أوكرانيا بالعربية | الـطـبـخــة الـمســـمـومـة فــي الـفـكــر الإخـوانـــي... بقلم حسن زايد

القول بأن العنف والإرهاب الذي تبدي في سلوك الإخوان هو أمر طارئ عليهم نتيجة سقوطهم بعد ثورة 30 يونية ، وأنهم ما كانوا ليسلكوا هذا السبيل لولا ما حدث ، لأن العنف والإرهاب ليس من منهجهم في العمل ، ولا سبيلهم إلي التغيير الذي ينشدونه من أجل تحويل المجتمع من مجتمع جاهلي إلي مجتمع اسلامي ، هو قول لا يقف صاحبه علي حقيقة منهج التغيير في الفكر الإخواني ، وهذا المنهج ليس سِرِّياً ولا خافياً لا من حيث المنطلق ولا الآلية ولا الغاية، وإنما تطفح به أدبياتهم المنشورة في مصر والعالم العربي والعالم الإسلامي ، وقد تغافلت عنه الأنظمة الحاكمة ـ في خيانة واضحة المعالم لشعوبها ـ حتي تسرب هذا الفكر إلي كل فئات المجتمع ، باعتباره هو الفكر المعبر عن الدين الإسلامي ، إن لم يكن هو الدين ذاته .
كييف/أوكرانيا بالعربية/القول بأن العنف والإرهاب الذي تبدي في سلوك الإخوان هو أمر طارئ عليهم نتيجة سقوطهم بعد ثورة 30 يونية ، وأنهم ما كانوا ليسلكوا هذا السبيل لولا ما حدث ، لأن العنف والإرهاب ليس من منهجهم في العمل ، ولا سبيلهم إلي التغيير الذي ينشدونه من أجل تحويل المجتمع من مجتمع جاهلي إلي مجتمع اسلامي ، هو قول لا يقف صاحبه علي حقيقة منهج التغيير في الفكر الإخواني ، وهذا المنهج ليس سِرِّياً ولا خافياً لا من حيث المنطلق ولا الآلية ولا الغاية، وإنما تطفح به أدبياتهم المنشورة في مصر والعالم العربي والعالم الإسلامي ، وقد تغافلت عنه الأنظمة الحاكمة ـ في خيانة واضحة المعالم لشعوبها ـ حتي تسرب هذا الفكر إلي كل فئات المجتمع ، باعتباره هو الفكر المعبر عن الدين الإسلامي ، إن لم يكن هو الدين ذاته . ومن هنا يمكن القول بأن ما نراه ، وما نشاهده ، وما نعيشه من مشاهد العنف والتخريب والقتل ، هو النتيجة الطبيعية والمنطقية للطبخة المسمومة ، التي يتناولها أتباع هذه الجماعة ، وما تفرع عنها من جماعات ، ومن ولف لفها ، وتعاطف معها . فمنطلق الفكر الإخواني من الأساس هو منطلق مسموم إذ يعتبر أنظمة الحكم المعاصرة هي من مخلفات الغزو الصليبي لبلاد المسلمين ، وأنها وريثة أتاتورك في استبعاد الإسلام عن واقع الحياة ، ومن ثم فهي أنظمة جاهلية لا تقر بحاكمية الله ، وتدعي لنفسها حاكمية تمثل اعتداءًا صارخاً علي سلطان الله . والجاهلية المعاصرة هي جاهلية اجتمعت فيها جميع صور الجاهلية التي تحدث عنها القرآن الكريم وهي جاهلية الحكم وجاهلية التصور وجاهلية الإعتقاد .
ولذا فإن هذه الأنظمة مرفوضة من جانب الإخوان بحسب فقههم وفهمهم وبيعتهم . يقول حسن البنا مؤسس الجماعة : " ونحن لهذا لا نعترف بأي نظام حكومي ، ولا بهذه الأشكال التقليدية التي أرغمنا أهل الكفر وأعداء الإسلام علي الحكم بها والعمل عليها " [ رسالة إلي الشباب ـ الرسائل : 419 ] ، ثم يعرض لمبررات عدم الإعتراف من وجهة نظره ، مقدماً إياها باعتبارها حكم الدين في هؤلاء الحكام ، وما هم عليه من كفر بواح في ذواتهم وبيوتهم ، وشئونهم الخاصة والعامة ، يقول البنا : " وأني لحكامنا هذا ، وهم جميعاً قد تربوا في أحضان الأجانب ، ودانو بفكرتهم ، علي آثارهم يُهرعون ، وفي مرضاتهم يتنافسون ، ولعلنا لا نكون مبالغين إذا قلنا : أن الفكرة الإستقلالية في تصريف الشئون والأعمال ، لم تخطر ببالهم ، فضلا عن أن تكون منهاج عملهم ، إن قوماً فقدوا الإسلام في أنفسهم ، وفي بيوتهم وشئونهم الخاصة والعامة ، لأعجز أن يفيضوه علي غيرهم ، ويتقدموا بدعوة سواهم إليه ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، ليست هذه مهمتهم أيها الإخوان ، فقد أثبتت التجارب عجزهم المطلق عن أدائها ، ولكنها مهمة النشء الجديد " [الإخوان المسلمون تحت راية القرآن ـ مجموعة الرسائل :218 ـ 219 ] . تلك هي معالم الطبخة المسمومة التي ازدردها الإخوان ، ففضلاً عن تأكيد عمالة الحكام وتبعيتهم ، فإنهم فقدوا الإسلام بالكلية . فما هو المنتظر ممن أكل هذه الطبخة حيال أنظمة الحكم في بلاده ؟ . وماذا تكون عليه المجتمعات التي تعيش في ظلال هؤلاء الحكام ؟ . أليس الناس علي دين ملوكهم كما يقال ؟ . فإن تقدمنا بضع خطوات للأمام مع تقدم عمر الجماعة لوجدنا في طريقنا الثمار الحنظلية لتلك الطبخة المسمومة ، من تخريب وحرق وقتل ، ثم محاولة انقلاب علي الثورة باغتيال زعيمها إلا أن الله سلم ، وباءت المحاولة بالفشل ، ووقي الله مصر من الشرور . فإذا تقدمنا بضع خطوات أخري إلي الأمام لوجدنا سيد قطب  ، أحد أهم المنظرين لفكر الجماعة ومنهجها في البيان والحركة علي السواء ، وهو قد ذهب مع إمامه ذات المذهب ، فاعتبر أن الأنظمة التي تستبعد شرع الله ، أنظمة جاهلية ، لا تعايش معها ، ولا لقاء معها ، ولا تنازل عن شيء من أمور الدين والعقيدة ، ولا مداهنتها ، بل يجب إعلان الحرب عليها وتغييرها ، ومفاصلها ، واعتزالها شعورياً ، أي كرهها والبراءة منها ، والولاء لله ولرسوله والذين آمنوا . ذلك هو عصير الحنظل الذي شربه أعضاء ما يسمي بالجماعات الإسلامية  شُرْب الهيم [ الإبل العِطاش التي لا تروى ]. ولا ندري من أين أتيا ـ البنا وقطب ـ بفكرة استبعاد الأنظمة لشرع الله ؟ . لأن هذه المقدمة لا ريب أنها فاسدة ، ومن المؤكد أنها أفضت إلي نتائج فاسدة . ولكن إعادة استنبات هذه النبتة ـ قضية الحاكمية ، وقضية التجهيل ـ في التربة الإسلامية يعطي لهذه الجماعة شرعية وجود . فإن كانت الأنظمة لا تحكم بما انزل الله ، فلا ريب أنها تحكم بما يضاد ويناقض ما أنزل الله ، وهي حين تفعل ذلك فإنها لا تفعله في الفراغ ، وإنما في واقع مجتمعي حي ومعاش ، ومؤدي ذلك تجهيل المجتمع بالضرورة .
وبالتالي يصبح هذا المجتمع في حاجة ملحة إلي وجود هذه الجماعة لتنقيته مما فيه من جاهلية ، والعمل علي إزالة الأنظمة التي تعيق عودة الإسلام إلي المجتمع وعودة المجتمع إلي الإسلام ، وبالقطع سينطبق ذلك علي كل نظام ما دام أنه قد آتي من خارج إطار الجماعة حتي ولو أعلن تطبيق الشريعة ، لأنه لا جدارة لأي نظام بخلاف ما تفرزه الجماعة . فالمقصد إذن ليس الشريعة ، وإنما السلطة ، لأنه لو كان المقصد هو الشريعة لما شغلنا أنفسنا بمن يحكمنا بها ، وفي ذلك يقول البنا : " إن الحكم من منهاجهم ـ أي الإخوان ـ وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة ، لا تنفذ أوامر الله " [ المؤتمر الخامس ـ الرسائل : 273 ] . بل إنه يعتبر أن القعود عن المطالبة بالحكم جريمة لا تغتفر ، وفي ذلك يقول : " إن قعود الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة ، لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف " [ المؤتمر الخامس ـ الرسائل : 272 ] . ولن يقف الأمر عند حدود المطالبة وحسب ، بل إنه سيمتد إلي استخدام القوة  ، وهو ما نشاهده هذه الأيام ، يقول البنا : " إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية ، حيث لا يجدي غيرها " [ المؤتمر الخامس ـ الرسائل : 272 ] . ثم يحدد البنا المقصود بالقوة العملية بأنها قوة العضد والسلاح . وفي ذلك أبلغ رد علي من يشككون في حمل الإخوان للسلاح . ولنتقدم خطوة للأمام لنري التأصيل القطبي لمنهج الإنقلاب الإخواني وهو يسير في ذات الدَّرْب الذي أنشأه ومهَّد له وعبَّده البنا ، يقول سيد قطب : " وقيام مملكة الله في الأرض وإزالة مملكة البشر ، وانتزاع السلطان من أيدي غاصبيه ، من العباد ، وردَّهُ إلي الله وحده ، وسيادة الشريعة وحدها ، وإلغاء القوانين البشرية ، كل أولئك لا يتم بمجرد التبليغ والبيان ، وإلا فما كان أيسر عمل الرسل في إقرار دين الله في الأرض ، وهذا عكس ما عرفه تاريخ الرسل وتاريخ الدين علي مر الأجيال " [ الظلال ـ 1434 ] . إذن فالتبليغ والبيان من وجهة نظر سيد قطب لا يكفيان لقيام مملكة الله في الأرض ، والمطلوب هو إزالة الأنظمة ، وانتزاع السلطان . يقول قطب : " إن الإسلام ، كما قلنا إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد ، فهو يهدف إلي إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم علي أساس حاكمية البشر للبشر وعبودية الإنسان للإنسان " [ الظلال ـ 9 / 1435 ] . فمن ذا الذي يمثل الإسلام ، ويمثل يده الباطشة التي تزيل الأنظمة ، وتنتزع السلطان فيما بعد عهد النبوة ؟ . لا شك أن الفكر الإخواني يقصي فصائل وجهات أخري ، لها رأي مخالف لرأيهم ، فيما يتعلق بقضية الحاكمية والجاهلية التي تحاكم بها الأنظمة والمجتمعات الإسلامية . وهم لا يمتلكون الحقيقة المطلقة التي تؤهلهم لإطلاق هذه الأحكام باسم الإسلام . تلك هي الطبخة المسمومة التي قدمها مؤسس الجماعة ومن تبعه من منظريها لشباب مصر ، فكانت تلك النتائج النكدة التي تعاني منها مصر الآن . ولا محل للخروج من نفق هذه الأفكار إلا بالرد علي أطروحات هذا المنهج المسموم بياناً وحركة .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.