أوكرانيا بالعربية | المكتبة البديرية...كنز لا يقدر بثمن ...بقلم د. نوفل حمداني
كييف/أوكرانيا بالعربية/مدينة القدس.. مدينة الجمال والكمال..مدينة المحبة و السلام، جمعت في طياتها التريخ و الحضارة، و إنطوى تحت رايتها و على مرور السنين رجالات الدين و العلم والسياسة.
تتميز مدينة القدس بعدد من المكتبات التي تأسس أغلبها عن طريق أعلام عرفوا في زمانهم بالحنكة والعلم والثقافة، وإلمامهم بأمور دنياهم ودينهم حينها، فدأبوا على جمع الكتب و كتابة المذكرات..
واليوم في هذه المكتبات تجد العشرات، بل المئات من المخطوطات و الكتب تعود لعائلات مقدسية قطنت القدس، ومن بينها المكتبة البديرية، والتي يعود تأسيسها إلى الشيخ العلامة الجليل الراحل محمد بن بدير المتوفى بالقدس سنة 1220هـ.
المكتبة البديرية تقع في الطابق الأرضي من الزاوية الوفائية والتي تحد باب الناظر في البلدة القديمة. معظم مخطوطاتها هو حصيلة ما جمعه الشيخ محمد بن بدير بن محمد بن محمود بن حبيش الشافعي المقدسي الشهير بابن حبيش، إضافة إلى ما يجمعه أحفاده العاملون على صيانة المكتبة و مواصلة فتح أبوابها رغم كل المصاعب التي تواجههم.
ورغم إغلاقها لمدة طويلة تجاوزت الثمانين حولا, إلا أنها عادت ومنذ عام 2003، لتقوم بأداء واجبها في إحياء الحركة العلمية إتجاه المهتمين والمثقفين والزوار
ويعود السبب في إنشاء المكتبة، إلى أنه كان للمرحوم "الشيخ محمد بن بدير" حلقة دراسية في المسجد الأقصى، إذ كان له مكرمة عبارة عن باب خاص يستخدمه للدخول إلى المسجد الأقصى والخروج منه متى شاء. وعندما اكتشف أن طلبته لا يكتفون بما ينهلون من العلم , قرر أن يشغل بيته لطلبته؛ فزودهم بالمراجع الإضافية التي تمكن هؤلاء الطلبة من استكمال أبحاثهم إضافة إلى الكتب والمخطوطات التي لا تقدر بثمن، تحتوي مكتبة البديري على أعدادٍ كبيرة من الدشت- وهي مجموعة أوراق ومخطوطات متفرقة إضافة إلى جرائد يعود تاريخها إلى بدايات القرن الماضي ومنها على سبيل الذكر لا للحصر جريدة فلسطين سنة 1921 التي كانت تصدر في يافا، وجريدة الحقيقة سنة 1923 وتطبع في بيروت، وجريدة البلاغ سنة 1914 ومصدرها بيروت، وجريدة اللفائف المصورة عدد من سنة 1916 كانت تصدر في القاهرة، وجريدة النصير التي كانت تصدر في بيروت والعدد الموجود في المكتبة مؤرخ 1913
ناهيك عن ذلك فإن المكتبة تتوفر على كتب نسخها قديم، وكتب بنسخ مؤلفها، ومخطوطات موقوفة على جوامع ومساجد، و كتاب مكتوب بماء الذهب و هو كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي..فلو فتحت الكتاب ستجد تاريخا لا يمحوه الزمن. و هو من أجمل الكتب، مكتوب على أول صفحاته "وقف للفقير محمد البدير على أولاده و أولاد أولاده وطلبة العلم بالقدس، ومقره الخلوة بداره الملاصقة للمسجد الأقصى الشريف"
إضافة إلى هذا وذاك يرقد الشيخ بدير رحمة الله عليه في إحدى غرف المكتبة، كما وتتوفر المكتبة على شجرة للعائلة
ويقوم بإدارة المكتبة أحفاد الشيخ بدير، حيث تطوّعت السيدة الفاضلة شيماء البديري لتكون أمينة المكتبة ويلازمها في إدارة المكتبة الأستاذ عادل البديري متولي وقف جدّه المرحوم محمد بدير ومدرس اللغة العربية في مركز دراسات القدس, وهما يقومان بخدمة وتطوير المكتبة وتنشيطها، إضافة إلى مساعدين لهما من آل البديري .
و يمكن القول أن عائلة البديري لها صاع كبير في العلم، واليوم نجد حملة رسالة جدهم رحمه الله في عدد من دول العالم..فالرحمة للشيخ البديري وجعل الرحمن وقفهم في ميزان حسناته و الشكر الجزيل لكل العاملين على إحياء تاريخ و تراث فلسطين والقدس الشريف.
كتبه: د. نوفل حمداني
رئيس المركز العربي في أوكرانيا
رئيس مجلس الأقليات في محافظة زاباروجيا الأوكرانية
المصدر: أوكرانيا بالعربية