أوكرانيا يالعربية | مشروع "روسيا الصغرى" شرقي أوكرانيا يُحرج موسكو... بقلم رائد جبر
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم يكن ينقص الكرملين في غمار محاولاته لفك العزلة المفروضة على روسيا، ومواجهة العقبات الكثيرة التي تعترض مسار تطبيع العلاقات مع الغرب، إلا هزة جديدة كبرى فجّرتها الطموحات الانفصالية المتضخمة عند حلفاء روسيا في الشرق الأوكراني.
الإعلان عن «قيام» دولة جديدة في شرق أوكرانيا، تكون «الوريث الشرعي» لأوكرانيا التي يراها الانفصاليون «بلداً متهاوياً أصبح فاقداً الشرعية»، تحاصره أزمة اقتصادية خانقة وحرب أهلية ونزاعات لا تنتهي، وضعت موسكو في موقف لا تحسد عليه. فهي متهمة بتشجيع النزعات الانفصالية وجر أوكرانيا إلى أزماتها الحالية لتحقيق أهداف سياسية، وتكريس طموحات الكرملين السياسية في الفضاء السوفياتي السابق.
لكن الحرج الروسي الأكبر أن «الدولة» المعلنة حملت اسم «روسيا الصغرى» الذي لا يعكس فقط تطلع المجموعات الانفصالية إلى هدم أركان الدولة الأوكرانية والانضمام في وقت لاحق إلى «روسيا الأم» وفق ما قال قائد الانفصاليين أوليكساندر زاخارتشينكو، بل يشكل في الوقت ذاته، اختباراً لحقيقة نيات الكرملين الذي ساند الانفصاليين، ورفع شعار «روسيا لا تتخلى عن أبنائها».
وهو يخوض حملته القوية في أوكرانيا، ليجد نفسه مضطراً لتخفيف وقع الطموحات الانفصالية، واعتبار «روسيا الصغرى» مجرد «جزء من الحرب الإعلامية وليست انعكاساً لسياسة واقعية».
هذه العبارة قالها مبعوث الرئيس الروسي لتسوية الأزمة الأوكرانية بوريس غريزلوف، وتحولت إلى دلو ماء بارد ألقي فوق رأس زاخارتشينكو الذي تجنب التعليق على رد الفعل الروسي.
وسعى الكرملين إلى تخفيف حدة الموقف، واعتبر الناطق باسمه ديمتري بيسكوف أن إعلان قيام «روسيا الصغرى» لا يعدو كونه «مبادرة شخصية من جانب رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية». وسعى إلى نفي تهمة تورط موسكو بالأمر بالإشارة إلى أنها «علمت بالتطور عبر تقارير وسائل الإعلام». لكن «الوثيقة الدستورية» التي أعلنت قيام ما يسمى (روسيا الصغرى) توحي بأن عملاً كبيراً تم إنجازه قبل الوصول إلى مرحلة الإعلان رسمياً عن الحدث. فهي نصت صراحة على «تأسيس دولة جديدة، تكون وريثة قانونية لأوكرانيا. وتحمل اسم مالوروسيا «روسيا الصغرى» لأن تسمية أوكرانيا فقدت صدقيتها».
وحددت الوثيقة مدينة دونيتسك في شرق أوكرانيا عاصمة للدولة الجديدة. واعتبر زاخارتشينكو أن مالوروسيا تمثل مخرجاً سلمياً للأزمة الأوكرانية الحالية، لأن «سلطات كييف فاقدة الشرعية وعاجزة عن وقف الحرب» على حد تعبيره. ووجه الدعوة إلى أقاليم أوكرانيا للانضمام إلى الدولة الوليدة خلال السنوات الثلاث المقبلة التي سيتم خلالها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات وستعيش روسيا الصغرى خلالها في حال الطوارئ «تفادياً لتفشي الفوضى». ووجه قادة الانفصال نداء طالبوا فيه بتأييد المجتمع الدولي، مشددين على أن «هذا اقتراحنا الأول والأخير».
وأكدوا أن «الدستور الجديد سيقوم على مبادئ الدولة المستقلة ذات السيادة، ووحدة الأراضي مع الاعتراف بشرعية ما اسموه "استفتاء تقرير مصير شبه جزيرة القرم"، إضافة إلى الوضع الحيادي خارج أي تحالفات، والتنوع الاقتصادي وإعادة الاعتبار إلى التراث السوفياتي والحفاظ على نظام التنقل من دون تأشيرات مع الاتحاد الأوروبي إذا وافق».
على هذه الخلفية، اضطرت موسكو للنأي بنفسها عن الإعلان، كما دفعت حليفها الثاني في الشرق الأوكراني رئيس الانفصاليين بإقليم لوغانسك الذي توقعت دونيتسك أن يسارع لإعلان انضمامه إلى «الدولة الوليدة»، إلى إعلان رفضه «الخطوة المتسرعة».
ومنح الموقف الناشئ الحكومة الأوكرانية والمعارضة الروسية فرصة جديدة لانتقاد تصرفات الكرملين التي «قادت إلى نشر الفوضى في أوكرانيا وتهدد بتطورات مماثلة في الفضاء السوفياتي السابق»، وفق ما قال ممثل الرئيس الأوكراني بيترو بوروتشينكو. أما بعض الأوساط الروسية التي روجت طويلاً لـ «روسيا الكبرى» التي استعادت مكانتها الدولية، فأعرب عن خيبة أمل بسبب «التخلي عن روسيا الصغرى».
المصدر: الحياة