أوكرانيا بالعربية | ثورة 11/11.. ثورة لإنهاء حكم السيسي لمصر؟؟!!.. بقلم محمد صلاح
كييف/أوكرانيا بالعربية/حسناً فعل دعاة الثورة الجديدة في مصر، بإعلانهم مبكراً موعد ثورتهم حتى يتسنى للمصريين أن يجهزوا أنفسهم، ويرتبوا أحوالهم للاحتفال باليوم، والاحتفاء بالثورة، والاستفادة من الهدوء الذي اعتادوه مع كل دعوة إلى ثورة منذ بدء «الإخوان» و «الثورجية» وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي إطلاق الثورات المزعومة، منذ أطاح الشعب حكم الجماعة.
بعد موجة من التسخين واللعب على أوتار الأزمة الاقتصادية، والعزف على مقطوعة «تيران وصنافير»، والغناء على الناس بالفقر الذي ضرب البلاد التي كانت ثرية، بالتوازي بالطبع مع حملات نشر الإحباط التي تتولاها اللجان الإلكترونية «الإخوانية» بالتنسيق مع فضائيات الجماعة، جرى تحديد يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل موعداً للثورة الموعودة.
وبالبحث عن مبرر لاختيار ذلك اليوم لم يظهر أي سبب بعينه، سوى أنه سيحل في يوم جمعة، من دون أن يحمل ذكرى واقعة «ثورية» مثلاً أو يمثل تاريخاً لحادثة شهيرة، إلا إذا كان مطلقو الدعوة اختاروا ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى التي حطت أوزارها في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1918 لينهوا حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي لمصر، أو أنهم اختاروا ذكرى وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي رحل في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 موعداً لبدء ثورتهم الجديدة! لكن ربما المراهقة السياسية دفعت بعضهم إلى الإعجاب بشكل التاريخ إذا استخدم في «الملصقات».
ولأن الكلام عن الحريات وحقوق الإنسان والقمع والاختفاء القسري لم يعد ينطلي على الناس الذين يتأثرون بحوادث الإرهاب في دولة مازالت تدفع ثمن مرور الربيع العربي عليها وجُرحت بشظاياه، ولأن حكاية الشرعية والرئيس المدني المنتخب محمد مرسي لم تعد تجدي مع شعب عانى الفساد و «الأخونة» والفشل في عهد الجماعة، ولأن الناس سئمت التظاهر اللاإرادي والاعتصام عديم الجدوى والانفلات والارتباك ووقف الحال، فإن مطلقي الثورة الجديدة اختاروا قضية أكثر جاذبية للناس وركزوا على مسألة الغلاء وارتفاع الأسعار، وشكلوا حركة جديدة أطلقوا عليها «حركة غلابة» أطلقت الدعوة إلى الثورة للتنديد بغلاء الأسعار.
وسعت الحركة، أو هكذا حاولت، إلى النأي بنفسها عن الانتماء إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، ربما لشعور القائمين عليها بمدى رفض الشعب لـ «الإخوان». لكن من تابع الصفحة الرسمية للحركة على موقع «فايسبوك» وجدها تعتمد مفردات وصياغة هي نفسها التي لطالما استخدمتها الجماعة في تحريض أنصارها للنزول إلى الشارع من دون أن يستجيب الناس.
«حركة الغلابة» ليست الأولى التي يسعى «الإخوان» من خلالها إلى استغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به مصر للتحريض على الحكم وتأليب الناس عليه، ففي العام 2014، وبعد أقل من ثلاثة شهور من وصول السيسي إلى سدة الحكم، ظهرت حركة تسمى «ضنك» للمتاجرة بالصعوبات التي يعانيها المصريون وبينها الانقطاع المتكرر للكهرباء في حينه، وتقليص الدعم على المحروقات، وتزامن ذلك مع دعوات «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي يضم «الإخوان» وجماعات أصولية متطرفة أخرى، إلى تنظيم تظاهرات ضخمة تحت شعار «ثورة الغلابة» احتجاجاً على «تردي الأوضاع المعيشية»، لكن «الغلابة» لم يثوروا والثورة لم تقم!
وفي منتصف العام الماضي، أُطلقت حركة جديدة تُدعى «عصيان»، دعت إلى تظاهرات أمام قصر الاتحادية في الذكرى الأولى لرئاسة السيسي. وتضامنت مع تلك الدعوة في حينه حركة أخرى تطلق على نفسها اسم «شباب ضد الانقلاب»، وقبلها كانت حركة تسمى «تحرر» دعت إلى التظاهرات في نيسان (أبريل) العام الماضي، وبعدما صدق بعض «الإخوان» أن «الانقلاب يترنح» وأن «مرسي راجع القصر يوم الأحد العصر»، وجدوا أنهم لا يشاركون إلا في وهْم، وأن حكم السيسي يترسخ ومرسي يتنقل من محكمة إلى أخرى ومن سجن إلى آخر.
اللافت أن «الإخوان» كانوا حددوا مواعيد أخرى لثورات تركزت غالبيتها في أوقات لها علاقة بالأحكام التي صدرت في حق مرشد الجماعة أو مرسي نفسه، أو باقي زعماء الجماعة وقادتها، وعلى رغم الدعم السياسي والزخم الذي تتولاه قنوات «الإخوان» الفضائية التي تُبث من دول تدعم الجماعة، إلا أن أحداً لم يخرج إلا لمطاردة «الإخوان» ووقف أفعالهم العدوانية في الشوارع.
ويبدو قاموس «الإخوان» وحلفائهم من «الثورجية» ونخبة الفضائيات في حاجة إلى تصحيح لتعود مفرداته إلى أوضاعها الطبيعية لدى باقي البشر، فالدولة المصرية تترسخ ولا تترنح، ومرسي لن يعود إلى الحكم لا الأحد المقبل ولا أي يوم آخر، ولن تقوم ثورة في مصر، بل إن المشكلة التي قد يواجهها السيسي إذا ما ترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة أنه لن يجد مرشحاً آخر ينافسه بعدما تجاوز المرشح السابق حمدين صباحي عدد مرات الرسوب.
محمد صلاح
كاتب ومحلل سياسي
المصدر: الحياة اللبنانية