أوكرانيا بالعربية | عام جديد اكثر دموية للاسف عنوانه المزيد من السيارات المفخخة والدول الفاشلة وراقبوا السعودية ولبنان... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/الظاهرة الامنية في عام 2013 واحداثه تتمثل في انتشار ظاهرة الطائفية وذوبان الحدود الفاصلة بين بعض الدول، وخاصة المثلث السوري العراقي واللبناني، وتحول معظم دول ما يسمى بالربيع العربي الى دول فاشلة تحكمها حكومات مركزية ضعيفة، ويمكن تحديد سورية، العراق، اليمن ليبيا، لبنان والسودان كأمثلة في هذا الخصوص.
ظاهرة التعايش بين الاقليات الدينية والعرقية والمذهبية مع الاكثرية، وبغض النظر عن ملتها او مذهبها سقطت في ظل الحروب المذهبية الدموية والقتل على الهوية، واتساع دائرة التكفير والتكريه للآخر في الجانبين.
ومن المفارقة ان الدول التي لم تصلها ثورات الربيع العربي كانت الاكثر استفادة من هذه الثورات، بينما الدول التي احتضنتها كانت الاقل استفادة والاكثر خسارة بالنظر الى حالة الفوضى وعدم الاستقرار وتآكل مؤسسات الدولة، والحروب الطائفية والانهيارين الامني والاقتصادي فيها.
ومن المؤسف ان النخب السياسية التي وصلت الى السلطة عبر صناديق الاقتراع فشلت في معظمها في تقديم النموذج البديل، واعماها الغرور في بعض الحالات عن التعايش مع الشركاء الآخرين واشراكهم في الحكم، وربما تشكل حالة تونس استثناء نسبيا في هذا المضمار.
ومن المفارقة ان طرفين اساسيين كانا المستفيد الاكبر من الثورات العربية دون ان يكون هناك اي تنسيق بينهما، وهما اسرائيل وتنظيم "القاعدة" والجماعات التي تتبنى ايديولوجيته، فالدولة الفاشلة وفرت الملاذ الآمن للجماعات الجهادية وليبيا وسورية والعراق واليمن كأمثلة، اما اسرائيل فجاءت استفادتها من خلال ضعف اهم ثلاث دول مركزية عربية وغرقها في حروب طائفية او انقسامات ايديولوجية، والمقصود هنا المثلث المصري السوري العراقي.
واذا كانت عودة موسكو الى الساحة العالمية كقوة عظمى بفاعلية من بوابة الازمة السورية هي من ابرز العلامات الفارقة في العام المنصرم، وانكماش الدور الاقليمي الامريكي في المقابل، فان العام الجديد سيشهد تغييرا في مواقف وسلوكيات دول اقليمية عديدة، على راسها المملكة العربية السعودية التي تخلت عن التحفظ المهادن واللعب من خلف الستار، وبدأت تقدم على مواقف وسياسات صقورية الطابع، واحتلالها مقعد القيادة في الازمة السورية، وتعاطيها مع الولايات المتحدة "بصرامة"، وتحمل مسؤولية اسقاط النظام السوري بمساعدة امريكا او بدونها سيكون من العلامات المهمة للعام المقبل. فالسعودية بدأت تطرق ابواب موسكو، وتقيم تحالفا مع فرنسا، وتكرس هيمنتها على مجلس التعاون الخليجي، وتشن حربا شرسة ضد حركة الاخوان المسلمين، وتدعم الانقلاب العسكري في مصر، وتدعم جماعات اسلامية في سورية.
***
العام الجديد سيشهد تصاعدا في الحرب الطائفية واتساعها جغرافيا، مثلما سيشهد ذوابا اكثر للحدود وامتداد الحرب السورية الى لبنان والاردن وربما الى دول الخليج، ولا نستبعد في الوقت نفسه ضعف مظلة مجلس التعاون الخليجي وخروج دول منها بشكل مباشر او غير مباشر بسبب الخلاف حول مسألتين الاولى العلاقة مع ايران، والثانية صيغة الاتحاد التي تتبناها القيادة السعودية كتطوير للمجلس.
الصورة قاتمة جدا للاسف، والعام المقبل ربما يكون اكثر دموية من الذي سبقه، والشهور الستة الاولى ستشهد احداثا مأساوية خاصة في سورية ولبنان، حاولنا ان نجد بقعة واحدة تبعث على التفاؤل من منطلق التوازن، وبيع الامل للقراء، ولكننا لم نجدها، ونقولها وفي القلب حسرة، وفي الحلق غصة.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية