أوكرانيا بالعربية | الـتـدخل الـبري فـي الـيـمن ضــرورتـه وخـطورته... بقلم حسن زايد

الآن ـ ودون الدخول في طنطنات نظرية ـ أصبح التدخل البري في اليمن ضرورة واجبة. ومرجع ذلك لأمرين هما : الأول ـ توزع الجيش اليمني بين ولاءات متعددة ، دون الولاء المطلق للدولة ، ولو أن هناك جيش لا يتوزع ولائياً بين الأطراف المتنازعة لأمكن القول بالإكتفاء بمعاونته عن طريق قصف جوي وبحري يساهم في تغليبه علي ما عداه من قوات، وتوفير الفراغ الذي يشغله علي الأرض . أما وأن الجيش اليمني متوزع ولائياً ، فإنه يصبح من العبث التعويل عليه في ملء الفراغات الناشئة عن القصف

كييف/أوكرانيا بالعربية/الآن ـ ودون الدخول في طنطنات نظرية ـ أصبح التدخل البري في اليمن ضرورة واجبة. ومرجع ذلك لأمرين هما : الأول ـ توزع الجيش اليمني بين ولاءات متعددة ، دون الولاء المطلق للدولة ، ولو أن هناك جيش لا يتوزع ولائياً بين الأطراف المتنازعة لأمكن القول بالإكتفاء بمعاونته عن طريق قصف جوي وبحري يساهم في تغليبه علي ما عداه من قوات، وتوفير الفراغ الذي يشغله علي الأرض . أما وأن الجيش اليمني متوزع ولائياً ، فإنه يصبح من العبث التعويل عليه في ملء الفراغات الناشئة عن القصف.

الأمر الثاني ـ أنه يصعب تحقيق نصر نهائي ، وحاسم ، عن طريق الجو أو البحر . فالقصف الجوي أو البحري لأهداف أرضية قد يمهد الطريق ، ويعبدها ، للتدخل البري . أما القوات البرية فهي التي تملأ الفراغ الذي يخلقه القصف الجوي أو البحري علي الأرض . وبالتالي لا مناص من التدخل البري لحصد ثمار القصف الجوي والبحري ، وإلا أصبح هذا القصف أمراً عبثياً يستهدف تدمير الحجر والشجر ، والحرث والنسل دونما هدف أو غاية سوي التدمير للتدمير . وأعتقد أن عاصفة الحزم ، لا تتغيا هذه الغاية ، ولا تستهدف هذا الهدف . وإنما الغاية هي إجبار أطراف النزاع علي الجلوس إلي مائدة المفاوضات علي قدم المساواة ، بتقليم أظفار من يشهر مخالبه في وجه بني وطنه ، إمتثالاً لأجندات خارجية ، لا تريد بالمنطقة خيراً . ومن هنا فإن التدخل البري أصبح ضرورة حتمية لأن السيطرة علي الأرض في حاجة إلي وجود قوات مشاة مترجلة ، ومدرعات ومدفعية ، تملأ الفراغ الناجم عن القصف . أما خطورة التدخل البري فمرده إلي أسباب من بينها : وعورة التضاريس اليمنية التي قد تمثل عائقاً أمام تقدم القوات البرية وانتشارها الجغرافي ، فضلاً عن إمكانية تحول المعركة البرية من حرب جيوش نظامية إلي حرب عصابات ، لأن الطبيعة الجغرافية تساعد علي ذلك ، وتتمثل خطورة حرب العصابات في إطالة زمن الحرب من جانب ، وتحول أفراد الجيوش البرية إلي صيد سهل لأفراد حرب العصابات .

وهذا في حد ذاته قد يمثل استنزافاً يسهم في إسقاط الجيوش النظامية المشاركة في العملية ، أمام القوات الحوثية المدربة علي هذا النوع من الحروب ، الذي يقوم علي معرفة دقيقة بطوبوغرافية المكان ، وإجادة الكر والفر ، والإستخفاء ، والتربص ، والقنص . وثاني الأسباب : عدم وجود جيش نظامي يمكن التدخل إلي جانبه ، بما يعني أن تجد القوات البرية نفسها واقعة في مواجهة تصادمية مع شرازم الجيش اليمني المتعدد الولاءات كما أسلفنا . ولا تجد بداً من القضاء علي هذه القوات من خلال المواجهات البرية من ناحية ، ومعاونة القصف الجوي والبحري من ناحية أخري ، ويصعب القول بامكانية استمالة هذه القوات إلي جانب أهداف التحالف . وهذا يعني تدمير البنية التحتية للجش اليمني ، بما يتولد عنه فراغ القوة ، في دولة حيوية للأمن القومي العربي .

وثالث الأسباب : الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني التي قد تأبي وجود قوات برية غريبة تنتهك من وجهة نظرها حرمة الأراضي اليمنية ، وتُعمل في أهلها آلة التدمير والقتل الضروري والحتمي . وانحياز قبيلة أو اكثر مع أو ضد القوات البرية قد يثير بواعث الحرب الأهلية بين القبائل .

ورابع الأسباب : الخشية من تحول الحرب بالوكالة بين السعودية السنية ، وإيران الشيعية ، إلي حرب مباشرة نتيجة التدخل الإيراني البري في اليمن . بما يهدد منطقة الشرق الأوسط بالدخول في أتون جحيم بركان ثائر ، قد تتهدد معه المنطقة نووياً ، وقد تتهدد معه حقول البترول في المنطقة العربية ، بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر التدخل الغرب / أمريكي لحماية مصادر الطاقة .

وخامس الأسباب : أن ربما هناك سيناريو أسوأ معد للمنطقة يفضي بها إلي حرق نفسها ، كالنيران التي لم تجد ما تأكله . وهذا السيناريو قد يدفع بالمنطقة حتماً إلي حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس . وأنه يتعين التحسب لهذا السيناريو . وعليه فإن التدخل البري رغم ضرورته وأهميته لحصد ثمار العاصفة التي جري إعلانها ، فإنه يتعين التحسب لمخاطره الجمة التي ينطوي عليها . وقد يكون الحل في تشكيل ـ أو إعادة تشكيل ـ جيش يمني ، تجري مساندته ودعمه ، بدلاً من الدخول في مستنقع الحرب اليمنية ، والغرق في بِرَكها .

والحقيقة أن الموقف المصري من التدخل البري غاية في الدقة والحساسية ، لأن مصر لديها تجربة سابقة لمسألة التدخل في اليمن ، ورغم تأكيد الرئيس السيسي علي أن الموقف والظرف مختلف ، وأن الربط بين الموقفين هو ربط تعسفي ظالم ، إلا أن ذلك لا يعني زوال الذكريات السيئة لهذا التدخل . وأنه رغم التعهد المصري بدعم التحالف للحفاظ علي الأمن القومي المصري والعربي ، إلا أن التدخل قد يضر بالتحالف الوليد مع روسيا والصين اللتين تعارضان التدخل البري . وقد يؤثر سلباً علي العلاقات الثنائية بدولتي تونس والجزائر اللتين تعارضان العاصفة ومن ثم التدخل البري . فضلاً عن وضع مصر بثقلها ووضعها في جانب فصيل ضد فصيل آخر، بما يؤثر علي دورها كشقيقة كبري للعرب جميعاً. بالإضافة إلي الأخذ في الإعتبار نظرية المؤامرة علي الجيش المصري الذي ما زال يحفظ علي المنطقة تماسكها وصمودها في مواجهة مخطط التفتيت .

وإن كان ولابد ـ إلي جانب الدور السياسي ـ من مشاركة مصر في الحرب البرية ، فلا يكون ذلك إلا بعدد محدود من القوات المؤهلة للقيام بعمليات خاصة خاطفة ، لمساعدة قوات التحالف ، وليت مصر تنجح في مساعيها السياسية لجمع أطراف النزاع علي مائدة مفاوضات تحول دون استمرار هذا النزيف الذي أصاب جسد الأمة .


حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.