أوكرانيا بالعربية | جـحـا والـكيان الصهيوني... بقلم حسن زايد

حسناً فعلت اسرائيل بعدوانها الأخير علي غزة فيما يعرف بعملية الجرف الصامد ، لأنها بهذا العدوان تؤكد المؤكد ، وتذكر بما طواه النسيان ، وتاه ضمن تفاصيل ومشاغل كثيرة . فهي بهذا العدوان تؤكد أن وجود هذا الكيان المختلق ـ زوراً وبهتاناً ـ لايمكن له أن يستمر أو يعيش في سلام ، إذ أنه كيان عدواني بطبعه ، ما قام إلا علي الدماء والأشلاء ، وهو الكيان الوحيد في الكون الذي برز إلي الوجود من عدم بمجرد قرار أممي مشبوه .
كييف/أوكرانيا بالعربية/حسناً فعلت اسرائيل بعدوانها الأخير علي غزة فيما يعرف بعملية الجرف الصامد ، لأنها بهذا العدوان تؤكد المؤكد ، وتذكر بما طواه النسيان ، وتاه ضمن تفاصيل ومشاغل كثيرة . فهي بهذا العدوان تؤكد أن وجود هذا الكيان المختلق ـ زوراً وبهتاناً ـ لايمكن له أن يستمر أو يعيش في سلام ، إذ أنه كيان عدواني بطبعه ، ما قام إلا علي الدماء والأشلاء ، وهو الكيان الوحيد في الكون الذي برز إلي الوجود من عدم بمجرد قرار أممي مشبوه .
وما فتئ بعدوانيته وعنصريته يذكرنا بوجوده البغيض كالفيروس في الجسد العربي المترهل ، رغم محاولات التناسي أو النسيان التي يمارسها البعض حين يحاول كل قطر عربي الإنكفاء علي ذاته ، والإنشغال بمشاكله الخاصة ، ظناً منه أن في ذلك طريق السلامة . وكلما أغرقنا الأمريكان والغرب في تفاصيل لا حصر لها من المخططات والمؤامرات ، والمصائب التي ينسي بعضها بعضاً ، جاءت إسرائيل ـ وهذا هو الحسن في فعلها اللأخلاقي ـ لتنتشلنا من هذه الغيبوبة ، وتذكرنا أن في جنب الأمة شوكة مسمومة تم غرزها لتسميم الوطن العربي ، فيظل محموماً دائما ، فلا يموت ولا ينهض . إنها دولة وليدة مؤامرة فيما بين الدول الإستعمارية وجدت كي تمثل مسمار جحا في الجسد العربي .
وجحا لمن لا يعرف هو شخصية شهيرة في التراث العربي ، أما مسماره فهو أكثر شهرة منه .
وأصل الحكاية أنه باع بيته إلا مسماراً ، وظل هذا المسمار مبرراً دائماً لوجود جحا في البيت ، مرة زائراً ، ومرة مجاوراً ، وثالثة مقيماً دائماً . وهكذا فعل معنا الإستعمار الأوربي وورثته حين بدأت البشرية تتقيأ النظام الإستعماري وتلفظه ، فإذ به قبل أن يغادرنا يغرز في جنبنا المسمار الذي يبرر له زيارة المنطقة ، والقيلولة بها ، وممارسة رزالاته عليها ، باعتبار أن هذا المسمار يعطية شرعية إتيان ذلك دون معقب .
وما اختلق هذا الكيان اختلاقاً لدواعي أخلاقية كما أوهمنا الغرب ، فقد جري تصوير الأمر علي اعتبار أنه لملمة لشتات شعب مضطهد بطول الأرض وعرضها في مكان له فيه تاريخ قديم ، وما علي العرب سوي القبول بهذا الكيان حتي يعيش الجميع في سلام جنباً إلي جنب ، فإذا به كيان عنصري مقيت يهدف في النهاية إلي قيام ما يزعم أنه حلم توراتي في وجود اسرائيل الكبري ، وهو في النهاية مشروع استعماري القصد منه تفتيت المنطقة إلي شظايا صغيرة لا سبيل إلي لملمتها بحال ، ودفعها دفعاً إلي الإنكفاء علي نفسها ، والإنشغال بمشاكلها الداخلية ، فإن لم تكن هناك مشاكل جري اختلاق المشاكل لها ، وفيما بينها . وقد نجح المشروع الصهيوني الأمريكي الغربي فيما خطط له وجري تنفيذه علي مدار 67 عاما هي عمر هذا الكيان . ولم تكن تلك المرة الأولي التي يمارس فيها ذلك الكيان الغاصب عدوانه سواء علي غزة أو غيرها ، ولن تكون تلك المرة الأخيرة .
وليست هذه المرة الأولي التي يمارس فيها المجتمع الدولي تآمره بالتزامه بالصمت المطبق حيال ما يجري ، أو التعاطف مع المعتدي باعتبار أن ما يقترفه دائما ما يقع في خانة الدفاع الشرعي عن النفس أو مناشدة الطرفين بالتزام ضبط النفس ، ولن تكون تلك هي المرة الأخيرة . وليست تلك هي المرة الأولي التي يناشد فيها العرب المجتمع الدولي تحمل مسئولياته ، بالإضافة إلي بيانات الشجب والإدانة والإستنكار ، والدعوة العاجلة إلي اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية ، أو حتي قمة طارئة . ولن تكون الأخيرة .
وليست هذه المرة الأولي التي تلتزم فيها منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان الصمت  التآمري حيال انتهاك صارخ ولا أخلاقي لحقوق الإنسان  ، أو تعبر علي استحياء عن شعورها بالقلق إزاء ما يجري من اعتداءات . كل ذلك يجري علي نحو معتاد وتقليدي منذ بروز هذا الكيان إلي حيز الوجود ، وجريان هذه الأمور جريان الإعتياد يفصح علي نحو فاضح عن السقوط الأخلاقي للبشرية .
ويلفت علي نحو حاد إلي الوازع الأخلاقي المزيف وراء اختلاق هذا الكيان العنصري . أما عن استحسان قبح السقوط الأخلاقي للبشرية ، في ترك هذا الكيان الشائه يأكل لحوم البشر ، ويتجرع دماءهم ، ويكسر عظامهم ، فمرده حالة التيه والتشرزم التي لا يزال العرب يتخبطون في غياهبها ، ولعل ما يحدث يكون سبباً في استيقاظهم من سباتهم العميق الذي يغطون فيه علي مدار عمر هذا الكيان . أما الوهم بامكانية التعايش مع هذا الكيان فمثله كمثل الوهم بإمكانية التعايش مع السرطان ، فالسرطان وإن تعايش المرء معه لفترة ، فللعلاج منه آملاً في الشفاء ، أما هو ففي حالة مداهمة دائمة للجسم حتي يقضي عليه قضاءًا مبرماً .
دعك من الأسباب والمبررات التي يسوقها الكيان الصهيوني تبريراً لعدوانه ، فهو لن يعدم الأسباب والذرائع ، لأنه متنمر يعيش بعقلية عنصرية متربصة . ودعك من الأهداف التي يرمي إليها فهي لا تصب أبداً في صالح العرب أو التعايش السلمي أو الإستقرار المنشود في المنطقة . ودعك من مكاسب حماس أو خسائرها التي تحصدها من جراء هذا العدوان ، لأنها في النهاية  تقع خصماً من مصالح الشعب الفلسطيني بما في ذلك إعادة حماس إلي صدارة المشهد بعد أن كادت تنضوي ضمن الصف الفلسطيني الموحد  . دعك من كل هذا وتعالي نفكر بعقلية برجماتية باردة للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي وضعت فيه المنطقة ونتساءل : هل إلي الشفاء من هذاالداء من سبيل ؟ . إنهم الآن يجرفون الأرض حول البيت المصري عله ينهار دون أن يمس ، في ليبيا وتونس واليمن وسوريا والعراق ، والآن في قطاع غزة .
فهل نترك الجرافات تنهب الأرض من تحت أقدامنا حتي نسقط ؟ . أم نعيد إعمار ما جرفوه ، وردم ما حفروه ، وترميم ما هدموه ، وإصلاح ما أفسدوه ؟ . ولنا في ذلك الخيار بين أمرين : الوجود أو العدم . ثم نبحث في حل غير تقليدي وغير نمطي لتفجير هذا الكيان العنصري من الداخل بداءاته الموجودة في رحم وجوده .  وكسر طوق الحضانة التي يحتمي بشرنقتها .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام 
المصدر: أوكرانيا بالعربية



Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.