أوكرانيا بالعربية | مؤتمر جنيف لم يكن بداية "متواضعة" بالنسبة للاسد.. وفدا النظام والمعارضة قلصا الخسائر.. وشروط المعلم قد تعرقل المفاوضات المقبلة... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/لا نختلف مع السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي في تقويمه لنتائج مؤتمر "جنيف2" الذي اختتم اعماله يوم الجمعة الماضي، وقوله انها كانت "متواضعة" ولكننا لا نعتقد ان الوفد الرسمي السوري الذي قاده السيد وليد المعلم وزير الخارجية يشاطرنا الرأي نفسه،خاصة بعد ان عاد الى دمشق دون ان يقدم تنازلا واحدا ملموسا على صعيد تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة مثلما كانت المعارضة السورية الممثلة بالائتلاف الوطني تصر على هذه المسألة منذ اليوم الاول للمؤتمر.
صحيح ان وفد المعارضة السورية ورئيسه السيد احمد الجربا حقق انتصارا معنويا كبيرا عندما حظي بمعاملة الوفود الاخرى، وجلس على قدم المساواة مع الوفد الرسمي في القاعة الرئيسية، ثم بعد ذلك في غرف التفاوض المغلقة، واستطاع ان يطرح وجهة نظره كاملة ويتحدث امام المجتمعين، مدعما حديثه بالصور عن انتهاكات النظام لحقوق الانسان، وتعذيب المعتقلين، ولكن الغالبية الساحقة من الحضور هم من حلفائه واعضاء في منظومة "اصدقاء سورية" التي تأسست تحت الخيمة الامريكية، اي انه كان يلقي عظاته ويبشر في صفوف المؤمنين، والموالفة قلوبهم.
لا شك ان خطابي النظام والمعارضة سيكونان مختلفين في المرحلة المقبلة، فالنظام لا يستطيع القول انه لن يتفاوض مع الائتلاف الوطني واعضائه لانهم "عملاء" لا يملكون قرارهم المستقل، ويفضل التفاوض مع "اسيادهم" مباشرة، كما ان المعارضة لن يكون في وسعها ان تشترط تنحي الرئيس بشار الاسد كشرط للجلوس على مائدة التفاوض في مؤتمر جنيف، وهذا في تقديرنا تحول كبير لا يجب التقليل من اهميته في الوقت الراهن.
المرحلة الاسهل من مؤتمر جنيف انتهت بالحد الادنى من الخسائر للطرفين، ولكننا لا نعتقد ان المرحلة المقبلة ستكون كذلك، لانها ستبدأ في البحث في القضايا السياسية الجوهرية التي سيكون من الصعب مجرد البحث فيها مثل عملية انتقال السلطة الجوهر الرئيسي للمؤتمر.
السيد الابراهيمي حدد الاثنين المقبل 10 شباط (فبراير) موعدا للعودة الى المفاوضات، فأبدى وفد الائتلاف الوطني موافقة فورية، بينما فضل وفد النظام التأني وعدم الرد بالموافقة او الرفض، ولا نستغرب ان يتقدم بموافقة مشروطة لاحقا، مثل الاصرار على توسيع الوفد المعارض، واضافة وجوه جديدة تمثل معارضة الداخل، وامتداداتها في الخارج.
***
لا نعرف ما هو شعور الدكتور نبيل العربي، واعضاء وفده، وهم يرون العلم السوري الرسمي بالوانه الحمراء والبيضاء والسوداء يرفع في مؤتمر جنيف وسط اربعين علما آخرين بينما لا يرفع على مقر الجامعة العربية، وان يجلس السيد المعلم جنبا الى جنب معه، ومع الوزير الامريكي جون كيري، وهل كان يتصور، ووزراء الخارجية العرب حدوث هذا المشهد قبل سنتين او ثلاث سنوات؟
الشيء المؤكد ان الرئيس الاسد قد لا يترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام الحالي، ليس لانه لا يريد، بل لانها ربما تؤجل لعام او اكثر تجنبا للتعقيدات.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية