أربعة أعوام مضت على جريمة قتل فخري درويش بمدينة دنيبرو شرقي أوكرانيا دون حساب أو عقاب.. بقلم د. محمد فرج الله
كييف/أوكرانيا بالعربية/ شهد يوم الأمس الاثنين مرور الذكرى السنوية الرابعة لحادثة العثور على جثة رجل الأعمال الأوكراني الجنسية والفلسطيني الأصل فخري مصطفى حسن درويش، في مدينة دنيبروبيتروفيسك جنوب شرقي أوكرانيا، بعد عملية بحث وتحري جنائي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر منذ اختفائه.
فقد كان المرحوم فخري درويش من مواليد عام 1976، متزوجا وأباً لطفلين، وكان رجل أعمال معروفاً بمجال الخدمات الطلابية في مدينة دنيبرو بشكل خاص وفي أوكرانيا بشكل عام، وكان رئيساً ومؤسساً لشركة "أسفيا".
وها نحن نشهد مرور أربعة أعوام على جريمة قتله والتي على الأرجح تمت على يد مجموعة إجرامية مُنظمة وهذا ليس بالسر الخفي، فيكفي الإشارة الى أنه اختفى لمدة ثلاثة أشهر بطريقة مريبة جداً، وكذلك عندما عثر على جثته بدت علامات التعذيب البشع واضحة على جسده الذي بدأ بالتحلل، رحمه الله.
فعندما اختفى مساء يوم الخميس الموافق 29 كانون الثاني/ يناير من عام 2015، وجدت سيارته متروكة من غير علامات كسر أو سطو أو أثار لوقوع قتال أو شجار، كما أن السيارة لم تكن مغلقة ابداً، فالمجرمون تركوا هذه الرسالة واضحة.
وجرت عملية التعرف الجنائي عليها من قبل أقربائه وزوجته، في مشرحة المدينة يوم الأربعاء الموافق 29 نيسان/ أبريل 2015، حيث دعت الشرطة الأوكرانية في ذلك اليوم المقربين منه للتعرف على الجثة وأفاد التقرير الشرعي الأولي بأن تاريخ الوفاة يعود إلى ما قبل شهرين تقريباً، أي ان المجرمين لم يكتفوا بتعذيبه وقتله فحسب، وإنما سعوا لتعذيب جثته واخفائها إلى أطول وقت ممكن، حيث بقيت الجثة مغمورة بالمياه على الأغلب طيلة المدة، مما أعاق عملية تحديد تاريخ الجريمة بدقة.
كما وأكد شهود عيان حينها بأن هنالك علامات واضحة على الجثة تشير إلى أن المجني عليه قد تعرض للتعذيب وربما التنكيل بجثته، مما يؤكد عملية القتل المتعمد، وليظل الغموض مخيماً على تفاصيل ودواعي الجريمة حتى يومنا هذا.
ومنذ اختفائه يوم الخميس الموافق 29 كانون الثاني/ يناير من عام 2015 ، تقدمت "أوكرانيا بالعربية" وعدد من وكالات الانباء الصديقة بطلبات رسمية إلى الجهات الأمنية الأوكرانية للبحث الجنائي عن المرحوم إضافة إلى الجهود التي بذلت من قبل السفارة الفلسطينية وغيرها من المؤسسات الأخرى. فقد أكدت سفارة دولة فلسطين لدى أوكرانيا لصحيفتنا بأن البعثة الدبلوماسية قد تفاعلت مع القضية منذ الساعات الأولى، حيث أبلغت جميع المؤسسات الرسمية المعنية في أوكرانيا مطالبة باتخاذ جميع الإجراءات القانونية للبحث عن المفقود وإعادته سالماً لأهله وذويه كما وأبغلت المؤسسات الرسيمة في فلسطين بهذه القضية.
ولكن وللأسف لم تكلل عمليات البحث عنه بالنجاح هذا في حال جرى البحث عنه أصلاً بطريقة مهنية ومسؤولة، ولكن أبناء الجاليات العربية في أوكرانيا فجعوا ذلك اليوم بخبر مقتل فخري درويش وتبادرت للأذهان هل انتهت فعلاً حقبة الزمن الاجرامي؟ هل للقانون سلطة وهيبة حقيقية؟ هذه أسئلة هامة ومشروعة لا بد أن نتوقف عندها جميعاً ولكن لا بد أيضاً أن نكون على قدر من المسؤولية والتعاون مع الدولة وفق القانون للعمل على منع تكرار مثل هذه الجرائم وعدم السماح بمجرد التفكير بمثلها، فهي بالدرجة الأولى تضرّ بسمعة أوكرانيا وأجهزتها الأمنية.
واذكر حينها باننا تلقينا خطاباً أرسلته الشرطة إلى هيئة التحرير يفيد بأنه تم فتح ملف جنائي حول الجريمة، لكن لم نتلق أية إضافات بعد ذلك ولم نشهد أية محاكم ولا تحرياً حقيقياً ولا غير ذلك.
ولعل التقاعس في متابعة هذا الملف منا جميعاً ، سواء من قبل أهل المرحوم أو من قبل الجاليات العربية أو الإعلام أو المؤسسات الأخرى - فنحن في خندق واحد - أدى إلى ترك ملف المرحوم في الأجندة المنسية، فهل بقي فخري لا بواكي له؟؟؟ فلكنا يعلم جيداً بأنه لا يضيع حق إذا كان هناك من يطالب به، فهل كان هناك من يُطالب بهذا الحق؟
بدورنا قمنا مجدداً في مطلع العام 2019 الجاري بإرسال خطابات رسمية إلى وزارة الداخلية الأوكرانية والشرطة ومكتب الرئاسة ومكتب المدعي العام الأوكراني مطالبين مجدداً باطلاع الرأي العام على ما تم الكشف عنه في ملابسات هذه الجريمة، وهل جرت محكمة؟ ام قيدت القضية ضد مجهول؟ ولكن حتى كتابة هذه السطور لم يصلنا أي رد.
قد يقول قائل ما بأنه كان للمرحوم أعداء كُثُر!!! ... ولكن نقول بأننا لسنا بالملائكة ولم يكن المرحوم ملاكاً وقد يكون له الكثير من الأخطاء والأعداء، ولكن المهم بأنه إذا استباح المجرم دم أخانا فخري فما الذي سيمنعه من استباحة دماء الآخرين؟ بل سوف يتمادى في جرائمه ويستمر بحق من تبقى حتى لو لم بخطئ بشيء.
فلتكن هذه عبرة لنا ولنتوحد جميعنا حول مطلب واحد واحد ونطالب بتحقيق رسمي وشفاف وفق حروف القانون.
وفي هذا اليوم لا يسعني إلا ...
أن أترحم عليه، رحمه الله وغفر لنا وله،
وأن أدعوا أهله وأقربائه للعمل على تسوية أية خلافات في حال وجدت أو سداد ديون في ذمته لدى الآخرين في حال بقيت، فقد أمرنا الله في كتابه الكريم : ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ االنَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ))، وففي نهاية المطاف لا يشعر بآلمنا إلا من هو منا...
بقلم د. محمد فرج الله
رئيس تحرير أوكرانيا بالعربية