أوكرانيا بالعربية | الجنس في ميزان علم النفس بشهر رمضان... بقلم د. نوفل حمداني
كييف/أوكرانيا بالعربية/ لعل للصوم آثارا إيجابية على الجهاز العصبي والنظام الداخلي النفسي، في تقوية الإرادة والصبر، واللذان يعتبران نقطة ضعف في هذه الفترة من السنة لدى المؤمنين و المتعبدين من المسلمين، والذين يؤدون شريعة الصوم خلال شهر رمضان...خاصة وأن الجهاز العصبي والدماغ يعملان بطريقة أبطء-إلى حد ما- عن العادة..لأن جسم الإنسان لا يتلقى بشكل دوري كميات وجرعات يحتاجها من الماء والغذاء...
من جهة، فإن الطب النفسي يرى في هذه الفترة الزمنية فرصة في مواجهة الكثير من المشاكل النفسية ذات تأثير جانبي غير كبير على الصحة العامة للإنسان، على سبيل المثال بعض حالات الإكتئاب، أو القلق أو حتى التعرق المستمر الذي ينتج عن زيادة نشاط العصب "السيمبثاوي" في أجزاء عدة من الجسم كتعرق اليد والإبطين و القدمين...أو حتى بعض حالات الإدمان وغيرها...
من جهة أخرى فالعلاقات الجنسية – وهي حديثنا في هذا المقال- بكل أشكالها تمنع خلال فترة الإمتناع عن الأكل والشرب..
لكن ممارسة الجنس في شهر الصيام –في حدود ما يبيحه المشرع- أمر طبيعي جدا...فالدين لا يمنع الممارسة الجنسية طوال الفترة المسموح بها، إحتراما وتقديما لطقوس دينية وجب إتباعها بما ذكره المشرع ...
وهنا لن أتدخل في باب أنا لست بعالم به، إلا أن المشرع مهد للعلاقات الإنسانية-الحميمية- حتى في وقت الصيام "التعبدي- كالتلامس، والقبلة، والعناق..إلخ، وهذا حسب ظننا جزء من الترويض النفسي للغريزة البشرية، وهو يدخل في باب المستحسن..إذ لم يمنع المشرع قطعا الجنس وأشكاله في الشهر الفضيل، إنما قننه.. وإجابة عن سؤال وصلني عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، حول الجنس، و وقت ممارسته خلال الشهر المقدس، أقول... من المعروف بمكان أن الإفطار هو على الأغلب الوجبة الأساسية للصائم الذي توقفت أعضائه الداخلية بشكل تقريبي عن العمل في فترة زمنية أقلها 14 ساعة..أي توقف شبه كامل للإفرازات المعوية و عصارة المرارة ... وحين يبدأ الإفطار يبدأ عمل الجهاز الهضمي، فترتفع بشكل أو بآخر نسبة السكري في الدم، وبالتالي يشعر الإنسان بعد الأكل بالتعب والرغبة في النوم و غيرها
وهنا لا ينصح أبدا ممارسة الجنس – المسموح حسب المشرع- بعد فترة الإفطار، خاصة و أن الممارسة تحتاج إلى مجهود عضلي وعصبي قد يسبب بعد ذلك بعض المشاكل غير المحمودة، بداية من مشاكل الجهاز الهضمي (عكس ما يعتقده العامة في أن الممارسة الجنسية تؤدي إلى سرعة الهضم، أو التخفيض من الوزن...)... و حتى يؤدي في الغالب إلى مشاكل جنسية بحثة –مؤقتة – تؤدي إلى عدم نجاح المحاولة الجنسية، كضعف الإنتصاب عند الذكور، أو الإرتباك النفسي أو حتى عدم بلوغ الذروة عند الإناث .. لذا فيفضل أن يتريث الراغب -من الجنسين- إلى فترة ما بعد الإفطار بثلاث ساعات على الأقل ... ليتمكن من إسترجاع قدرته الكاملة و توازن المعادلات الكيميائية داخل الجسم.. من جانب آخر، فأنه يلاحظ وبشكل كبيرعند الكثيرين وجود رغبة الجنسية خلال فترة الجوع نهارا، بسبب إفرازات الأندورفين وبعض الأفيونات العصبية... هذه المواد طبيعية، وإفرازها أمر عادي جدا .. الا أن الإنسان يجب أن يأخذ حيطته لعدم إبطال صومه وعدم الإنصياع لرغباته في يوم الصيام ..
ملاحظة هامة- فإنه يمكن أن تفرز هذه المواد أيضا بشكل كبير في فترة تعاطي الكحول مثلا.. لذا فنرى ال "مخمر" له رغبة في ممارسة الجنس – هذا للمثال فقط لا الحصر.
هنا أتوجه إلى كل الأصدقاء والقراء بأن يتبعوا نظام غذائي –متوازن- خلال فترة الإفطار، و عدم شرب مواد غازية أو مركبات كيميائية، وأن يقللوا من المعجنات بكل أشكالها ... كما أنصح بعدم إرهاق الجسم بشكل كبير بالرياضات أو بالنشاطات الجسدية التي قد تكون سببا في إرهاقات عصبية أو نفسية مستقبلية..
للراغبين في طرح أسئلة أو غيرها، فأنا جاهز دائم للرد ...فأهلا وسهلا بالجميع.
رمضان كريم، وحياة طبيعية أتمناها لأعزائي في أوكرانيا وخارجها...ودمتم سالمين
د. نوفل حمداني
طبيب نفساني، أخصائي نفسي في الأمراض الجنسية
رئيس المركز العربي في أوكرانيا
رئيس مجلس الأقليات في محافظة زاباروجيا