أوكرانيا بالعربية | ماذا ربحت أميركا وروسيا من اتفاق السلام في أوكرانيا؟... بقلم طــوني خوري

من كان ليصدّق أنّ تدخل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيؤدي إلى إعلان "مينسك 2" القاضي بوقف إطلاق النار في أوكرانيا بموافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو؟ الجواب: لا احد. ولكن هذا ما حصل بالفعل، الا انه لم يكن سوى سيناريو احتاج

كييف/أوكرانيا بالعربية/من كان ليصدّق أنّ دخول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيؤدي إلى إعلان "مينسك 2" القاضي بوقف إطلاق النار في أوكرانيا بموافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو؟ الجواب: لا احد
ولكن هذا ما حصل بالفعل، الا انه لم يكن سوى سيناريو احتاج الى ان تكتمل عناصره بوجود القادة والزعماء، ليتم الاعلان. غير ان للاتفاق قصة اخرى يجدر التوقف عندها، وتتعلق بمصالح روسيا والولايات المتحدة واوروبا من جهة، وباحتفاظ موسكو بأوراق صالحة للاستعمال في كل زمان ومكان من جهة ثانية
بداية، يجب القول ان التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار كان متوقعاً، رغم ان توقيته لم يكن معروفاً، لان اياً من اللاعبين الحقيقيين الاثنين اي الولايات المتحدة وروسيا لم يكن يرغب في حصول حرب. ويجدر القول ايضاً ان روسيا حققت مكسباً معنوياً مهماً من خلال الاتفاق كونها كسبت اعترافاً مبدئياً باستقلال القرم، كما انها اظهرت لمؤيديها من الاوكرانيين انها لم تتخل عنهم لان الاتفاق ينص في احد بنوده على منح العفو للمتمردين، بما يعني اعادة دمجهم في المجتمع
ولكن الرئيس الروسي يحمل معه قلقاً حقيقياً يدعى "الدرع الصاروخي الاميركي" الذي بات على حدوده (بولونيا) وفي جمهورية التشيك ايضاً، والذي يعطي الاميركيين افضلية في اي نزاع مقبل لجهة القدرة على اسقاط الصواريخ الباليستية قبل وقت طويل جداً من وصولها الى اي أرض اميركية
لم يستطع بوتين البقاء مكتوف اليدين ازاء هذا الانتشار، فكان التهديد والوعيد بالغاز اولاً وقطعه عن الدول الاوروبية المشاركة في الدرع الصاروخي، ليصل بعدها الى الجد عبر المواجهات في أوكرانيا. وحصيلة الموقف ان ما عجز بوتين عن كسبه في مسألة الدرع الاميركي، نجح في الحفاظ عليه سياسياً ودبلوماسياً من خلال احتفاظه بورقة أوكرانيا للضغط على أوروبا واميركا عند الحاجة

عملياً، لا يزال بوتين يحتفظ بالقدرة على زعزعة استقرار أوكرانيا من خلال الحدود عبر القرم، حيث ستكون تحت الرعاية الروسية المباشرة، ما يعني سهولة تامة في زعزعة الاستقرار عند اي شعور بالخطر على موسكو، وعبر أوكرانيا يمكن الوصول بسهولة تامة الى عدم استقرار أوروبا
واذا كانت روسيا مستفيدة من الاتفاق، فما الذي دفع الولايات المتحدة الى رعايته؟ تعلم واشنطن من خلال خبرتها الدبلوماسية الطويلة متى تتراجع عند اللزوم، وتعتبر ان ما حصل هو ثمن بسيط للتخفيف من العبء الاوروبي عليها الذي زاد بفعل العوامل الكثيرة التي طرأت عبر الارهاب او عبر الحاجة الى الغاز او الوضع الاقتصادي الصعب... اضافة الى ذلك، كسبت واشنطن مرحلة هدنة مع روسيا، وبات بامكانها التركيز بشكل اكبر على قضايا اكثر الحاحاً واهمها الاتفاق النووي الايراني الذي بات على الابواب وينتظر ان يظهر بحلته الرسمية قريباً
من المنطقي ان يتعرض اتفاق وقف اطلاق النار لبعض الخروقات في البداية، وهو لن يكون مثالياً، وسيبقى موضع مراقبة دقيقة لفترة من الوقت ريثما يتم تبيان النوايا الحقيقية، وستشهد أوكرانيا المزيد من البعثات الاوروبية والرعاية والاحتضان، فيما ستبقى روسيا العين الساهرة على القرم، دون ان ترسل جيشها للقتال في حال ساءت الامور بطبيعة الحال
لن يحل السلام في أوكرانيا في الوقت الراهن، ولكن هذه "الهدنة" ستكون باباً يمكن الولوج منه الى الكثير من الامور لاعادة ترتيب الوضع الاوروبي والعلاقات بين أمريكا وروسيا، وقد يشكل ايضاَ ركناً لبناء وضع جديد في اكثر من منطقة في العالم بفعل التفاهمات التي ستحصل
اتفاق الرابحين الاثنين. هذا ما يمكن اطلاقه على اتفاق وقف اطلاق النار في أوكرانيا، ولكن في المحصلة، لا بد من ان يبقى رابح واحد، فمن سيكون؟

طــوني خوري

كاتب ومحلل سياسي لبناني

 

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.