كييف/أوكرانيا بالعربية/على مدى فترة تقارب الأسبوعين نصب الآلاف من مختلف أرجاء أوكرانيا خيامهم في أجواء باردة بميدان الاستقلال. ومن المثير أن ترى هؤلاء الناس وهم يقفون إلى جانب رؤيتهم حول مستقبل أوكرانيا كدولة حرة وذات سيادة وديموقراطية ولها صلة أمتن بالاتحاد الأوروبي وعلاقة إيجابية تتسم بالاحترام المتبادل مع روسيا.
وهذه رؤية أراها أنا بدوري. وَمَثَلِي مَثَل العديدين في أوكرانيا فقد أصبت بخيبة الأمل والإحباط من قرار الرئيس يانوكوفيتش قبل انعقاد قمة فيلْنيوس بوقف الاستعدادات لتوقيع اتفاقية الشراكة أو الارتباط بالاتحاد الأوروبي.
وفي الأجل الطويل سيزداد الناتج الإجمالي لأوكرانيا بأكثر من 6%. وسيؤدي فرض رسوم جمركية أقل قيمة واشتداد المنافسة إلى خفض الأسعار مما سيسمح بزيادة الاستهلاك العائلي بما يصل إلى 12%. وسترتفع الأجور. وسيتيح تنسيق تشريع وإجراءات المشتريات العامة فرصا للشركات الأوكرانية كي تشارك على قدم المساواة في تنفيذ المشروعات العامة بالاتحاد الأوروبي وتقديم الخدمات التي تطرح في عطاءات على مستوى الاتحاد الأوروبي والمنطقة وأيضا على المستوى الوطني. وذلك ما من شأنه أن يشكل سوقا شاسعة. ولا أحد يلمِّح إلى أن هذا التغيير سيكون سريعا وسهلا.
وارتفع متوسط العمر من 71 عاما إلى 76 عاما. إن الإصلاحات التي يدعو لها الاتحاد الأوروبي ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة لبناء دولة أوكرانية حديثة ودينامية وأقدر على حماية ودعم شعبها. إن تطوير علاقة الاتحاد الأوروبي بأوكرانيا يتطلب وجود علاقة إطمئنان إيجابية واستراتيجية وثقة متزايدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وروسيا.
فهناك عدد من المحتجين ممن وضعوا قيد الاعتقال التحفظي في حين لم يُتخذ أي إجراء ضد المسؤولين عن عنف الشرطة. إننا وشركاءنا الدولييين لانزال ندعو حكومة أوكرانيا إلى اتخاذ الخطوة الأولى وإظهار أنها تتفهم مشاغل وهموم مواطنيها والدخول في حوارات بناءة لاتستثني أحدا لإيجاد سبيل سلمي إلى الأمام.
إننا نريد أن نرى أوكرانيا مستقرة ومزدهرة وآمنة في جوارها. وسيظل الاتحاد الأوروبي ملتزما ببناء علاقات أقوى ليس فقط مع أوكرانيا ولكن أيضا مع بلدان أخرى في المنطقة.
إن مايحدث مهم وحيوي ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا ولكن لمستقبل القارة الأوروبية. فمنذ نهاية الحرب الباردة ظلت بريطانيا الصوتَ القائد في مساندة (فكرة) توسيع الاتحاد الأوروبي ليشمل بلدان وسط وشرق أوروبا وتوثيق الروابط مع الجيران الشرقيين الآخرين. إننا نلتزم بتلك الرؤية. فهي أفادت أوروبا كلها.
إننا نريد إصلاحا للاتحاد الأوروبي لعدة أسباب منها أن الاتحاد سيكون بذلك الإصلاح أفضل من نموذجه الحالي في إدارة تحديات التوسيع. إن أوكرانيا بلد أوروبي مهم ولديه القدرة على لعب دور مؤثر وإيجابي إقليميا ودوليا على السواء.
وفي مصلحة كل أحد أن تكون أوكرانيا مستقرة ومزدهرة ومستقلة. إنني لا أزال مؤمنا بأن اتفاقية الشراكة هي أفضل طريقة لتحقيق هذا المستقبل الأفضل. ماهي تلك الفوائد (التي ستترتب عنها)؟ ستكون لدى الشركات الأوكرانية، بعد توقيع الاتفاقية بمنطقة تجارتها الحرة العميقة والشاملة، قدرة أفضل في الوصول إلى سوق تتشكل من أكثر من 500 مليون مستهلك.
إننا ندرك أن شعب أوكرانيا يواجه تحديات اقتصادية طاغية في المدى القصير. ويمكن أن يكون التحول الاقتصادي مؤلما. ولكن تجارب بلدان وسط أوروبا أظهرت أن (خطوات) الإصلاح الاقتصادي وتبني القيم الأوروبية ومبادئ الشفافية والحكم الحكيم وحترام حقوق الإنسان وحكم القانون تأتي كلها بالازدهار وبمستقبل أفضل. ففي بولندة، زاد نصيب الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي من 2406 دولارات في عام 1991 إلى 13463 دولارا في عام 2011.
إنني أدرك أن لدى روسيا مصالح قوية ومشروعة في إقامة علاقات مستقرة مع جيرانها. ولكن روسيا لايمكنها إملاء شروطها لهم. كما أن روسيا ستستفيد أيضا من النمو والتحديث الاقتصادي لهؤلاء الجيران وأيضا من توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. ولاتوجد معادلة صفرية هنا.
فالخيار ليس إما روسيا أوالاتحاد الأوروبي. إنه يتعلق بأن تجد أوكرانيا موضعها الحقيقي والمستقر في (خارطة) السياسة الأوروبية. لقد كان الأسبوعان الأخيران عاصفين ويتسمان بقدر كبير من التوتر. ونحن نحتاج الى أن نتحرك إلى الأمام الآن.
إنني أرحب بالتزام الحكومة الأوكرانية بإجراء تحقيق شامل حول عنف الشرطة. ولكن يجب أن تتصف هذه التحقيقات بالدقة والنزاهة. ومن الواجب أن تبدأ قريبا.
يجب على الأوكرانيين بمختلف رؤاهم السياسية العمل معا. وهذا هو وقت القيادة لمعالجة الفساد والتعامل بجدية مع حكم القانون والشفافية والمحاسبة, هذا هو وقت بناء الديموقراطية الحقيقية التي يدعو لها شعب أوكرانيا.
لقد وقعت كلُّ من جورجيا ومولدوفيا بالأحرف الأولى على اتفاقيتي الشراكة الخاصة بهما مع الاتحاد الأوروبي في قمة فيلنيوس. وسنساعدهما في المضي قدما والتوقيع النهائي على الاتفاقيتين وإجازتهما.
ترجمة قاسم مكي عن صحيفة التلغراف البريطانية