أوكرانيا بالعربية | أوكرانيا والقرم.. أوراق ضغط تستخدمها تركيا في حربها مع روسيا... بقلم محمود علي
كييف/أوكرانيا بالعربية/خطوة أقدمت عليها تركيا ضد روسيا؛ ردًّا على استخدام موسكو لورقة الأكراد، حيث اتجهت أنقرة إلى أوكرانيا؛ لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري معها، في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الأوكرانية توترًا كبيرًا، بعد الثورة التي أطاحت بالحكومة الحليفة لروسيا العام قبل الماضي.
أنهى رئيس الوزراء التركي داود أوغلو قبل يومين زيارة لـ “كييف”، أعطت مؤشرات كثيرة تؤكد نية تركيا "استخدام" أوكرانيا، خاصة أزمة جزيرة القرم، للضغط على موسكو، بعدما خاضت معارك كثيرة عليها مع أوروبا، واستقر الوضع باحتلال موسكو لها. ويبدو أن العداء المشترك لروسيا بين أوكرانيا وتركيا دفع الجانبين إلى إجراء بعض التفاهمات؛ في محاولة لقلب الطاولة علي روسيا، لا سيما وأن الأزمات الأخيرة ساعدت على ذلك؛ حيث إن الأزمة الأوكرانية باعدت بين كييف وموسكو، كما وترت الأزمة السورية العلاقات بين روسيا وتركيا، فتقاطعت مصالح أوكرانيا وتركيا، وجمعهما خلاف مع عدو مشترك هو الدب الروسي.
ومنذ اشتداد الأزمة بين روسيا وتركيا على خلفية إسقاط طائرة لموسكو نوفمبر الماضي، تتهم أنقرة موسكو بدعم الأكراد في سوريا وتركيا؛ لتقويض سياسات الحكومة التركية، ووصف رئيس الوزراء التركي أثناء زيارته لكييف أوكرانيا بأنها شريك استراتيجي، معربًا عن إشادته بالتضامن الذي تبديه كييف مع أنقرة في مختلف الميادين.
وقبل زيارة أوغلو لكييف جاءت الكثير من الرسائل الأوكرانية والجهات المعارضة لروسيا في جزيرة القرم؛ لتعزيز التحرك التركي في هذا الملف، إذ طالب وزير الخارجية الأوكراني، بافلو كليمكين، بمشاركة تركيا في المباحثات المتعلقة بشبه جزيرة القرم، التي "ضمتها" روسيا حديثًا بعد ما عرب بـ"الاستفتاء"، الأمر الذي أغضب بوتين؛ كونه يأتي في ظل تصاعد التوتر مع تركيا، كما أكد مصطفى جميلوف رئيس مجلس تتار القرم المعارض لروسيا أن تركيا مستعدة لبحث توريد العتاد لأوكرانيا قائلًا: لقد نقلت قبل ثلاثة أيام لوزير الدفاع الأوكراني رسالة من وزارة الدفاع التركية أشير فيها إلى استعداد أنقرة بحث مسألة توريد العتاد اللازم لأوكرانيا.
وفضلًا عن تصريحات جميلوف أكدت تقارير إخبارية سعي تركيا لدعم أوكرانيا عسكريًّا ضد روسيا، حيث تجري تركيا مفاوضات مع كييف؛ من أجل تحديث سلاح المدرعات والدبابات الأوكرانية، في ظل الحرب التي تخوضها كييف ضد الانفصاليين المدعومين من قِبَل روسيا.
ومن المرجح أن تنتهي المباحثات على اتفاق يتضمن تسليح تركيا سلاح المدرعات والدبابات. وقال مسؤول تركي عن شركة “أسلسان” الدفاعية إنه من المتوقع أن يتوسع المشروع؛ ليشمل قوات المشاة والسيارات العسكرية.
وعلى الرغم من التزام تركيا بالصمت الرسمي حيال ملفات أوكرانيا والقرم في السابق؛ تجنبًا للصدام مع روسيا، حولت أنقره موقفها السري وغير المباشر إلى معلن، حيث أكد أوغلو أن شبه جزيرة القرم ليست جزءًا من روسيا، مشددًا على اهتمام بلاده بوحدة أوكرانيا وسلامة أراضيها، مضيفًا أثناء زيارته أن وحدة أراضي أوكرانيا واستقلالها يعتبران من القيم الأساسية بالنسبة لتركيا.
وتماهيًا مع الموقف التركي الأوكراني وكثرة عبارات التأييد بين الجانبين، تسارعت خطى التقارب التجاري بين الدولتين على شكل مشاريع ومبادرات، حيث أكدت الحكومة التركية اعتزام بلادها إقراض أوكرانيا 50 مليون دولار أمريكي.
وردًّا على العقوبات الروسية، أعلن وزير الزراعة الأوكراني أوليكسي بافلينكو أن بلاده مستعدة لسد أي فجوة محتملة في سوق المواد الغذائية التركية، جراء فرض موسكو قيودًا تجارية على أنقرة، خاصة في مجال صادرات القمح والشعير والذرة ومنتجات الدواجن، كما اتفقت أوكرانيا مع تركيا على المشاركة في تطوير الصناعة البحرية؛ لتعزيز سلامة وأمن البحر الأسود.
وفي ضوء دعم تركيا عسكريًّا وسياسيًّا لمجلس شعب تتار القرم المعارض لروسيا، استضاف الرئيس التركي في شهر آب/أغسطس العام الماضي بالعاصمة أنقرة المؤتمر العالمي لتتار القرم، في خطوة بدت سعيًا لاستعادة النفوذ الذي كانت الإمبراطورية العثمانية تتمتع به في القرم، التي شهدت حربًا واسعة بين الإمبراطوية العثمانية والروسية قديمًا من ناحية، ولاستخدامها كورقة في الحرب الباردة مع روسيا من ناحية أخرى.
ونشر تقريرًا يشير إلى تقديم تركيا الدعم العسكري لتتار القرم، ونقلت عن لينور إسلاموف، أحد قياديي تتار القرم، أن وزارة الدفاع التركية بدأت تقديم الدعم العسكري لكتيبة تتار القرم في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن تمويل الكتيبة وتأمين حدود جزيرة القرم يقتصران في الوقت الراهن على المتبرعين، فيما تأخذ أنقرة على عاتقها مسائل الإمداد.
محمود علي
المصدر: البديل