أوكرانيا بالعربية | تجويع الأبرياء في "مضايا" السورية حتى الموت جريمة مدانة.. وماذا عن ضحايا الحصار في اليمن؟... بقلم عبد الباري عطوان | مقالات عبد الباري عطوان
09.01.2016 - 14:42
بداية ندين بأقوى الكلمات والعبارات الحصار الذي فرضته السلطات السورية على بلدة مضايا في ريف دمشق، وتعريض العشرات بل المئات من ابنائها للموت جوعا، فهذه جريمة لا يمكن ان تغتفر، ولا يجب السكوت عنها، ناهيك عن تبريرها
كييف/أوكرانيا بالعربية/بداية ندين بأقوى الكلمات والعبارات الحصار الذي فرضته السلطات السورية على بلدة مضايا في ريف دمشق، وتعريض العشرات بل المئات من ابنائها للموت جوعا، فهذه جريمة لا يمكن ان تغتفر، ولا يجب السكوت عنها، ناهيك عن تبريرها.
موافقة الحكومة السورية على ادخال مساعدات انسانية الى البلدة، اظهرت "رضوخا" للحملات الاعلامية الدولية التي نشرت صورا مرعبة للضحايا، وقد برزت عظامهم من شدة الجوع، هو تأكيد على انها منعت هذه المساعدات طوال الاشهر الماضية، واعتراف بالجريمة.
الامم المتحدة رحبت بهذه الموافقة، وبدأت في ايصال المساعدات الانسانية الى مضايا والفوعة وكفريا، كما اكد متحدث باسم الصليب الاحمر في سوريا ان منظمته ستفعل الشيء نفسه بعد تلقيها موافقة مماثلة.
المنظمة الدولية اكدت في تقارير موثقة بان الناس يموتون من الجوع، ويتعرضون للقتل اثناء محاولتهم مغادرة مضايا التي يعيش فيها نحو 42 الف شخص، وان هناك نقصا في كل شيء، ابتداء من حليب الاطفال وحتى الادوية ناهيك عن الكهرباء والماء، ولجأ بعض السكان الى العيش على الحشائش واوراق الشجر.
هؤلاء الذين يموتون جوعا وعطشا ومرضا، هم اهلنا وبشر قبل ان يكونوا سوريين، ومن حقهم على حكومتهم، وبغض النظر عن موقفهم، توفير كل متطلبات الحياة الضرورية، وصون حياتهم وعدم التعاطي معهم بجريرة جماعات المعارضة المسلحة.
نتضامن مع اهالي بلدة مضايا وكل المحاصرين الآخرين في سوريا والوطن العربي، ولكن من حقنا ان نتساءل عما اذا كانت الحملة الاعلامية في بعض المحطات التلفزيونية العربية بريئة في موقفها هذا، وان هدفها هو التعاطف مع الابرياء المحاصرين؟ ولماذا تصاعدت هذه الحملة الاعلامية العربية في تزامن مع تصاعد الصراع السعودي الايراني، وركزت على "حزب الله" اكثر من تركيزها على الحكومة السورية؟
واذا كانت هذه المحطات التلفزيونية العربية التي افردت المساحات العريضة على شاشاتها لاظهار صور الضحايا الابرياء العزل للحصار الظالم في مضايا، حريصة على ارواح المدنيين، فلماذا لم تفعل الشي نفسه او خمسه، لما يجري في اليمن الشقيق من حصار تجويعي حتى الموت ايضا، ومستمر منذ عشرة اشهر، ولماذا لم تبث صورة واحدة لمدني يمني مزقت احشاءه صواريخ طائرات "عاصفة الحزم"، ومثل الآلاف؟
الانسان هو الانسان، والحصار هو الحصار، والضحايا هم الضحايا، والتمييز بين هؤلاء الضحايا، او هذه الحصارات، وفق الاهواء والتوجيهات السياسية من الذين يتربعون على كراسي الحكم، هو ابشع انواع التواطؤ، ومشاركة في الجريمة، وقتل الابرياء، وارتكاب جرائم حرب.
نحن نملك الجرأة والشجاعة والاستقلالية، وندين بأقوى العبارات جريمة النظام السوري في مضايا، فهل يملك اصحاب الامبراطوريات العربية الاعلامية الضخمة، ادانة النظام السعودي وعاصفة حزمة، التي تقتل صواريخها وغاراتها آلاف الابرياء في اليمن الذي يعتبر واحد من افقر دول العالم، وهل يستطيعون ادانة الحصار البري والبحري والجوي المفروض على 25 مليون يمني؟ نسأل ولا ننتظر الاجابة.. لاننا نعرفها جيدا.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية