أوكرانيا بالعربية | إنحراف الفكر الإخواني... بقلم حسن زايد

عندي مشكلة تؤرقني بحق ، وتقض مضجعي بصدق . تتمثل هذه المشكلة في كتب إخوانية تكدست بها مكتبتي ، كنت قد اشتريتها ، من ضمن ما كنت أشتري من كتب ، علي مدار سنوات العمر المنقضي ، حيث كنت أقتطع من مصروفي الشخصي ما يلزم لشرائها ، أيام كنت طالباً في المرحلة الثانوية ، وكذا في المرحلة الجامعية ، كما كنت أقتطع من دخلي بعد أن أصبحت موظفاً لذات الغرض .
كييف/أوكرانيا بالعربية/عندي مشكلة تؤرقني بحق ، وتقض مضجعي بصدق . تتمثل هذه المشكلة في كتب إخوانية تكدست بها مكتبتي ، كنت قد اشتريتها ، من ضمن ما كنت أشتري من كتب ، علي مدار سنوات العمر المنقضي ، حيث كنت أقتطع من مصروفي الشخصي ما يلزم لشرائها ، أيام كنت طالباً في المرحلة الثانوية ، وكذا في المرحلة الجامعية ، كما كنت أقتطع من دخلي بعد أن أصبحت موظفاً لذات الغرض .
وقد كانت هذه الكتب تستهوينا في هذه السن الباكرة لأسباب عديدة من بينها ، جودة الطباعة والإخراج ، وتصورنا أن هذه الكتب تعرض للإسلام بأسلوب عصري يتسق مع ثقافتنا ويتوافق مع قدرتنا علي الفهم والإدراك ، بعيداً عن أسلوب الكتابة القديمة الموروثة التي تتسم بالصعوبة ، من حيث التراكيب والألفاظ ، وبعيداً عن أسلوب الكتابة المدرسية التي تتسم بها الكتب المقررة في مراحل التعليم المختلفة ، والتي غالباً لا تسمن ولا تغني من جوع ، لأنها تقدم المعلومة بشكل منفر تعافه العقول والقلوب . وكان من بين أهم أسباب الإستهواء أن هذه الكتب كانت في معظمها محظورة التداول ،أو كان يشاع عنها ذلك لأغراض تجارية ودعائية ، فكنا نبحث عنها كما يبحث المدمن عن المخدرات  المجرمة .
ويجري اخفائها عن الأعين المتلصصة ، أو المتطفلة ، خشية الوقوع في قبضة الأمن ،أو هكذا كان يشاع ، وقد كانت تعد من ضمن الأحراز في قضايا يجري تلفيقها علي نحو ما كان يُقال أو يُسَوَّق في حينه ، بالحق أو بالباطل . هذا بخلاف الرغبة العارمة في  ركوب روح المغامرة ، سواء باقتناء كتب محظورة نكاية فيمن حظرها ، أو التعرف علي ما وراء المنع أو الحظر من أسباب .
وقد حظيت كتب / سيد قطب بالقدر الأكبر من الإهتمام من جانب قطاعات من الشباب ، وخاصة كتاب معالم في الطريق ، وقد مَثَّل إعدامه علي خلفية إعادة تشكيل تنظيم الإخوان حالة نموذج لخلق حالة المظلومية التي تدر التعاطف معها بلا حدود ، خاصة أنه مفكر له رصيد من المؤلفات يمثل إعدامه مأخذأ علي أي نظام قائم ، علي المستوي المحلي ، وعلي المستوي الدولي ، وتسويقاً بشكل أو بأخر لفكره ومؤلفاته ، وقد حظيت مؤلفاته بالفعل   بالإهتمام إلي حد طبعها عدة مرات . وقد انساح هذا الفكر بين الشباب ، وصار هو الزاد الذي يلتجيء إليه من تولدت عنده الرغبة في التفقه في دينه .
وفي المقابل لم تنتبه مؤسسة الأزهر لهذا الفكر ، ولم تسع إلي مواجهته ، وتفنيده ، وبيان أوجه العوار فيه ، وما ينطوي عليه من توجهات تكفيرية ، وتجهيلية . بل إن كتب الإخوان أصبحت  جزء لا يتجزأ من مكتبات الدعاة الأزهريين الذين يعتلون المنابر  في ربوع العالم الإسلامي  . وتشكل ركنا ركيناً من مكونهم العقلي والفكري . بل الأكثر من ذلك أن هناك أزهريون ينتمون لهذه الجماعة فكراً وسلوكاً وانتماءًا وولاءًا ، ووصل بعضهم إلي عمادة كليات أزهرية ، بل وتولي رئاسة جامعة الأزهر .
وبدلاً من أن تقوم المؤسسة الدينية الرسمية بمواجهة هذا الفكر المتطرف ، ركنت إلي الدعة والراحة ، بما ساهم علي نحو فاعل في اختراقها من جانب هذه الجماعة . والإشكالية في فكر جماعة الإخوان ليست مجرد تطرف الفكر وانحرافه عن المنهج الوسطي للإسلام ، لأن هذا التطرف والإنحراف لو بقي في إطار الفكر وكفي لأمكن مناقشته والتعامل معه وغربلته ، ومواجهته فكراً بفكر ، وإنما الإشكالية في المنهج الحركي الذي تبنته الجماعة من خلال هذا الفكر . ويقصد بالمنهج الحركي هنا تحويل هذا الفكر المتطرف إلي تنظيمات وتشكيلات من أعضاء الجماعة تتحرك علي الأرض ، تتحرك باعتبارها النموذج المعاصر للمسلم كما أراده الله ورسوله ، وأنه لا يوجد في أصقاع الأرض من هو علي  شاكلتهم أو يدانيهم في المنزلة في الإلتزام بالإسلام الحق .
وليت هؤلاء الأعضاء كانوا منفتحين ثقافياً ، لمَثَّل لهم هذا الإنفتاح رافدا جديداً من روافد الفكر التي تحدث التوازن النفسي اللازم في مثل حالتهم  ، وإنما عاش هؤلاء الأعضاء تنظيماً حديدياً مغلقاً بإحكام ، لا يسمح بمرور أية أفكار أخري إلا علي سبيل الإنتقاد والإنتقاص والسخرية والتتفيه ، فإذا وقعت الفكرة في ذهن الإخواني فلا تسمع لوقعها صدي ، ولا لوقوعها أثر . فلا فكر إلا فكر الإخوان ، ولا إسلام إلا إسلام الإخوان ، وما عدا ذلك جهل وجاهلية ، إن لم يكن كفراً بواحاً . فلا حلال إلا ما أحلَّه الإخوان ، ولا حرام إلا ما حرَّمه الإخوان .
وقد زاد من تعقيد الأمر ذلك المبدأ الذي اعتمده الإخوان منهجاً لحركتهم وهو مبدأ السمع والطاعة الذي أغلق القلوب والعقول ، وأفضي في نهاية الأمر إلي تقديس أشخاص لا محل لقداستهم ، وتقديس أفكار يُؤخذ منها ويُرد . ولعل في ذلك ما يفسر مواقفهم المتناقضة بين ما هو سياسي ، وما هو ديني ، والخلط البادي في أذهانهم إزاء الأمرين . وعندما يتحول الفكر المتطرف المنغلق إلي منهج حركي في الحياة تتبدي فاشيته واستبداده ، ويظهر تطرفه وغلوه في شخوص تمشي علي الأرض . تختزن في أدمغتهم المتفجرات والقنابل والرصاص وأصابع الديناميت ، وروائح الدم والشواء البشري .
ومن هنا برزت مشكلتي مع الكتب التي تحتويها مكتبتي ، فليس حلاً التخلص منها ببيعها أو حرقها ، وليس عدلاً ولا إنصافاً أن أتركها لأحفادي تتسمم بها عقولهم وقلوبهم . وكذا الأمر بالنسبة للكتب الموجودة لدي المكتبات العامة والخاصة وبائعي الجرائد ، وتلك التي تمتليء بها صفحات الإنترنت . كيف يكون التصرف حيال ذلك حتي ولو تم إعدام أعضاء الجماعة كلهم ، فلم نغادر منهم أحداً ؟ . أعتقد أن هناك مخرجاً لابد من إدراكه علي نحو من الأنحاء .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام 
المصدر: أوكرانيا بالعربية



Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.