أوكرانيا بالعربية | مؤتمر جنيف لن يعقد وان عقد لن ينجح.. الجميع في أزمة.. ورفض السعودية لمشاركة ايران واصرار الاسد على الترشح خلطا الاوراق... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم نكن في اي يوم من الايام من المتفائلين بانعقاد مؤتمر جنيف 2 او بامكانية نجاحه في التوصل الى حل سياسي للازمة السورية، بسبب الهوة الواسعة بين مواقف الاطراف السورية، في السلطة او المعارضة، والتدخلات الاقليمية والدولية في هذه الازمة.
*الاول: توجيه الامين العام للامم المتحدة با كي مون دعوة مفاجئة، وبعد تردد طويل، الى ايران للمشاركة في المؤتمر غير مرتبطة بأي شروط مسبقة، ورفض المملكة العربية السعودية لهذه الخطوة ومعها الائتلاف الوطني السوري الخاضع لهيمنتها.
لا نعتقد ان الائتلاف السوري في وضع يؤهله لتوجيه انذارات الى الامم المتحدة وامينها العام لسحب دعوتها لايران لان هذه الدعوة ما كانت توجه الا بعد توافق امريكي روسي وبعد الكثير من المداولات والمناقشات، اللهم الا اذا كان يبحث عن ذريعة لعدم الذهاب الى سويسرا، وتبع ذلك تراجع امريكا ومطالبتها للامين العام للامم المتحدة سحب الدعوة لايران.
هذا التراجع الامريكي اذا كان جديا فعلا فقد يؤدي الى انهيار التفاهم الروسي الامريكي حول المؤتمر واتفاق النظام السوري مع حليفه الايراني والامتناع عن الحضور، الامر الذي سيؤدي الى كارثة بالنسبة للمؤتمر الواقع على الارض ايضا.
الائتلاف السوري يصر على ان نتيجة مؤتمر جنيف تنحي الرئيس الاسد والاخير يريد قرارا بمحاربة الارهاب، في سورية، والضغط على الدولة الداعمة والممولة والمسلحة له، لوقف هذا الدعم والتسليح، وهذا يعني ان الهوة واسعة بين الطرفين ومن الصعب، ان لم يكن، من المستحيل تجسيرها.
السعودية تورطت في مستنقع الدم السوري، وقد تكون دولة قطر غريمتها التقليدية، او الازلية، لعبت دورا مباشرا في هذا التوريط، سواء عن قصد او بدون قصد، فالسلطات السعودية لم ترشح مطلقا لاخذ قطر دور الصدارة في هذه الازمة، والظهور بمظهر الدفاع عن السنة في سورية، والتفرد بتشكيل قيادة المعارضة السورية، وفرضها كممثل لقطاع عريض من الشعب السوري.
الحل السياسي هو عجلة الانقاذ الوحيدة للخروج من هذا المأزق، وتقليص الخسائر، ووقف سفك دماء السوريين، ولكن هذا الحل بات مستحيلا في ظل حالة العناء السائدة في اوساط كل الاطراف السورية وغير السورية المتقاتلة على الارض.
السعودية باتت تلعب الآن دور جبهة الصمود والتصدي، ولكن في الاتجاه المعاكس، مثلما قال لي وزير خارجية عربي، وهو دور مفاجيء وغير متوقع، وفي التوقيت الخطأ، فاذا كانت امريكا قررت تصحيح خطأها بالابتعاد عن اي تورط عسكري وفتحت حوارا مع ايران، وتراجعت عن ضربة للنظام السوري، وبدأت تركيا تجري مراجعات لسياساتها بعد ثلاث سنوات من دعم المعارضة سياسيا وعسكريا، فان السعودية يجب ان تجري مراجعة مماثلة، وتدعم الحل السياسي، وتوفر فرص الانعقاد، ومن ثم الحوار في جنيف.
النظام فشل في سحق المعارضة مثلما كان يتصور، والمعارضة عجزت عن اسقاط النظام، والجماعات الجهادية التي تتحمل العبء الاكبر في القتال تواجه تحالفا قويا من الروس والامريكان ضدها ومشروعها في اقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية على الارض السورية، ومن المتوقع ان تشهد المرحلة اللاحقة لمؤتمر جنيف، سواء انعقد او لم ينعقد، حربا شرسة ضدها وليس ضد النظام من قبل "الصحوات السورية"، لان تصفيتها باتت هي الاولوية، ومن هنا تنبع ثقة الاسد بنفسه، والارتياح البادي عليه، ولاحظته وكالة الصحافة الفرنسية التي اجرت اللقاء معه.
اذا كان المؤتمر يبدأ بمثل هذه الخلافات والصدامات بين القوتين العظميين وفوقهما الامم المتحدة ويشرف على الانهيار بسبب دعوة دولة، فكيف سيحل ازمة في قمة التعقيد مثل الازمة السورية؟.. المقدمات السيئة تؤدي الى نتائج اكثر سوءا، وكان الله في عون الشعب السوري.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية