أوكرانيا بالعربية | تيموشينكو المُرشحة الشقراء لرئاسة أوكرانيا في انتخابات عام 2019.. بقلم د. خليل عزيمة
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ سلطت المقالة الثانية من سلسلة المقالات الهادفة لتعريف القارئ بمرشحي الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقرر اجراؤها في آذار/ مارس من العام 2019 المقبل، الأضواء على السياسية الشقراء والُمرشحة الرئاسية يوليا تيموشينكو.
فمن هي يوليا فولوديميريفنا تيموشينكو ؟
يوليا تيموشينكو - السياسية الشقراء التي تتمتع بقدرات خطابية مميزة أو "السيدة يو"، "السيدة الحديدية"، "أميرة الغاز"، "رمز الثورة البرتقالية"، والتي أصبحت واحدة من أشهر النساء في العالم على مدى العقد الماضي. حيث أصبحت من خلال شهرتها وشعبيتها أول امرأة يتم تعيينها كرئيس وزراء لأوكرانيا.
تمتلئ السيرة الذاتية ليوليا تيموشينكو بالعديد من الأسرار غير المحلولة، ولكن هذا لم يمنع المرأة السياسية من تخطي جميع العقبات والانتقال بثقة إلى مستويات عالية في السلطة، مظهرةً المثابرة وقوة الإرادة والشخصية القوية.
ولدت يوليا تيموشينكو في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1960 في مدينة دنيبرو (دنيبروبتروفسك) الصناعية شرقي أوكرانيا، لأب لاتفي وأم أوكرانية.
تخرجت تيموشينكو من المدرسة الثانوية في دنيبروبيتروفسك في عام 1977، حيث سجلت في عام 1978 في قسم الأتمتة في معهد التعدين في دنيبروبيتروفسك، وفي عام 1979 انتقلت إلى قسم الاقتصاد في جامعة دنيبروبتروفسك الحكومية، وتخصصت في الهندسة السيبرانية وتخرجت في عام 1984 بمرتبة الشرف من الدرجة الأولى كمهندس اقتصادي.
بدأت حياتها العملية في أحد المصانع العملاقة شرقي البلاد "مصنع دنيبرو لبناء الآلات" في دنيبروبيتروفسك حتى عام 1988 حيث عملت كمهندس اقتصادي، ثم مديرة لعدد من الشركات التي لها علاقة بقطاع الطاقة، وجاءت النقلة الكبيرة في حياتها مع إنشاء مؤسستها الخاصة لتجارة المنتجات النفطية في عام 1990، التي سرعان ما قفزت إلى صدارة المؤسسات النفطية الكبرى في أوكرانيا مع منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وصارت مؤسستها تزود القطاع الصناعي الأوكراني بالغاز فأثرت في هذه الصناعة حتى صارت تلقب "أميرة الغاز". حصلت على الدكتوراه في عام 1999 من جامعة كييف الاقتصادية الوطنية وكانت أطروحتها بعنوان "تنظيم الدولة للنظام الضريبي".
أما في حياتها السياسية فقد تقلبت بين مناصب الحكم وغياهب السجون، وصنفتها مجلة "فوربس" الأميركية في يوليو/ تموزعام 2005 ضمن قائمة المئة امرأة الأقوى تأثيرا في العالم.
دخلت يوليا تيموشينكو عالم السياسة في عام 1996، عندما حققت 92.3٪ من الاصوات في انتخابات البرلمان الأوكراني عن الدائرة رقم 229، بوبرينيتس، في محافظة كيروفوهراد. ثم انضمت تيموشينكو في البرلمان إلى تجمع المركز الدستوري. في شباط / فبراير عام 1997 كان هذا التجمع الوسطي قوياً، ودعم سياسات الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما، لتصبح عام 1998 رئيسة للجنة الميزانية داخل البرلمان فأشرفت على سياسات ضبط الميزانية والإصلاح الضريبي.
تم في عام 1999 تنظيم حزب باتكيفشينا السياسي (حزب الوطن) وأصبحت رئيسةً للحزب. كانت تيموشينكو من أواخر كانون الأول/ ديسمبر 1999 إلى كانون الثاني/ يناير 2001، نائبة رئيس الوزراء لقطاع الوقود والطاقة في مجلس وزراء فيكتور يوشينكو، الا انها غادرت مقاعد البرلمان في 2 آذار/مارس 2000.
أسست في 9 شباط/ فبرايرعام 2001، كتلة يوليا تيموشينكو، وهي كتلة سياسية حصلت على 7.2 % من الأصوات في الانتخابات البرلمانية عام 2002. وفي 13 شباط / فبراير 2001، ألقي القبض على تيموشينكو واتهمت بتزوير الوثائق الجمركية وتهريب الغاز في عام 1997.
ونظم مؤيدوها السياسيون العديد من التظاهرات الاحتجاجية بالقرب من سجن لوكيانيفسكي حيث كانت محتجزة هناك، وفي آذار / مارس 2001، وجدت محكمة حي بيشيرسك في كييف أن التهم لا أساس لها، وألغت عقوبة الاعتقال وفي 9 نيسان / أبريل 2003، أصدرت محكمة الاستئناف في كييف حكماً يبطل ويلغي الإجراءات المتعلقة بالقضايا الجنائية ضد يوليا وزوجها أولكسندر تيموشينكو.
أعلنت يوليا تيموشينكو في آذار/ مارس عام 2004، أن قادة "أوكرانيا"، مع حزب الشعب الأوكراني والحزب الاشتراكي الأوكراني يعملون على اتفاق ائتلاف بشأن المشاركة المشتركة في الحملة الرئاسية، وبالتالي قررت تيموشينكو عدم الترشح للرئاسة وإفساح المجال أمام فيكتور يوشينكو.
وفي 2 تموز / يوليو عام 2004، أنشات يوليا تيموشينكو كتلة شعبية قوية، وهو ائتلاف يهدف إلى وقف ما أسمته "العملية المدمرة التي أصبحت، نتيجة للسلطات القائمة، سمة مميزة لأوكرانيا". وتضمنت المعاهدة وعداً من قبل فيكتور يوشينكو بترشيح تيموشينكو لمنصب رئيسة الوزراء إذا فاز يوشينكو في انتخابات الرئاسة التى جرت في أكتوبر عام 2004. وانضمت تيموشينكو عام 2004 إلى فيكتور يوشينكو في زعامة "الثورة البرتقالية" السلمية التي أدت إلى إبطال فوز فيكتور يانوكوفيتش بالانتخابات الرئاسية بسبب "التزوير"، وحكمت المحكمة العليا الأوكرانية حينها بتزوير الانتخابات مما أدى إلى وصول "التحالف البرتقالي" إلى سدة السلطة ببرنامجه السياسي الموالي للغرب والمعادي لروسيا.
عينها يوشينكو - الذي تولى رئاسة الجمهورية - رئيسة للحكومة في 24 يناير/ كانون الثاني 2005، لكنه أقالها في 8 أيلول/ سبتمبر بسبب خلافات حول سياسة الخصخصة، ثم عادت إلى المنصب في 18 كانون الأول/ديسمبر 2007 واستمرت فيه حتى سحب البرلمان الثقة من حكومتها في الثالث من آذار/ مارس 2010، وخرجت تيموشنكو من السلطة بعد هزيمتها في الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس يانوكوفيتش، لكنها كانت أول امرأة تنجح في الوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، حيث لم تحصل تيموشينكوعلى تأييد من المرشحين الآخرين الذين لم ينجحوا من الجولة الأولى من التصويت. وفي الجولة التي أجريت في 7 شباط / فبراير 2010، اُنتخب يانوكوفيتش رئيسا لأوكرانيا. ووفقا للجنة الانتخابات المركزية، حصل على 48.95٪ من الأصوات؛ بينما حصلت تيموشينكو على 45.47٪ من الأصوات. وفازت يوليا تيموشينكو بـ 17 من أصل 27 دائرة انتخابية في المناطق الغربية والوسطى والشمالية من أوكرانيا وفي كييف ورغم وصفها الانتخابات الرئاسية بأنها كانت "مزورة"، فإن المراقبين الدوليين حكموا بنزاهتها.
وقفت تيموشنكو مجددا أمام المحكمة بعد أن اعتبر القضاء الأوكراني أن الفترة التي تولت فيها قيادة الحكومة شهدت الكثير من التلاعب واستغلال النفوذ والمخالفات المالية، ومنها إهدار المال العام والتفريط في المصالح الوطنية. وصدر الحكم عليها في 11 تشرين الأول / أكتوبر 2011 بالسجن مدة سبعة أعوام، ومنعها من ممارسة العمل في أي من المؤسسات الحكومية ثلاثة أعوام أخرى بعد قضاء مدة العقوبة.واستند الحكم إلى اتهامها باستغلال مراكزها الوظيفية وموافقتها على توقيع عقود شراء الغاز الروسي بأسعار مبالغ فيها عام 2009 دون الرجوع إلى الحكومة وأودعت في سجن كاتشانوفسكي في خاركوف.
كانت فترة بقاء تيموشينكو في السجن منذ الأيام الأولى مليئة بعدم القدرة على التنبؤ والغموض. وبدأت في الإبلاغ عن الحالة الصحية الرديئة وظهور كدمات على جسدها، في حين أبلغ المحامون عن تسمم موكلتهم. وفي وقت لاحق، بدأت يوليا فلاديميروفنا في التحرك بشكل سيء بسبب ألم شديد في ظهرها - بعد التصوير المقطعي كان لديها فتق فقري، واصبحت تستخدم الكرسي المتحرك. لكنها رفضت العلاج من الأطباء المحليين، بسبب الخوف على حياتها، وأوكل علاج تيموشينكو إلى أخصائيين ألمان.
في عام 2013 اعلنت تيموشينكو من سجنها الإضراب عن الطعام لأجل غير مسمى مطالبة يانوكوفيتش بالتوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكن بعد مرور 12 يومًا من مخاطبتها، وافقت على وقف الإضراب عن الطعام بعد "المجزرة الدموية" في ساحة "ميدان" الرئيسية للعاصمة الأوكرانية ضمن أحداث ثورة "ميدان" التي أدت إلى هروب الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش من السلطة في شباط / فبراير 2014، وفي 22 فبراير/ شباط تم الإفراج عن "السيدة الحديدية".
شاركت تيموشينكو في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 25 أيار / مايو 2014 لكنها خسرت بفارق كبير لصالح منافسها بيترو بوروشينكو. وبدأت تيموشينكو، بعد فوز بترو بوروشنكو في الانتخابات الرئيسية،بعملية إصلاح حزب باتكيفشينا، كما وأصبحت الخصم الرئيسي للرئيس بوروشنكو.
عادت يوليا فلاديميروفنا في عام 2017 الى نشاطها السياسي وهي على أمل في الارتفاع مرة أخرى إلى قمة السلطة، لتحتل مناصب قيادية. وبالفعل في عام 2016، ارتفع تصنيف يوليا تيموشينكو بشكل ملحوظ على خلفية إخفاقات حكومة فلاديمير غرويسمان فضلا عن الخسارة المستمرة لمواقف الرئيس بترو بوروشنكو.
كما يتوقع العديد من الخبراء السياسيين اليوم فوز تيموشينكو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حين أن حزب باتكيفشينا يعطي الأولوية الى انتخابات البرلمان الأوكراني. وتعززت مواقف تيموشينكو في الساحة السياسية خلال زيارتها الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وكذلك محادثتهامع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما ويمكن أن تتلقى الدعم السياسي من إدارة البيت الأبيض.
اقرأ كذلك: روسلان كوشولينسكي المُرشح لرئاسة أوكرانيا في انتخابات 2019.
الدكتور خليل عزيمة
باحث وأكاديمي في أوكرانيا
المصدر: أوكرانيا بالعربية