الدراسة في أوكرانيا مالها و ماعليها (الحلقة الرابعة) بقلم محمد العروقي
كييف - اوكرانيا بالعربية/ ذكرنا في الحلقات السابقة ماذا يحدث للطالب بعد وصوله لاوكرانيا بفترة ، الغريب و الذي يحدث عند الاغلبية و لا اقول عند الجميع ، تجد ان الدوام لا يصبح في اولى الاهتمامات ، تجد ان الطالب تقريبا اصيب بمرض اسمه نوم النهار و سهر الليل، او بعذر اسمه المرض ليبرر الغياب المتكرر، كل هذا يؤدي الى غضب ادارة الجامعة،و تتبدل الصورة تماما من طلبة عرب مجتهدين، الى طالبة يعشقون النوم والغياب.
و من واقع معايشتنا لمسيرة الطالب عند قدومه الى اوكرانيا بحجة الدراسة، تتكشف بعض نوايا الطلبة ، فمنهم من ياتي واولى اهتماماته كيفية الوصول لاوروبا عن طريق اوكرانيا، و طالب اخر كيفية ايجاد فرصة عمل او مزاولة بزنس كما يطلقون عليها.
و من الاسباب الاخرى المريرة و المحزنة و التي ينقطع الطالب بسببها عن الدوام الدراسي ، هي نوعية المجموعة التي يتعرف عليها الطالب و نوعية الاصدقاء الذي اصبح الطالب جزءا منهم. بعد مرور فترة من الزمن تجد بعض الطلبة لا يعرفون شيئا عن برنامجهم الدراسي ليوم غد، و لكن ان سالته عن افضل المراقص (الديسكو)، فسيجيبك عن افضلها وينصحك باي ديسكو يمكن ان تقضي سهرتك الليلة،ناهيك عن قصة الحب الخيالية التي ينسجها الطالب لنفسه، فتجد ولعه بفتاة ما جعلته يركز جل تفكيره بها على حساب دراسته و دينه و اخلاقياته.وكأن اهله ارسلوه لاوكرانيا من اجل دراسة الحب و الولع و الغيرة و شرب الكحول و السهر في المراقص كل هذا من اجل ان يفرض اعجابه على حبيبة القلب. في احد الايام واثناء ذهابي للعمل لا حظت طالبا واقفا على باب الجامعة كل يوم في السابعة و النصف صباحا و تكرر الموقف اكثر من مرة ، سجلت اعجابي به كم هو مجتهد ياتي قبل بداية الدوام و قبل الجميع في سبيل تحصيل العلم ، و كنت انصحه دائما بان الاجواء باردة وعليه ان يثقل من ملابسه. بعد مرور ايام و تقريبا بعد شهرين اكتشفت ان له صديقة تعيش في شقة مقابل الجامعة و كان يغار عليها جدا، وكان وقوفه من الصباح من اجل مراقبتها فقط ، هل ستخرج من شقتها لوحدها ام مع عشيق اخر. سالتني في احد الايام احدى الطالبات الاوكرانيات في السكن الداخلي للطلاب و كان سؤالها بكل بساطة ، كيف يستطيع العرب ان يحبوا و يعشقوا من اول لقاء؟
فقلت لها ما الموضوع ؟قالت هناك طالب عربي لم يمض على وصوله سوي عشرة ايام فوجئت به يدخل غرفتي و يهديني قطعة شكولاته و يقول لي اني احبك؟قلت لها و باي لغة نطقها قالت لي بالروسية طبعا و لا يفهم غيرها. كيف يمكن ان يحبني و هو لا يعرفني و لم يعايشني و انا لا اعرفه؟ اجبتها بخجل نحن العرب عاطفيون و فقط اراد ان يسجل اعجابه. بحثت عن ذلك الشاب ووجدته دائم الوقوف في ممر السكن الداخلي و علبة السجائر بيده، ووجهه متوتر جدا و ينتظر و صول حبيبية القلب التي يعتقد انه يحبها. توجهت في احد الايام لزيارة بعض الطلاب الجدد في غرفتهم ، و كان لهم حوالي شهرين في البلد و تناولنا العشاء معا، و بدأت اوجه لهم النصائح و الارشادات و آلية الاستفادة، و لكنهم كانوا يقاطعون الكلام بدون ادب ، كي يعرفوا معني او ترجمة كلمة عاطفية، او كلمة ذات معان جنسية، فعلا انها صدمة خلال شهرين تجد طالب يعرف كم هائل من تلك الكلمات بالروسية اما الكلمات العلمية و الدراسية لا يعرف عنها شيئا، و المصيبة الادهى و الامر ان يتجادلون فيما بينهم لاثبات صديقة من الاجمل فيما بينهم و كيف ترك هذا تلك الفتاة و اخذها صديقه الآخر من بعده. نعم انها مصيبة!
القصص كثيرة و المأسي كثيرة ، و كل هذا عل حساب الوقت الذي يمر و الطالب لا يشعر به، و بين كل فترة و اخرى يتصل به الاهل و يؤلف لهم كم من المدرسات والمدرسين يحبونه و كم هم معجبون بذكائه الخارق وكيف استطاع تقديم الامتحانات بالعلامة الكاملة، ناهيك عن الموضة الجديدة للطلاب عن الحب عن طريق مواقع الانترنت و الترجمة الفورية من العربي للروسي بتلك المواقع. هذا شيء بسيط من واقع حياة طلابنا و ما خفي اعظم و اخجل من كتابته،فمن المذنب بذلك هل الجهة التي دعتك للدراسة، ام الجامعة و نظامها ، ام البلد و طبيعتها ، ام ضعف الطالب امام شهواته و عدم تقديره للمسؤولية. و لماذا هناك طلبه اخرون استطاعوا ان يحفروا اسمائهم من ذهب في جامعاتهم ،و كانوا محل فخر واعتزاز الاخرين ، هذا ما سنناقشه في الحلقة القادمة.
يتبع
المصدر : أوكرانيا بالعربية