أوكرانيا بالعربية | الجامعات والإخوان... بقلم هيام محي الدين
كييف/أوكرانيا بالعربية/خططت الجماعة قبل بداية الدراسة والجامعات لإثارة الشغب داخل المؤسسات التعليمية هادفة لإظهار عجز الحكومة والنظام الذي نحاهم عن الحكم تنفيذ لإرادة شعبية كاسحة ؛ وكانوا يعرفون جيداً أن توقف أو ارتباك العملية التعليمية في المدارس والجامعات سوف يؤثر بصورة حادة على كل بيت في مصر وكانوا يأملون أن يستعيدوا بعض ما فقدوه من التعاطف الشعبي من خلال هذا التخطيط ، وتم حشد طلاب الجماعة وبعض المعلمين والأساتذة المنتمين إليها ، وبالقطع تم أيضاً تمويلهم مادياً ورسم خطط وتحديد زمان ومكان التظاهر وكيفية استخدام الوسائل التي تظهر للعالم الخارجي قدرتهم على الحشد والتأثير بدءا من الهتافات المستفزة واللافتات والملابس التي تحمل شعارات رابعة وصولاً إلى المولوتوف والخرطوش والتخريب وافتعال المشاجرات التي تؤدي إلى سقوط ضحايا يتاجرون بدمهم إعلامياً.
كان هذا هو تخطيطهم بعد أن أحسوا بأن مظاهرات الشوارع والميادين قد أغلقت في وجوههم نتيجة الرفض الشعبي والحزم الأمني فكان تخطيطهم أن ينقلوا نشاطهم إلى داخل المؤسسات التعليمية ، خاصة أن التواجد الأمني داخل هذه المؤسسات شديد الهشاشة ، وبعيد عن سلطة الدولة خاصة بعد إلغاء الحرس الجامعي التابع للداخلية من الجامعات ، وعدم وجوده أصلا بالمدارس ومثل كل الخطط التي وضعها ونفذها تنظيم الإخوان عبر تاريخهم منذ نشأة الجماعة عام 1928 كان هذا التخطيط يتسم بالتنطع والغباء ويؤدي دائماً إلى عكس ما يقصدونه منه.
وقد خسروا الجولة مبكراً في المدارس ومؤسسات التعليم قبل الجامعي والجامعات والمعاهد الخاصة فقاموا بالتركيز على جامعات محددة لهم فيها بعض الكثافة مثل جامعة الأزهر وجامعة الزقازيق وبعض كليات جامعة المنصورة وجامعة القاهرة ووصلت مشاغباتهم إلى ذروتها في جامعة الأزهر حين خربوا ودمروا مبنى إدارة الجامعة ومكتب رئيسها ؛ مما جعل البعض يفكر في إعادة الحرس الجامعي التابع للداخلية مرة أخرى والذي ناضل المصريون نضالاً سياسياً وقضائياً مضنيا لإلغائه وتحقيق استقلال الجامعات وقدسية الحرم الجامعي وعدم تبعية الجامعات لمؤسسات سلطوية خارجها مثل كل جامعات العالم المتقدم لتؤدي الجامعة وظيفتها التعليمية والبحثية والتنويرية بموضوعية وحياد علمي لا تمليه سلطة الدولة وتعد عودته إلى داخل الجامعة مرة أخرى ردة إلى عصور الدولة البوليسية والسيطرة الأمنية للنظام الحاكم على الفكر والإبداع والرأي والبحث العلمي ؛ فكأن شغبهم الغبي سيصبح حجة للعودة إلى الوراء مما نفر منهم قطاعا كبيراً من أساتذة الجامعة وطلابها الذين ناضلوا طويلاً لتحقيق استقلال الجامعات ، كما كشف مخططهم الغبي الحجم الحقيقي لهم بين طلاب الجامعة وأعضاء هيئات التدريس بها وظهر جليا مدى ضآلة هذا الحجم بالنسبة لعدد طلاب كل جامعة وعدد أساتذتها كما كشف عن عجزهم الكامل عن وقف الدراسة أو تعطيلها بأي من الجامعات أو الكليات التي تظاهروا داخل حرمها كما فشلوا في إثارة اشتباكات تؤدي إلى سقوط ضحايا بأعداد يمكن استغلالها إعلامياً لمهاجمة النظام وأجهزته الأمنية نتيجة لوعي غالبية الطلاب والأساتذة بأهدافهم فلم يعيروا استفزازاتهم اهتماماً يذكر فأصبحت مظاهراتهم وهتافاتهم وأعلامهم مثل زوبعة في فنجان مما جعلهم يلجئون للعنف والتخريب والتدمير لجذب الاهتمام ولفت النظار لوجودهم ، وقد انعكس ذلك عليهم ، بتأصيل رأي عام رافض لهم ؛ ومناهض لتخريبهم وتشويههم ، واتضح حتى للمراقب المحايد أن الجماعة خسرت الجولة في الجامعات وأضرت بأعضائها والمتعاطفين معها سواء من الطلاب أو الأساتذة وعرضتهم بعنفها للعقوبات الجنائية والتأديبية وتهديد مستقبلهم التعليمي والوظيفي.
لقد أثبتت مخططات الجماعة عبر تاريخها ، مدى الغباء في التخطيط والتطرف في الفكر والفساد في الرؤية ويكفي أن ننظر إلى اختياراتهم للشعارات التي تعبر عنهم مثل شعار رابعة الذي ينم عن مدى انحطاط الذوق الفني ومدى جمود الرؤية السياسية فبدلاً من أن يستخدموا ميدان نهضة مصر وتمثال محمود مختار مثلاً كشعار ؛ كان يمكنه أن يصنع لهم تعاطفاً وينسب إليهم وطنية تغلب فكرهم المناهض للوطن والوطنية وتعلقوا بإشارة " أردوجان " بالأصابع الأربعة التي توحي بالنقص والعجز ووضعوا لها ألواناً مجافية للذوق فاللون الأصفر يرمز للغيرة والكراهية واللون الأسود يرمز للحقد والهم ، مما يؤكد ليس غباءهم الفكري فقط ولكن انحطاط تذوقهم الفني أيضاً وليس بخاف على أحد أن مبدأ السمع والطاعة الذي غسلت به عقولهم يجعلهم ينفذون ما يؤمرون به دون تفكير أو مناقشة ، أما المجموعة المؤثرة في حشودهم والتي تستخدم العنف وتحمل السلاح فهم عناصر مستأجرة ممولة للقيام بهذه الأعمال ، وتجفيف منابع تمويلها يكفي تماماً لإخراجها من الصورة.
إن حلم الجماعة الخرافي بأنها ستعيد رئيسها المعزول المتهم بجنايات تصل عقوبة معظمها إلى الإعدام وأن تكره الشعب المصري على أن ينصبهم حكاماً له بالقهر والإرهاب وأن يسيطروا ثانية على مجتمع يرفضهم ومؤسسات فشلوا في أن يفرضوا عليها تخلفهم وفشلهم حين كانوا في قمة السلطة فخسروا القضاء والإعلام والجيش والشرطة والمثقفين ؛ يدل على أنهم لا يعيشون معنا على هذه الأرض ولا يحيون في هذا الزمان ؛ وحين يدركون خرافية حلمهم الكابوسي واستحالة تحقيقه سيكون الوقت قد فات ، وانتهت أسطورة جماعة الإخوان ؛ وسيظل التاريخ يذكرهم كمثال لما يفعله الغباء وإلغاء الفكر.
هيام فوزى محى الدين
كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية
المصدر: أوكرانيا بالعربية