أوكرانيا بالعربية | الـذين هـبطـوا من الـســماء... بقلم حسن زايد
كييف/أوكرانيا بالعربية/التنين هو كائن أسطوري مخيف تحاك حوله وحول قدراته الأساطير ، فهو يجمع بين الزواحف العملاقة ، وأجنحة نسر عملاقة تحمله من الوضع الزاحف إلي عنان السماء ، له أيادي وأرجل لها أظفار أسد ، وفي رأسه جُمّة شعر ، زفيره لهيب مستعر ، إذا إقترب من شيء أو إقترب منه شيء أحرقه . هكذا تصورنا جماعة الإخوان ، ورغم أن هذا التصور قائم في الأذهان إلا أنه في إطار الخيال والوهم الذي لا نصيب له من الواقع .
تصور أقرب ما يكون إلي الكوابيس التي تداهم الإنسان في نومه فإذا ما استيقظ أصبحت لا شيء ، ولا يبقي منها سوي الصورة المتوهمة التي يراها الإنسان حين يكون نائماً . لقد أصابت هذه الجماعة / التنين المجلس العسكري في أعقاب ثورة يناير بالهلع مما يمكن أن تفعله في مصر حال إقصاءها عن دور الفاعل الرئيس في المشهد السياسي المصري ، فقد تخلت عن أردية الحمل الوديع الناعم الذي يحمل الخير لمصر، وظهرت كوحش ضاري ، إما أن يلتهم كل شيء ـ ولا يدع حتي الفتات لغيره ـ أو يحرق مصر . فسلم لها المجلس العسكري مصر تسليم مفتاح . وانتظرت مصر علي أحر من الجمر طائر النهضة الذي بُشّرت به من قبل الجماعة ، فإذا به طائر العنقاء ، ذلك الطائر الخُرافيّ الذي زعَم قُدماء المِصْريين أنَّه يُعَمَّر خمسة قرون وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده من جديد . وهذا ما قاله المعزول / محمد مرسي للفريق السيسي عندما قال بأن الجماعة ستحكم مصر خمسمائة سنة . ولما كانت الشعوب تختنق من مثل هذه الأجواء الأسطورية الكابوسية فلابد لها أن تستيقظ وتفيق ، وتعود إلي الأرض حيث مواضع الأقدام . وقد استيقظت مصر قبل أن يجهز عليها ذلك الكابوس في ثورة غير مسبوقة في التاريخ البشري . ثورة يونيه التي أطاحت بالجماعة خارج إطار التاريخ ، وحتي خارج مشاهد الحلم الوردي بالمستقبل . فلم يفت الجماعة / التنين أن تزفر لهيبها المستعر في أرجاء مصر حتي تحترق أو تعود إلي أحضانها راغمة . فإذا بالأذرع الإرهابية تمتد من سيناء إلي الوادي تنشر الإرهاب ، وتنصب للشعب محرقة تأكل أولاده من الجيش والشرطة والمدنيين .
والأذرع مجرد أدوات منفذة بلا عقل ولا قلب ، وذلك بالتوازي مع تسيير المظاهرات اللاسلمية التي ما إن مرت بشيء إلا جعلته كالرميم . أما التخطيط والتمويل والتسهيلات اللوجستية فهو صادر عن عقليات دموية تختبيء في الأقبية داخل مصر وخارجها بالتعاون مع أجهزة مخابراتية لا تضمر لمصر وشعبها خيراً . فلقد رأينا نساء الجماعة ـ تنظيم الأخوات ـ يمارسن عنفاً وإرهاباً لا ينهض به رجال في مظاهراتهم التي يتصدرن فيها المشهد . وما تصدر النساء للمشهد سوي حيلة شيطانية تستهدف تشويه المشهد وتلويثه أخلاقياً حال التصدي لمظاهراتهم التآمرية . وانتقال المشاهد إلي الجامعات بقصد تعطيل الإمتحانات ، وتعويق العملية التعليمية ، وتحدي مؤسسات الدولة . وهكذا تعيش مصر مرحلة المخاض الثوري وسط الحرائق والدمار . الغريب في كل هذا المشهد العبثي للجماعة أن تخرج علينا ببيان علي موقعها الرسمي بشأن أحداث تفجير مديرية أمن الدقهلية تقول فيه كلاماً عجباً ، رداً علي بيان وزارة الداخلية بذات الخصوص . فلو تم إفراغ البيان من تلك العبارات الإنشائية حول الإنقلاب والخيانة والشرعية والفشل .. الخ . سنجد أن البيان يقول بأنه طالما أن وزارة الداخلية قد توصلت إلي معرفة هوية الشخص الذي فجر مديرية أمن الدقهلية ، وإنه من جماعة تكفيرية ، وبالرغم من رواية أهالي المنصورة التي تقول بأن الداخلية هي من قامت بالتفجير ، ومع افتراض صدق الوزارة هذه المرة ، فإن ذلك يعني أن جماعة الإخوان بريئة من هذه الجريمة . ويبدو أن الجماعة لم تستفق بعد من هول صدمة سقوطها المروع في مواجهة الشعب ، وما زالت تتصور أن الشعب باق علي سذاجته ، وحريص عليها ، وأنه لم ير ذلك التجمع الإرهابي في احتفالات اكتوبر محيطاً بالمعزول إحاطة السوار بالمعصم ، وأنه لم ير هذه التجمعات الإرهابية علي منصة رابعة العدوية ومنصة النهضة وهي تنفث لهيب سمومها تهديداً ووعيداً وترعيباً للشعب المصري قاطبة . ولم ير بأم عينيه الآثار الدموية لهذه التهديدات إجراماً علي الأرض . والأكثر إيغالاً في الهذيان ما ورد بالبيان من إتهام السلطة الحالية بأنها تنفذ سياسة الفوضي الخلاقة التي ترمي إلي قيام حالة الإحتراب الأهلي ، مثلما حدث في العراق لصالح الراعي الأكبر للانقلاب وربيبته في المنطقة، وبأمر الدويلة التي تمولهم من الخليج . إن هذا الكلام لا يعدو كونه نكتة يلقيها البيان الإخواني حتي يلطف الأجواء الملتهبة للكلمات النارية التي يحتويها .
أما الرد علي ما ذهبت إليه الجماعة من تبرئة لساحتها طالما أن المنفذ من جماعة تكفيرية أن هذا استدلال فاسد ، لأنه يقتضي الإجابة علي تساؤل مؤداه : ومن أين أتت هذه الجماعة التكفيرية ؟ . يبدو أن هذه الجماعات قد هبطت علينا من السماء . الأغرب أن يخرج علينا موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لجماعة حماس ـ الذراع العسكرية لجماعة الإخوان ـ لينفي علاقتهم بما يجري في مصر ، زاعماً أن العناصر التكفيرية تكفر حماس . بما يؤكد أن من ينفذ العمليات الإرهابية في مصر هم أناس هبطوا علينا من السماء بفعل دعاء الشيخ القرضاوي والمعزول ليل نهار .
حسن زايد
كاتب عربي ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية