أوكرانيا بالعربية | فخاخ في طريق الثورة !!... بقلم حسن زايد

أجد في حلقي غصة من الثوار الذي هبوا في يناير 2011م ضد نظام حكم مبارك باعتباره حكماً استبدادياً أمسك بتلابيب البلاد لثلاثين عاماً جرف خلالها كل شيء حتي تيبست الدولة ونضب معين خيراتها ، فأسقطوا دولة الطغيان والبطش . وتلك الغصة التي أجدها في حلقي ترجع لسببين : الأول : هو تصورهم عن ذواتهم التي تضخمت بفعل الآداء الإعلامي ، فلم يروا في المشهد الثوري سواهم مع أن الواقع يقول بخلا

كييف/أوكرانيا بالعربية/أجد في حلقي غصة من الثوار الذي هبوا في يناير 2011م ضد نظام حكم مبارك باعتباره حكماً استبدادياً أمسك بتلابيب البلاد لثلاثين عاماً جرف خلالها كل شيء حتي تيبست الدولة ونضب معين خيراتها ، فأسقطوا دولة الطغيان والبطش . وتلك الغصة التي أجدها في حلقي ترجع لسببين : الأول : هو تصورهم عن ذواتهم التي تضخمت بفعل الآداء الإعلامي ، فلم يروا في المشهد الثوري سواهم مع أن الواقع يقول بخلاف ذلك ، قد يكونوا قد مثلوا رأس الرمح من الثورة إلا أن تلك الرأس دون الرمح لا تقتل ، فهو الظهيراللازم للإنطلاق والتوجيه ، وهو الذي يعطي للرمح زخمه وقدرته علي الإختراق . 

هذا الرمح هو الشعب الذي زحف إلي الميادين والذي لولاه لما كانت هناك ثورة . السبب الثاني : هو التصور الخاطيء بأنهم هم من أسقط وزارة الداخلية علي خلاف الواقع . فالذي أسقط الداخلية مؤامرة حاكها الإخوان مع قوي خارجية أدت إلي فتح السجون وحرق الأقسام في توقيت شبه متزامن علي النحو الذي بينه حكم محكمة الإسماعيلية في قضية الهروب الكبير . ثم تطورت تلك الغصة مع ثورة 30 يونيه ضد حكم الإخوان الذي ركب الثورة بعد إختطافها نتيجة عجز الشباب عن التحول من الحالة الثورية إلي الحالة السياسية التي تنطوي علي تجاذبات القوي السياسية دفاعاً عن مصالحها ، فضلا عما كانت تعانيه التربة السياسية المصرية من تجريف ، وما تعانيه النخبة الموجودة من شيخوخة فكرية وسياسية . وسبب تطور هذه الغصة هو ذلك الفصام النكد الذي وقع ما بين الشباب حول ما إذا كان ما حدث في يناير هو الثورة أم ما حدث في يونية . ولم ينظر أي من الفريقين إلي أهمية وجودهما معاً لمصر . فالأولي قد أزاحت مبارك ، وفي إزاحته ضرورة . والثانية أزاحت الإخوان ، وفي إزاحتهم ضرورة . ولم ندرك جميعاً أن الثورة لم تفعل شيئاً حتي الآن سوي الهدم ، هدمت نظامين إلا أنها لم تبن شيئاً بعد ، ما زالت التربة المجرفة علي حالها ، وكلنا نعيش حالة الطفولة السياسية ، ويتعين أن نبدأ مرحلة البناء ، وننتقل من الفعل الثوري إلي الفعل السياسي ، فليست هناك ثورة طوال الوقت ، والثورة ليست وظيفة أو مهنة وإنما هي حالة تنتهي بانتهاء الغرض منها ، والمخاض الثوري لابد له من نهاية فليس هناك مخاض دائم . 

إلا أن البعض مصر علي بقاء الحالة الثورية واستحضارها بغض النظر عما تنطوي عليه من إجهاد للوطن واستنزاف لطاقاته في غير موضعها أو لخدمة أغراض وتوجهات معينة ناسياً مصر التي ثار من أجلها . تمحور الصراع حول الذات و الأنوية المتورمة التي غاب عن إدراكها الوطن . فقانون التظاهر الذي صدر مؤخراً ما خرج إلا لمواجهة تلك التظاهرات العبثية التي ينظمها الإخوان بقصد تعطيل الوطن وعرقلته ، بغض النظر عن اختلافنا حول توقيت إصداره ، وبغض النظر عن اختلافنا حول بعض مواده أو بعض العقوبات الواردة فيه ، فإصداره كان ضرورة ومطلباً شعبياً . إلا أنه صدر وأصبح قانوناً سارياً من اليوم التالي لتاريخ نشره . فإذا بمجموعة من الشباب الثوري يدشنون لوقفة احتجاجية أمام مجلس الشوري ، سواء لإحياء ذكري جيكا أو للإعتراض علي محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أو للإعتراض علي قانون تنظيم التظاهر ذاته فنبل السبب لا يبرر إختراق القانون ، فقامت الداخلية بالإتصال بالمنظمين لتنبيههم بضرورة إتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون دون جدوي ، فوضعت الداخلية بين المطرقة والسندان . 

إما تنفيذ القانون أو عدم تنفيذه . وقد رأت الدولة تنفيذ القانون لأن وجود الدولة أولي لبنات البناء وعدم التنفيذ يعني الفشل في مواجهة مظاهرات الإخوان ، فقامت الدنيا ولم تقعد . ووقع الجميع في الفخ الإخواني لندفع جميعاً الثمن . قد يكون التنفيذ خشناً ، ولكن الخشونة تواجه بالمحاسبة لا بهدم الداخلية . وقد تكون البراءة الثورية وراء التجاوز إلا أن ذلك لا يكون مدعاة لتجاوز القانون منهم أو ممن أعلن تدخله للإفراج عمن قبض عليه منهم  ، فدولة القانون يجب أن تكون كي يكون ما نريد .


حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

Поделиться публикацией:
Главные новости
Разное
Россия нарушает Женевские конвенции. Казни и пытки украинских военнопленных
Разное
Число жертв эпидемии холеры в Судане достигло 252 человек
Разное
Казахстан ремонтирует российские истребители западным оборудованием в обход санкций
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.