أوكرانيا بالعربية | اوباما يعلن الحرب على "النظام" و"الجماعات الجهادية" معا في سورية.. ويسترضي نتنياهو بالتأكيد على "يهودية اسرائيل".. موقف مخجل من رئيس عانى من التمييز العنصري... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/حدد الرئيس الامريكي باراك اوباما بدقة غير مسبوقة سياسة حكومته الخارجية في الفترة المقبلة، وكان من الطبيعي ان تحتل قضايا الشرق الاوسط مكانة بارزة في خطابه السنوي (حال الاتحاد)، خاصة ايران وسورية وافغانستان وتنظيم "القاعدة".
*اولا: هدد بتعطيل اي قانون يفرض عقوبات جديدة على ايران يصوت عليه الكونغرس خلال فترة اجراء المفاوضات الدولية، وهذا يشكل تحديا مباشرا لاسرائيل التي تريد فرض هذه العقوبات لافشال المفاوضات الجارية بين ايران والدول الست العظمى حول برنامجها النووي.
*ثالثا: التشديد مجددا على "ان اسرائيل دولة يهودية تعرف ان امريكا تقف الى جانبها" في محاولة لارضاء اللوبي اليهودي المسيطر على الكونغرس، وحرمان بنيامين نتنياهو من اي ذريعة يمكن ان يوظفها ضده، اي اوباما، في الكونغرس.
الرئيس اوباما الذي انسحب من العراق، وعلى وشك اكمال انسحاب قواته من افغانستان في نهاية هذا العام، يدرك جيدا ان فرض الكونغرس عقوبات جديدة على ايران يعني انهيار الاتفاق النووي الاخير الذي جنب المنطقة والعالم حربا عالمية ثالثة، فقد حذرت ايران علنا، وبحزم ان فرض اي عقوبات جديدة يعني عدم التزامها بهذا الاتفاق، والعودة الى المربع الاول.
ايران طالبت في بيان رسمي مشترك مع تركيا ضرورة انسحاب جميع القوات الاجنبية في سورية ومحاربة الارهاب، وهذه رسالة توجهها الى الرئيس اوباما تؤيد منطلقاته هذه بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
السؤال هو حول "سلم اولويات" الادارة الامريكية، وحليفتها السعودية، اي هل سيكون التخلص من الجماعات الجهادية اولا، والنظام السوري ثانيا، ام العكس؟
من الواضح ومن خلال خطاب اوباما، والوساطة السعودية لتوحيد الفصائل الاسلامية المقاتلة على الارض، وانهاء الخلافات فيما بينها، للتركيز على الهدف المشترك، اي النظام، يؤكد ان الاولوية الآن للقضاء بداية على الدولة الاسلامية في العراق والشام الاكثر قوة على الارض، وبما يطمئن الرئيس الامريكي والدول الغربية الاخرى، ثم يتم التركيز بعد ذلك على النظام، وهذا ما يفسر في اعتقادنا المرونة المفاجئة التي ابداها الوفد الرسمي السوري في مفاوضات جنيف من حيث القبول ببحث تشكيل حكومة انتقالية تطبيقا لقرارات "جنيف 1"، ولكن بعد الانتهاء من القضايا السهلة مثل وقف اطلاق النار وتبادل السجناء وايصال مواد الاغاثة للمحاصرين.
ويظل لزاما علينا ان نعتبر اصرار اوباما اول رئيس من اصل افريقي لامريكا، على يهودية دولة اسرائيل امرا معيبا، وغير مقبول من شخص منه عانى واسرته، من المكارثية والتمييز العنصري في طفولته ومراهقته.
اوباما يهين، بمثل هذا الموقف المخجل كل المناضلين السود الذين ضحوا بحياتهم، سواء قتلا او سحبا، من اجل الانتصار لابناء جدلتهم والغاء كل قوانين التمييز العنصري البشع، وعلى رأس هؤلاء الداعية الامريكي مارتن لوثر كينغ ومالكوم اكس والقائمة طويلة.
الرئيس اوباما، يريد تطبيق سياسات الرئيس بوش ولكن بالدبلوماسية، وليس من خلال الصواريخ والقاذفات العملاقة وحاملات الطائرات، اي نزع الاسلحة الكيماوية السورية، ومنع تطور البرنامج النووي الايراني لدرجة انتاج اسلحة ذرية، وابقاء اسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة، وفرضها زعيمة عليها.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية