أوكرانيا بالعربية | الابراهيمي يقرع ابواب دمشق نادما طالبا غفران خطيئته الكبرى... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/يحط السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي (لم يعد مبعوثا عربيا) الرحال في العاصمة السورية الاثنين في اطار جولاته المكثفة لتهيئة الارضية لانعقاد مؤتمر جنيف الثاني، ولكن من غير المضمون ان يلتقي الرئيس السوري في زيارته هذه التي تأتي بعد قطيعة استمرت ستة اشهر تقريبا.
الرئيس الاسد قال في مقابلته الشهيرة مع قناة "الميادين" انه لا يوجد اي مانع يحول دون ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة اذا تحدد موعدها (من المؤكد انها ستؤجل هي الاخرى) مثلما لمح الى انه يمكن ان "يغفر" للسيد الابراهيمي خطيئته التي ترتقي الى "ام الكبائر" شريطة ان يلتزم الحياد، اي ان يكف عن تبني مطالب المعارضة، واصدقاء الشعب السوري بضرورة تنحيه، رغم ان هؤلاء الاصدقاء تراجعوا عن هذا المطلب في اجتماع لندن الاخير.
***
الاهتمام الامريكي بالملف السوري يتآكل بسرعة، وادارة اوباما باتت اقرب الى الرئيس الاسد من المعارضة والدول العربية الداعمة لها، فاهتماماتها باتت منصبة على جنوب شرق اسيا وافريقيا، واعتمادها على نفط الخليج يتراجع بسرعة بفضل اجراءات توفير استهلاك الطاقة اولا والنفط والغاز الحجريين ثانيا، مضافا لذلك انها لا تريد حروبا تلبية لطلبات حلفائها المذعوريين من ايران وحزب الله، ويريدونها ان تكون مثل كلاب الحراسة.
ممثلو المعارضة السورية قالوا انهم لن يجلسوا مع الاسد على مائدة الحوار في جنيف او غيرها، ولن يشاركوا في مؤتمر تحضره طهران، ولن نستغرب اذا ما قال لهم كيري في المستقبل القريب جدا، افعلوا ما شئتم، او بلطوا البحر، سنجد البديل عنكم ومثلما استبدلنا الائتلاف الوطني بالمجلس الوطني سنجد من يستمع الينا وما اكثرهم.
هناك ثلاث قوى رئيسية على الارض، النظام والجماعات الجهادية والجيش السوري الحر، والثلاث لا تعترف او معظمها بالائتلاف الوطني، بل ان اعضاء في قيادة الائتلاف انشقت عنه، وبالامس اعلنت 19 جماعة اسلامية مقاتلة اخرى بقيادة صقور الشام عدم اعترافها بالائتلاف، وتلى ممثلها السيد احمد عيسى الشيخ بيانا اعتبر المشاركة في مؤتمر جنيف 2 خيانة عظمى يستحق من يقدم عليها المثول امام المحاكم الشرعية بهذه التهمة التي عقوبتها الاعدام.
اصابع امريكا وارجلها احترقت في افغانستان فقد تحالفت مع بعض هذه الجماعات وسهلت عمليات تسليحها وتدريبها لاخراج القوات السوفيتية من افغانستان، الهدف تحقق فعلا لكن هذه الجماعات انقلبت عليها البلدان الخليجية التي مولتها، وباتت الخطر الاكبر على الغرب وما زالت وافسدت مشاريعه في المنطقة، الآن هناك في امريكا من لا يريد تكرار هذه الخطة، فماذا سيحدث في السعودية والاردن ولبنان بل وفي اسرائيل اذا عادت هذه الجماعات بخبرة عسكرية قتالية متطورة الى بلدانها؟
المملكة العربية السعودية تجد نفسها هذه الايام تخوض حربا بالانابة ضد ايران في سورية، ربما تطول لسنوات او لعقود دون مساعدة الحليف الامريكي الذي خذلها بالحوار مع خصمها الايراني، واعطى الشرعية لنظام الاسد التي تريد اطاحته بأي طريقة ممكنة، الخذلان الامريكي بدأ يطل برأسه عندما طلبت السلطات السعودية من حليفها الامريكي ان يزيد عدد السفن الحربية في الخليج في ذروة اقتراب الضربة العسكرية الامريكية للاسد بسبب استخدامه اسلحة كيماوية ضد شعبه فجاء الرد الامريكي باردا: لا نملك سفن كافية لمواجهة اي انتقام ايراني ضدكم.
احتمالات عقد جنيف مطلع هذه العام مثلما قال السيد الابراهيمي شبه معدومة، ولعبة التأجيل ستظل مستمرة والشيء الوحيد شبه المؤكد ان نظام الاسد باق وبدعم من امريكا واوروبا تطبيقا للمثل الغربي الذي يقول "اذا لم تستطع هزيمتهم انضم اليهم".
ويقال ان الدكتور هيثم مناع رئيس هئية التنسيق السورية في الخارج شارك فيها، واتصلت به شخصيا للتأكد من هذه المشاركة لكن هاتفه كان مغلقا.
الحل العسكري مستبق من وجهة نظر اصدقاء سورية والحل السياسي غير ممكن لتباعد المواقف بين النظام والمعارضة والجماعات الاسلامية الجهادية تستعد لاعلان الحرب على الطرفين والعكس صحيح، وسيستمر الصراع، وسقوط الضحايا، وسيتقاعد السيد الابراهيمي، وسنستمر نحن وغيرنا في كتابة المقالات التحليلية، ونبحث عن زوايا جديدة، وسيذهب الجربا مثلما ذهب معاذ الخطيب ومن قبلهما برهان غليون والباقي لفهكم!
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي