وزير خارجية أوكرانيا: يجب طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ كتب وزير الخارجية الأوكراني مقالة نشرتها صحيفة "ذي هيل" الأمريكية في 15 آذار/ مارس جاء فيها:
بسبب حرب روسيا الهمجية غير المبررة ضد أوكرانيا، تواجه البشرية العديد من الأسئلة الصعبة. واحدة من أهم الأمور: لماذا تقف الدبلوماسية المتعددة الأطراف مكتوفة الأيدي عندما تكون هناك حاجة إليها؟ لماذا هذا العدد من المنظمات والمنتديات الدولية باهظة التكلفة إذا كانت لا تفي بمهمتيها الرئيسيتين - منع الحروب وإنهائها؟ ليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها العالم هذه الأسئلة.
هل من الممكن الحفاظ على عالم قائم على القواعد إذا داست عليها دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أي واحدة من الدول الخمس التي يجب أن تدافع عنه) بوقاحة وبشكل صارخ؟
لقد غزت روسيا دولة مجاورة، وتحاول ضم أراضيها، وتقصف الأحياء السكنية بشكل منهجي، وتدمر مدنًا وقرى بأكملها، وتغتصب وتسرق وترتكب إبادة جماعية، وتنفذ ربما أكبر حملة تهجير قسري للأطفال في التاريخ الحديث.
لم تخرق روسيا السلام فحسب، بل مزقته إلى أشلاء.
دعونا ننظر إلى الوراء. في عام 1945، عندما كانت معظم أوروبا والعديد من أجزاء العالم الأخرى في حالة خراب، أنشأت البشرية الأمم المتحدة. منظمة تتمثل مهمتها في الدفاع عن القواعد المشتركة التي تكفل عدم قيام البلدان الأكبر والأقوى بمهاجمة البلدان الصغيرة أو ضم أراضيها أو تقسيمها بالقوة.
وكان من المقرر أن تحل سيادة القانون محل قانون القوة. وتحقيقا لهذه الغاية، أسند المجتمع الدولي مسؤولية خاصة عن صون السلم والأمن الدوليين إلى خمس دول قوية: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا والصين.
وأصبحوا، إذا جاز التعبير، "قضاة العالم" المسؤولين عن صون السلام والتعاون. الحرب الروسية ضد أوكرانيا أظهرت الحقيقة على الملأ: أحد هؤلاء القضاة محتال، وبدلا من الدفاع عن السلام الدولي، تتحدى روسيا وجوده بحد ذاته، وبدلا من أن تكون حامية له، فإنها تتصرف بعدوانية، وبدلا من أن تكون الدواء الشافي، أصبحت مرضًا.
إن العدوان على أوكرانيا ليس حادثة معزولة. الهجوم على جورجيا في عام 2008، وتهديدات مولدوفا، والمحاولة غير القانونية لضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، والتدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية، واستخدام الطاقة والمعلومات كأسلحة، وفرض أيديولوجية العسكرة والإمبريالية على سكانها، والاستخدام المنهجي للمنشطات في الألعاب الرياضية الدولية، وزعزعة الاستقرار واستغلال الدول الأفريقية من قبل مرتزقة "فاغنر"، لقد وضعت روسيا نفسها منذ فترة طويلة فوق أي قواعد وقوانين.
هل يحتاج العالم إلى مثل هذا "القاضي"؟ هذه هي القضية الأكثر إلحاحا التي تواجه العالم، بالنظر إلى الفظائع الجماعية التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، وقسوتها وازدراءها للإنسانية. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا لم تقم بغزو أعاد ذكريات الحرب العالمية الثانية فحسب، بل حاولت في شتاء 2022-2023 حاولت تجميد الأوكرانيين حتى الموت عن طريق الإرهاب الصاروخي ضد نظام الطاقة في أوكرانيا. تلجأ روسيا إلى التهديدات بالأسلحة النووية، وتروج وسائل إعلامها الحكومية للإبادة الجماعية للشعب الأوكراني.
وصلنا إلى هذه الأوقات العصيبة لأنه سُمح لروسيا بالاقتناع بقدرتها على الإفلات المطلق من العقاب. بدأ كل شيء في ديسمبر 1991، عندما اغتصب ممثلو روسيا بشكل غير قانوني مكان الاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولم يتم اتباع أي إجراء قانوني يحدده ميثاق الأمم المتحدة.
وببساطة أصبح تغيير لوحة "الاتحاد السوفيتي" إلى لوحة "الاتحاد الروسي" أكبر عملية احتيال دبلوماسي في القرن العشرين. وفي فبراير/شباط، أكدت في اجتماع لمجلس الأمن الدولي أن روسيا حولت مقعد العضو الدائم في مجلس الأمن إلى عرش الإفلات من العقاب. ونتعامل اليوم مع عواقب انتهاك القواعد قبل 32 عامًا.
اليوم، روسيا ليست قاضيا ولا حلا لمشاكل العالم. يجب ألا تنتهي الحرب الروسية فقط بهزيمة ساحقة لبوتين، بل يجب أن تكون نتيجتها إعادة التفكير بشكل أساسي في نظام الأمن العالمي وإصلاح المؤسسات الدولية المصممة للحفاظ على السلام واستعادته.
لم تحصل روسيا قانونياً على صفة عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ويجب طردها من هذه الهيئة المحترمة، وإلا فإن المجرم على كرسي القاضي سيستمر في التشكيك في شرعية نظام الأمم المتحدة بأكمله.
المصدر: أوكرانيا بالعربية