أوكرانيا بالعربية | الـتــوحــش الداعشي واستراتيجية المواجهة... بقلم حسن زايد

توحش لغة : توحَّشَ يتوحَّش ، توحُّشًا ، فهو مُتوحِّش . توحَّش الإنسيُّ : صار كالوحش طبعًا وتصرّفًا . والوحش : كُلُّ ما لا يُسْتَأْنَسُ . وذلك كما جاء بمعجم المعاني . والتوحش الداعشي مرده كتاب تم اكتشافه في عام 2008 م ، منع من التداول في البلدان العربية ، إلا أنه تم نشره علي مواقع الشبكة العنكبوتية . وقد ترجمته وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " إلي اللغة الإنجليزية ، بزعم أن المخابرات المركزية ، قد عثرت فيه علي وثائق ورسائل موجهة من وإلي أسامة بن لادن . هذا الكتاب هو دستور العمل للجماعات الإرهابية المنضوية تحت لواء ما يعرف بالدولة الإسلامية المزعومة " داعش" .

كييف/أوكرانيا بالعربية/توحش لغة : توحَّشَ يتوحَّش ، توحُّشًا ، فهو مُتوحِّش . توحَّش الإنسيُّ : صار كالوحش طبعًا وتصرّفًا . والوحش : كُلُّ ما لا يُسْتَأْنَسُ . وذلك كما جاء بمعجم المعاني . والتوحش الداعشي مرده كتاب تم اكتشافه في عام 2008 م ، منع من التداول في البلدان العربية ، إلا أنه تم نشره علي مواقع الشبكة العنكبوتية . وقد ترجمته وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " إلي اللغة الإنجليزية ، بزعم أن المخابرات المركزية ، قد عثرت فيه علي وثائق ورسائل موجهة من وإلي أسامة بن لادن . هذا الكتاب هو دستور العمل للجماعات الإرهابية المنضوية تحت لواء ما يعرف بالدولة الإسلامية المزعومة " داعش" .

ومن المؤكد أن الكتاب المذكور تحت سمع بصر الأجهزة الأمنية، وأنه محل اعتبار عند وضع استراتيجية المواجهة . هذا الكتاب يطلق عليه مؤلفه " إدارة التوحش " ، ولا ريب أن المقصود من استخدام هذا المصطلح ، هو حالة الفوضي ، والتوحش ، التي تضرب في المناطق أو الدولة التي تتحلل فيها قبضة السلطة الحاكمة . ولكن كيف يتم الوصول إلي مرحلة الفوضي والتوحش ، أو إدارة التوحش ؟ .من وجهة نظر منظر التنظيم الإرهابي أنه لابد من المرور بمرحلة أطلق عليها مرحلة : " شوكة النكاية والإنهاك " .

وتقوم هذه المرحلة علي إنهاك قوات الدولة المستهدفة ، وتشتيت جهودها ، وعدم منحها فرصة التقاط أنفاسها ، من خلال القيام بعمليات صغيرة هنا وهناك ، وتصاعد وتيرة هذه العمليات ، حتي يكون لها تأثير ممتد بعيد المدي . وجذب عناصر جهادية جديدة ، بالقيام بعمليات نوعية متوسطة . وإخراج المناطق المستهدفة من نطاق سيطرة سلطة الدولة الأم ، والعمل علي إدارة حالة الفوضي والتوحش فيها . وأخيراً الإرتقاء بمجموعة : " النكاية والإنهاك " ، وتهيئتهم عملياً ونفسياً لإدارة مرحلة التوحش . ويقوم الفكر العسكري الداعشي علي خطتين هما : الخطة الأولي : تنويع وتوسيع ضربات النكاية والإنهاك بحيث تتشتت جهود الدولة المستهدفة ، وتستنزفها . وذلك يتم من خلال تنويع وتوسيع دائرة الأهداف ، وتكرار الهدف أكثر من مرة ، حتي يتأكد للسلطة الحاكمة ، أن هذا الهدف سيظل مستهدفاً .

والخطة الثانية : إجبار السلطة الحاكمة علي توزيع قوي الأمن لديها وفقاً لأولويات معينة تبدأ بحماية الشخصيات الهامة وعائلتها ، والأجهزة الرئاسية ، وحماية الأجانب ، والمنشآت الإقتصادية وخاصة البترولية . وتركيز قوات الأمن علي هذه الأولويات يعني بالضرورة ، خلو الأطراف والمناطق الشعبية المزدحمة من قوات الأمن والجيش ، أو علي الأقل تغطيتها بقوات غير كافية ، بقيادات ضعيفة وهشة . هذه القوات تصبح هدفاً سهلاً يمكن اصطياده ، والإستيلاء علي ما في أيديهم من سلاح ، وإمكانية فرارهم أمام زحف هذه العصابات . وهنا تبدأ مرحلة إدارة الفوضي والتوحش في هذه المناطق . وقد جري تطبيق هذه الإستراتيجية في العراق وسوريا علي أوسع نطاق . وقد كان من أهم مظاهرها حالات الذبح الجماعي ، المصورة ، والمذاعة تلفزيونياً ، وعلي مواقع التواصل الإجتماعي . وكذا مظاهر الحرق للأحياء من البشر ، والقتل الجماعي رمياً بالرصاص ، والتفجيرات الضخمة ، والتي طالت مساجد أصحاب المذاهب المخالفة ، وتفجير الكنائس ، والأماكن الأثرية بعد نهبها ، وسبي النساء ، وبيعهم في أسواق النخاسة .

كل ذلك يتم في إطار أحدث أساليب الحرب النفسية التي تقوم علي إشاعة وبث الشائعات المروعة ، مصحوبة بمشاهد مصورة بأحدث التقنيات ، تسهم بشكل كبير ـ ومباشر ـ في خلق صورة ذهنية عن التوحش الإنسي ، الذي ينقلب فيه الإنسان وحشاً ، طبعاً وتصرفاً . هذه الصورة الذهنية تجعل الناس ينهزمون نفسياً أمام العصابات الداعشية ، قبل أن تطلق داعش رصاصة واحدة ، علي غرار ما حدث في الموصل ، في العراق . وقد حاول التنظيم اللعب مع مصر في هذا الإطار ، فكانت مذبحة رفح الأولي ، والثانية .

وكذا معركة كرم القواديس ، والهجوم علي كمين في الجبهة الغربية ، ثم جاءت مذبحة المصريين المسيحيين في ليبيا . وقد كان الرد المصري هذه المرة قاسياً موجعاً ، حيث قام الطيران المصري بصب الجحيم فوق رؤوسهم . ثم كانت الحوادث الأخيرة ، الخاصة باغتيال النائب العام المصري ، وبعدها جري تنفيذ الهجوم الكبير علي عدة أكمنة في سيناء ، لم يكن مستهدفاً من وراءه قتل مجموعة من القوات تصوروا وهماً ، وفقاً لمخططهم ، أنها غير كافية ، وضعيفة ، وذات قيادات ضعيفة هشة . وإنما كان الهدف هو الإنتقال من مرحلة النكاية والإنهاك إلي مرحلة إدارة التوحش ، في هذه المنطقة .

فإذا بهم يجابهون برجال صائمين ، حرصهم علي الإستشهاد ، أكثر من حرصهم علي الحياة . جوبهوا برجال كانوا يقاتلون بعد أن استقر الرصاص في أجسادهم ، ولآخر رمق . حتي وصلت قوات الإمداد ، وصبت فوق رؤوس تلك العصابات حمم من الجحيم ، إلي حد ذهاب قناة الجزيرة العميلة إلي اتهام القوات المصرية بالإفراط في استخدام القوة ، وقد كانت هناك ملحوظة لها دلالتها ، وهي حالة الإستنفار التي جرت في القوات الأمريكية ، والقوات الإسرائيلية ، سابقة ، ومصاحبة للأحداث . ولابد أن نعي أن عملية سيناء ليست هي نهاية المطاف ، وإنما ستكون بداية لعمليات جديدة ، لأن هذا التنظيم يعتمد في نظريته عن إدارة التوحش ، سياسة دفع الثمن ، التي تمثل من وجهة نظره ، ردعاً للدولة المصرية من ناحية ، ورفعاً لمعنويات عناصر التنظيم من ناحية أخري . ولا يقتصر تنفيذ سياسة دفع الثمن علي الداخل فقط ، وإنما قد يمتد إلي خارج الحدود المصرية . ومن هنا فإنني أري أن استراتيجية المواجهة مع توحش هذا التنظيم ، لابد أن تعتمد علي التوحش في المواجهة ، إذ لا يفت التوحش إلا التوحش ، والعقوبة من جنس العمل ، وألا تقتصر سياسة الردع معه ، علي الضربات الأمنية في الداخل فقط ، وإنما تمتد إلي خارج القطر المصري ، ولا سبيل إلي المهادنة أو التراخي حتي يتم القضاء علي هذا التنظيم واجتثاث جذوره ، وألا تقتصر المواجهة علي الجانب العسكري فقط ، وإنما يتعين أن تمتد إلي الجانب السياسي ، والجانب الإعلامي ، والجانب الفكري ، فهل نحن فاعلون ؟ .
حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية



Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.