أوكرانيا بالعربية | مفاجأة ترشح صباحي.. وعزوف ابو الفتوح.. وتردد السيسي.. علامات استفهام كبيرة... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/كان موقف الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح زعيم "مصر القوية" هو الاكثر تعبيرا عن المشهد المصري الراهن عندما اعلن عدم خوضه للانتخابات الرئاسية المقبلة "لان الظروف الراهنة ليست حرة ديمقراطية ولا يتوفر القضاء المستقل الذي يمكن ان يشرف على هذه الانتخابات".
السيد حمدين صباحي مرشح التيار الشعبي الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2012 اعلن يوم امس عزمه خوض انتخابات الرئاسة هذه مؤكدا ان معركته هي معركة الثورة المصرية، ولكنه لم يقل بوضوح ماذا يقصد بذلك، هل يقصد ثورة يناير التي فجرها الشعب المصري بكل اطيافه عام 2011 ام "ثورة" تموز (يوليو) عام 2012 التي دعمها الجيش تمهيدا لاطاحة حكم الاخوان المسلمين ومرشحهم الرئيس محمد مرسي.
هناك تفسيران لمثل هذا الترشيح المفاجيء للسيد صباحي لانتخابات الرئاسة:
*الاول: ان يكون هذا الترشح تم بالتنسيق مع الجيش والمشير عبد الفتاح السيسي بهدف اضفاء شرعية تعددية تنافسية على الانتخابات الرئاسية المقبلة وبما يؤدي الى تشجيع مرشحين آخرين للمشاركة، وتظهر المشير السيسي بانه فاز بعد منافسة شرسة مع مرشحين آخرين لهم شعبية جماهيرية.
*الثاني: ان تاتي هذه الخطوة بقرار شخصي، ودون اي تنسيق وتفسير على انها تحد واضح من السيد صباحي لمرشح المؤسسة العسكرية، الامر الذي سيضعه في صدام معها في نهاية المطاف، حتى بعد فوز المشير السيسي شبه المضمون.
ولكن احتمالات فوزه قد تكون تراجعت كثيرا بسبب الشعبية الطاغية التي يتمتع بها المشير السيسي، والتوظيف الاعلامي الكاسح لتسويقه للشعب كمنقذ لمصر من كل ازماتها الحالية، والامنية والاقتصادية منها على وجه الخصوص.
شخصيا ما كنت اتمنى للسيد صباحي ان ينزل الى حلبه الانتخابات في ظل الاوضاع السياسية الحالية في مصر، ليس لان احتمالات فوزه تبدو محدودة فقط، بل لانه سيساهم، وهو الذي كان من المعارضين الشرسين لحكم العسكر، والمؤيدين للدولة المدنية، في اضفاء شرعية على سياسة الاقصاء المتبعة حاليا في مصر، وكل الممارسات التي تتفرع منها من قتل وقمع واعتقالات وتكتيم للرأي الآخر.
فلو عدنا الى الوراء قليلا لاكتشفنا ان معظم نواب حزب الكرامة الذين وصلوا الى مقاعد البرلمان المحلول ما كانوا سيصلون الى هذا الانجاز لولا دعم حركة الاخوان المسلمين، وتحالف الحزب معهم.
عندما التقيت الرئيس محمد مرسي في قصر الاتحادية يوم الرابع من حزيران (يونيو) عاد 2012 اي قبل شهر من الاطاحة به، وصف السيد صباحي بانه حليف حتى لو انضم الى جبهة الانقاذ مع عمرو موسى ومحمد البرادعي وآخرين، ولا نعرف ما اذا كان الرئيس مرسي المعتقل حاليا يحمل الرأي نفسه، وسيوعز للمتعاطفين مع حركة الاخوان للتصويت له في الانتخابات الرئاسية المقبلة بالتالي.
وربما يفيد التذكير بان المشير السيسي لم يكشف كل اوراقه حتى الآن، ولم يعلن رسميا عزمه الترشح للرئاسة، وخلع البزة العسكرية، رغم ترشيح المؤسسة العسكرية له رسميا، وترقيته الى الرتبة الاعلى في الجيش المصري، فهل هذا التردد مفاده الخوف من الفشل في ادارة البلاد، والقضاء على الارهاب وحل الازمة الاقتصادية، ام ان التريث يعود الى عدم الاتفاق على هوية وزير الدفاع المقبل الذي سيخلف المشير السيسي؟
هناك احتمال وارد ويجب اخذه في الحسبان وان كان يبدو ضعيفا في الوقت الراهن على الاقل، وهو ان اعلان السيد صباحي الترشح للرئاسة تم كحل وسط، اي اختيار رئيس مدني مصري يحظى بدعم المؤسسة العسكرية كحل وسط للخروج من الازمة الحالية؟
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية