أوكرانيا بالعربية | بروكسيل قلب أوروبا الجريح... بقلم منعم الزهيري
كييف/أوكرانيا بالعربية/في السابق قالها الفيلسوف الالماني الكبير نيتشه "أحبوا السلام كوسيلة لتجديد الحروب، وخير السلام ما قصرت مدته. إنني لا أشير عليكم بالسلم، بل بالظفر. فليكن عملكم كفاحاً وليكن سلمكم ظفراً. لا اطمئنان في الراحة إذا لم تكن السهام مسددة على أقواسها. وما راحة الأعزل إلا مدعاة للثرثرة والجدل. فليكن سلمكم ظفراً".
من كان يتصور ان عاصمة الاتحاد الاوربي قد يضربها الارهاب بهذه البشاعة وبهذا الشكل الفظيع رغم كل التدابير الاحترازية التي تتخذها كل دول اليورو والمعتمدة على احدث التكنولوجيا المتطور؟ وهذا يقودنا مرة اخرى الى التفكير بعمق من اين ياتي الارهاب ومن اين له هذه الامكانيات الخارقة فهذه أوروبا، هذه القارة العحجوز، هذه مهد الثورة الصناعية نراها اليوم عاجزة عن درء الخطر عن نفسها وعن حدودها ..
بالتاكيد فأن التبريرات جاهزة ... انها داعش طبعا هذا بالنسبة لنا ( نقول داعش ) ولكن بالنسبة لهم انه الاسلام
الاسلام والمسلمين لا غيرهم هم من يعيثوا فسادا في بلاد المعمورة وكأن ادبيات العنف والارهاب هي من اختصاصات الاسلام فقط .. متجاهلين كل صور السلام والرحمة التي جاء بها الاسلام ..
لذا نرى الكل يتسابق حول اطلاق التكهنات حول نتائج تفجيرات بروكسل والنتائج والتبعات فالبعض يتوقع ترحيل المسلمين والبعض الاخر يتوقع سحب الجنسيات منهم وبين هذا وذاك فالنتيجة واحدة . وهذا لا يعني اننا ابرياء جميعا . فهناك بالفعل من اساء الى الاسلام وممن يقطنون القارة العجوز .
فبعد ان استقبلت اوروبا وعلى مدار السنين الكثير من المسلمين الذين لجئوا اليها بعد ان عانوا ما عانوه في بلاد الاسلام من ظلم واضطهاد، فقد استقبلتهم اوروبا بكرم قد افاق بمعنى الكلمة كرم حاتمهم الطائي. جعلوهم جزء من مجتمعاتهم ومنحوهم الجنسية ووفروا لهم المسكن والملبس والعمل والراتب. وكان رد الجميل من هولاء المحسوبين زورا على الاسلام والمسلمين . بتكفير هذه البلاد طولا وعرضا بشريعة لا تمت بالاسلام بصلة ولكن للاسف الشديد قد اصطبغت بصبغه الاسلام شئنا او ابينا والنتيجة فان الحكم واحد دون السماح لنا بالدفاع والاستئناف .
فعلى الجميع ان يفكر مليا وجديا عن كيفية القضاء على هذا الفكر المتطرف والبحث عن كافة الوسائل المتاحة للقضاء عليه ومنها تجفيف منايع الارهاب وهذا طبعا كله يتطلب جهود استثنائية ومن جميع الاسرة الدولية .
والا فأن الامور سوف تذهب بأتجاه المجهول المرعب. واتذكر اني قرأت انه نقل عن أينشتاين أحد العلماء المفكرين الأوروبيين، أنه سئل عن نوع الأسلحة التي تستعمل في الحرب العالمية الثالثة. فقال : إن هذا مما لا أعلمه، وإنما أعلم أنه إذا وقعت حرب رابعة، فسوف يكون السلاح فيها هو العصي والحجارة.
ومن يتمعن في مقولة أينشتاين جيدا يلاحظ انه ذهب بعيدا جدا في نظرته للمستقبل لدرجة انه توقع بأن الحرب العالمية الثالثة سوف تكون هائلة تذهب بالحضارة والمدنية كلها، لا بالأسلحة فقط. وستكون كل الأطراف المشتركة فيها خاسرة وفانية... إلى حد سوف لن يوجد بعدها إلا أناس فارغين من الحضارة ومجردين من السلاح القوي... لا يملكون في الحرب إلا العصي والحجارة.
فالحذر الحذر . وعلينا ان لا نعالج الازمات بأزمات اخرى فأن الكرسي يملك أرجـــل لكـــن لا يـسـيــــر . وللـقـلـــم ريـشــــة لكـنــــه لا يـطـيــــر. وللسـاعـــة عـقــــارب لكـنـهــــا لا تـلـســــع. وللـكـثـيــــر مـــن الـنــــاس عـقـــــول لكــــن لا يـفـكــــــــرون .
فالدعوة للجميع ان يسخروا كل الجهود . اولا لمواجهة هذا الارهاب المقيت وثانيا للقضاء عليه واستئصاله من مجتمعاتنا بغض النظر عن اللون او الدين او العرق او المذهب .وبغض النظر عن البعيد او القريب .. وكأن لسان حال واقعنا يقول كما قال المثل الروسي الشهير "تاج القيصير لا يمكن ان يحميه من الصداع"..
ونحن ف حالة ترقب الى ما تذهب اليه النتائج وانتظار المستقبل !!!!
المحامي منعم الزهيري
محامي وباحث في العلاقات
القانونية الدولية في أوكرانيا
المصدر: أوكرانيا بالعربية