وفي هذا السياق كتبَ الرئيسُ الروسي بوتين مقالاً موجهاً لأفريقيا تناولتهُ وسائلُ إعلامِ خمسةٍ وعشرينَ دولةً أفريقية. وفيه استحضارٌ للجذورِ الراسخةِ والعميقة للعلاقاتِ القائمة على الثقة، وتصرُّ روسيا اليوم على شراكةٍ موثوقةِ وتطلعية، إذ أمِلَ بوتين أن تُحرِرَ أفريقيا نفسَها من التراثِ الثقيلِ للاستعمارينِ القديمِ والجديد حسب ادعائه.

وبحسبِ المقال فانه واضح بانه بوتين يستغل اللَعِبَ على الاستياءِ من الإرث الاستعماري الراسخٌ في عقول الأفارقة. لكنَ انسحابَ موسكو من اتفاقيةِ الحبوبِ بالبحر الأسود يعتبرُ حاسماً بالنسبةِ للقادةِ الأفارقة الذين لم يُخفوا استياءَهُم. ولذلكَ شهدت القمةُ إعلاناتٍ متعلقة بالمساعداتِ الغذائيةِ لأفريقيا ومنها التصريح بتزويد دول مجانا بالقمح كمحاولة لإرضاء القادة الأفارقة أو رشوتهم.

ولكن الحقيقة أن روسيا غير قادرة على تطبيق ذلك، وان طُبق جزئيا فسيكون رشوة لهذه الدول كي تنفذ سياسات معينة تفرضها موسكو عليها ومنها ملفات كثيرة سواء تصويتها لصالح موسكو في الأمم المتحدة و السماح لفاغنر أن تنشر قواتها في تلك البلدان وغيرها .

والنتيجة ستكون خيبة أمل وخسارة لهذه الدول، فمن جهةٍ ستصبح الدول الأفريقية المستفيدة من "القمح المجاني" الروسي في عزلة دولية بل سيعرضها لعقوبات ستدفع لاحقا ثمنها أضعاف مضاعفة من جهة، ومن جهة أخرى ستعمل فاغنر على نهب الذهب والألماس من هذه الدول لترسلها لموسكو ولتمويل حربها على أوكرانيا وأنشطتها الإجرامية وكل هذا سيكون ثمنا مقابل القمح المجاني ..

ومع أن القمةُ مهمةٌ من حيثُ رمزيةِ الصورة، لكن روسيا تدخُلُ السوقَ الأفريقيةَ متأخرةً عن الصينِ والاتحادِ الأوروبي وتركيا، ولكن يجب على أوكرانيا وعلى الغرب تعزيز الوجود في أفريقيا وتعزيز شركات حقيقية للتعاون لخلق واقع مشرق قادر على نحو كل ارث الاستعمار البغيض.

فالأفارقة يدركون جيدا في نهاية المطاف بان مستقبلهم مع الدول الأوروبية والحضارة الغربية… وإلا لم يودعوا أموالهم في بنوك سويسرا ولما أرسلوا أبناءهم للدراسة في الجامعات الغربية ولما سعوا للحصول على الجنسيات الأوروبية وليس الروسية.

بقلم د. محمد فرح الله

المصدر: أوكرانيا بالعربية

Поділитися публікацією:
Читайте також
سياسة
بلينكن يعلن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا
سياسة
رئيس غينيا الاستوائية يستقبل وزير الخارجية الأوكراني
سياسة
وزير خارجية أوكرانيا يزور غينيا الاستوائية
سياسة
وزير الدفاع الأمريكي: لدى أوكرانيا خيارات متاحة في هجومها المضاد
Головні новини
Різне
ГУР: Російський суховантаж Sparta пройшов Гібралтар та прямує до Сирії
Різне
В ході операції ГУР та МЗС із Сирії евакуювали 34 людини
Дипломатія
У Києві урочисто відзначили Національний день Катару
Шукайте нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.